في يوم جريمة قتل زميلنا محمد بديوي، قتل من العراقيين، وحسب الإحصاءات الرسمية المتواضعة جدا، 32 قتيلا. وفي الأيام التي سبقت جريمة مقتله كانت أعداد القتلى كالتالي: الجمعة = 35، الخميس = 26، الأربعاء = 71، الثلاثاء = 30، الاثنين = 25، وفي يوم الأحد الذي تلى يوم قتله كان هناك 39 قتيلا. أما حصيلة الشهر الذي لم ينته بعد فهي قتل 788 عراقيا. كل هذا ولا رئيس وزراء لطم ولا نقيب انتفض ولا فرّاش في دولة القانون فتح فمه. أما الكتبة الطائفيون المطبلون للمختار فانهم يرون الحديث عن هؤلاء القتلى او مجرد ذكرهم جريمة لا تغتفر وعندهم متهم بالخيانة العظمى كل من يستغرب هدّة المالكي الأخيرة من اجل مقتل محمد بديوي في الوقت الذي كان صامتا جامدا في مكانه والناس تقتل بالآلاف.
هؤلاء، وفي مقدمتهم المالكي نفسه، أبناء بررة لتلك العقلية العربية التي تقسّم القتل الى صنفين: حلال وحرام. فالعرب "اشقاؤنا" ما كانت تهتز شعرة بضمائرهم يوم كان صدام يملأ بطن الأرض بأجساد أبنائنا ويدفنهم وهم أحياء. لكنهم أيضا يزعقون "الدم بالدم" لو ان أمريكيا قتل بقرة عراقية. لماذا؟ لان ذبح صدام لنا كان حلالا وذبح الامريكان لنا كان حراما. ان يقتل مواطن على يد كردي فهذا حرام وباطل. اما عشرات الآلاف الذين قتلوا منا في زمن الولايتين المشؤومتين فحلال حلال.
كم تمنيت ان لا أكون مضطرا لقول هذا لولا ان كاتبا مخبولا بحب المختار قد كتب أمس عن مقتل الشهيد محمد بديوي "لا شك ان الجريمة بشعة، وهي تختلف عن بقية الجرائم التي يرتكبها الارهابيون، لأن الارهاب يرتكبه أشخاص مجهولون وغير منظورين". يا سلام، على هذه الروح الإنسانية "الوثابة". عند هذا الكاتب الذي يدعي الإنسانية ان الضابط الكردي لو كان قد اطلق النار على شهيدنا من مكان خفي او كان قناصا مجهولا فالمسألة عادية جدا جدا! زين كاكا، والمدرب الكربلائي محمد عباس ألم يقتله معلومون؟ والذين القوا القبض على أربعة شباب من إعلاميينا يوم تظاهروا في ساحة التحرير وعذبوهم امام انظار الناس، هل كانوا مجهولين؟ بالمناسبة ليس القتل وحده جريمة فقد يكون قطع الأرزاق اشد جريمة من قطع الأعناق، مو؟
الى كل الذين يستكثرون علينا الحديث عن القتلى الذين راحوا ولا جريدة تعطلت ولا رئيس وزراء تحرك أقول لهم: كان الذي قبلكم من "أشقائنا" العرب قد سبقوكم لهذا الفضل الجليل. كانوا يوم كشف الأمريكان بأنفسهم عن جرائم التعذيب البشع في سجن "أبو غريب" لا يرضون ان نذكرهم بسكوتهم على جرائم تعذيب شعبنا، الابشع منها، في أيام صدام. أما نحن فسنظل نلعن القاتل دون النظر لجنسيته ونحتقر من يقصر في حماية أرواح العراقيين مهما كان دينه او مذهبه. فوالله لن تخف أرجلنا على حس الطبل ما دام هناك فاسدون ومقصرون ومستهترون بحياتنا يحكمون البلد.
قتل حرام .. قتل حلال
[post-views]
نشر في: 24 مارس, 2014: 09:01 م