عندما يطرق أسماعنا مصطلح 5 نجوم يتبادر الى أذهاننا إن الموضوع الذي تم وصفه بهذه المفردة سيكون مثالياً حتماً وله مقومات ومعطيات خاصة جعلته يتفرَّد بهذا الوصف الرائع، وحقاً كانت مباراة (كلاسيكو) الكرة الأرضية أول من أمس الذي جمعت قطبي الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة تستحق ذلك الوصف ، بل يجب ألا تنضوي تحت طائلة الخمس نجوم لتكون حالها كحال ما انضوى تحت تلك الطائلة كونها حالة فريدة من نوعها ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نجد لها مثيلاً.
ليلة صاخبة رائعة عاشها العالم بأسره ولو أجرينا إحصائية بعدد الناس الذين تابعوا تلك المباراة قد تدخل تلك الليلة موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وما لفت انتباهي أن هناك أناساً بعيدين كل البعد عن ميدان كرة القدم لكنهم تابعوا تلك المباراة من صفارة البداية حتى النهاية بغض النظر عن هوية الفريق الذي يشجعونه، بل أنهم كانوا تواقين للمتعة والمتابعة الشيقة التي لفتت انتباه كل من تابعها وأتحدى من أغلق عينيه عنها ولو لبضع ثوانٍ لما احتوته تلك التسعين دقيقة من إثارة وندية ومتعة وفنون لم نألفها من قبل.
كأننا نتابع مسرحية جميلة أو فيلماً يُجسد قصة محبوكة الأحداث لا يمكن إغفال أي حدث فيها كي لا تضيع بقية الأحداث المترابطة التي من خلالها سنصل إلى نهاية المطاف التي تجعلنا سنغمض عيوننا بعدها كي لا نرى ما يشوش أنظارنا وتفكيرنا لروعة المخرج الذي أخرج لنا قصة دراماتيكية يصعب إعادتها مرة أخرى ، وهكذا كانت مباراة (الكلاسيكو) التي جمعت أجمل فريقين في العالم كونهما تمكنا من حبس أنفاسنا طوال وقت المباراة وبإمكاننا أن نتذكر أحداثها بالدقائق لأن كل دقيقة حملت لنا معها موقفاً ولمحة فنية أجمل من الأخرى ، وفعلاً مَن تابع تلك المباراة سيكون قد استمتع بفنون الكرة على أصولها خصوصاً إننا لم نشاهد مثل هكذا قمة كروية منذ زمن بعيد وبقينا ننتظر بفارغ الصبر (كلاسيكو) إسبانيا أو المانيا أو إنكلترا كي نستمتع بما نبحث عنه ، لاسيما أننا في حاجة الى تلك المتعة على الأقل لتنسينا ما ذهبت إليه كرتنا البائسة التي ما زالت تتدحرج بمكانها ما بين مـــدٍ وجزرٍ تحاول الخروج من عنق الزجاجة لترى النور الذي قـد يوصلها إلى شاطئ الأمان.
مباراة الريال وبرشلونة كانت بمثابة لوحة فنية رائعة ُخطت بأنامل رسام متخصص لا يستطيع إعادتها مرة ثانية لصعوبة التأمل والإلهام الذي لا يأتي سوى مرات معدودة قد يستثمرها للوصول إلى الحالة المثالية ، هكذا كان لاعبو الفريقين تعاملوا مع الكرة بكل حرفنة وكل رشاقة ولياقة وأناقة وداعبوها برفق لتفصح تلك المداعبة عن اهتزاز الشباك 7 مرات ومن أوضاع عدة تفردت لأن تكون الأجمل بتأريخ كرة القدم العالمية، والأجمل هو ذلك الإصرار والعزيمة لدى لاعبي الفريقين على مجاراة بعضهما بروح التحدي وعدم الاستسلام خصوصاً إن أحدهما يسجل ليرد الآخر بهدف التعديل والترجيح ومن ثمن يعود الأول ليعدل ومن ثم يتقدم لتنتهي المباراة بغض النظر عن نتيجتها لكنها ارتقت لتكون أجمل سمفونية تناوب على عزفها 22 عازفاً من أمهر عازفي العالم يتقدمهم الأرجنتيني ليونيل ميسي صاحب (الهاتريك) والبرتغالي كريستيانو رونالدو الذي لم يعرف الاستسلام إطلاقاً.
(كلاسيكو) 5 نجوم
[post-views]
نشر في: 24 مارس, 2014: 09:01 م