اعتذر فقد ابتعدت اليوم عن همومنا اليومية ..السياسية منها والاجتماعية لأتحدث معك عبر مساحتي هذه ..لأقول لك انني افتقدك بحرقة ..وبأن رحيلك المباغت لم يكن رحيلا أبديا..كان رحلة لم ينقطع خلالها تواصلنا معا ..لقد رأيتك قرب سريري بعد إجرائي عملية جراحية ولمحتك تدارين دموع فرحك حين زارني الفرح ..سمعت صوتك يناديني حين تأخرت في زيارة قبرك ، وشعرت بلمستك الحانية حين احتجت إليك ..قفزت من نومي ذات مرة باحثة عنك وحين استغرب أولادي ذلك ..قلت لهم .."كانت معي ..ما زلت اشعر بدفء حضنها " ..
أمي ..تمر السنوات ومعها أعياد الأم فأغبط كل من لم تفارقه نعمتك ..كنت نعمتنا والجنة التي لم نشعر بروعتها الا حين ذقنا جحيم فراقك ...أتساءل أحيانا بمرارة ..كيف تسنى لك ان تدخلي الدنيا وتخرجي منها دون ان تفكري الا بنا ..أين كنت انت ؟..لم تبحثي عن نفسك يوما ولم نبحث عنك ..كنا نبحث عن ذواتنا فيك ونغرف من حنانك وطيبتك وعطائك دون ان نشعر انك بحاجة ايضا الى مقابل ..لم تطلبي منا يوما ذلك فهل كانت كلماتنا الحلوة او هدايانا هي المقابل ؟...كنت بحاجة الى اكثر من ذلك ..اذكر انك وقبل ان تغادريني بأسابيع ترددت كثيرا قبل ان تضعي رأسك بخجل على حجري كما كنت افعل دائما حين أزورك حتى بعد ان أصبحت أنا الأخرى أما ..كنت بحاجة الى حناننا ..الى إحساسنا بك ....لم تتقني فن البوح يوما فباحت به رغبتك الخجولة بالنوم في حجري ..يومها عبثت أصابعي في شعرك الباهت كما تعبث بشعر طفلتي الصغيرة فأحسست بتلذذك ووددت لو اغني لك تهويدة تمنحك غفوة هانئة كما كنت تفعلين معنا....
لماذا جعلت أولادك قبلتك وكنت تحومين حولنا كطير مذبوح ارهقه تعب السنين لتلبي رغباتنا ..لم تعتذري يوما او تتأخري عنا ..لماذا لم نتخيل يوما ان جسدك لم يعد قويا وان أعصابك لم تعد تصمد أمام أي طارئ ..اعتدنا ان نراك قوة ..عطاء دائم ووطن نلجأ اليه كلما شعرنا بقسوة الزمن ..
اذكر انك كنت تكذبين ايضا ..عندما كنت توزعين الطعام بيننا ولا يبقى لك الكثير منه فتقولين انك شبعت ، وعندما تشترين لنا الثياب ولا نرى لديك ثوبا جديدا فتقولين انك لا تحبين اقتناء ملابس كثيرة ..كنت ترغبين بكل ذلك ..الطعام اللذيذ والأثواب لكن رغبتك بها تتلاشى أمام اصغر رغبة لنا ..لماذا جعلت منا محورا تدور حوله حياتك فلم تحصلي يوما على حياتك ..لقد عشت حياتنا نحن ..حملت همومنا فكان كل من ينظر في وجهك يرانا فيه ..كنت تستمدين وجودك من وجودنا وسعادتك من ابتساماتنا ..اليوم ، اشعر وكأننا كنا نستمد وجودنا من وجودك وسعادتنا من ابتسامتك ..وحين رحلت عنا ..انفطر قلب وجودنا وحملت ابتساماتنا غمامة حزن ابدية ..
يعزيني اليوم والجميع يحتفل بعيد الأم انك لم تبارحي ذاكرتي ولا أحلامي ولا تفاصيل حياتي ..ما زلت معي فأنت وطني ولن أغادرك يوما فأمسي غريبة ..( من بعد عينج ييمة ) ..
عذرا.. انها أمي
[post-views]
نشر في: 21 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
زياد
بارك الله فيك
الشمري فاروق
ابنتي العزيزه شكرا لوفائك الرائع ولكاممتك الجميله شكرا لوفائك وهذا بعضالوفاء لتلك السيدة الجليله... لقد ابكيتيني رغم ال74 من سنين عمري بكيت كطفل يتذكر فراق امه هناك الكثير من المشتركات بين امهاتنا....الحب والحنان والتضحيه ونكران الذات فألف الف تحية