TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ولاية ثالثة وإفلاس يا روما

ولاية ثالثة وإفلاس يا روما

نشر في: 24 مارس, 2014: 09:01 م

ليست لدي شهية كبيرة لاتصور حواراً متخيلا بين الدكتور خضير الخزاعي، وشيخ دولة "زرق ورق" تعرفونها، لو التقيا في قمة الكويت اليوم. ولكن قبل ان نتحدث عن هذا، اود ان اقول ان العراقيين يسمعون كل سنة ان معظم المحافظات والوزارات لم تكن موفقة في انفاق ميزانياتها المالية، وان الفلوس الكثيرة عادت الى الخزنة. لكن الغريب هذه السنة، ولأول مرة منذ سقوط صدام حسين، ان خزانتنا شبه فارغة. ما الحكاية، وهل انفقتم اكثر من اللازم هذه المرة؟
السيد عادل عبد المهدي يقول ان كل ما تبقى في حسابنا المصرفي او صندوقنا الوطني (دي اف آي) هو ٤ مليار دولار. اما نواب البرلمان فيقولون ان المصيبة اكبر ولم يتبق لدينا سوى ٦٠٠ مليون دولار. وهذا يعني ان العراق لم يتبق لديه حتى مصرف شهر واحد، لان مصروفنا الشهري هو ١٠ مليار دولار على الاقل (ولمن يشكك، يمكن ان يقوم بتقسيم الموازنة الكلية ١٢٠ مليار دولار، على ١٢ شهراً، والناتج ١٠ مليار).
وما يزيد الطين بلة ان ميزانية السنة الجديدة فيها نقص وعجز كبير (٣٠ الى ٤٠ مليار دولار). وحين تسأل: لماذا لا نمد أرجلنا على قدر غطائنا؟ ولماذا نكتب ميزانية فيها مصاريف اكثر من العوائد المالية؟ يأتيك جواب يصعب فهمه: معظم العجز هو لتغطية سلف طائلة ومصروفات بلا قانون، قام سلطاننا بصرفها خلال الاعوام الثمانية الماضية، خارج قانون الموازنات، وسبق للجلبي ان ملأ الدنيا صراخاً في التحذير من تراكمها! ولذلك اضطر السلطان للمجازفة بعجز كبير، انتظاراً لمعجزة تنزل من السماء فتسد الديون!
تخيلوا: التنمية متوقفة، والبناء فاشل، والامن منهار، والسلطان يريد ان يبقى على كرسيه ٤ سنوات اخرى، وفوق كل ذلك "نطلع مديونين"!
ولا قلب يخفق كقلوب العراقيين حين استرجاع مقولة مونتسكيو الشهيرة "لقد نجحت روما في الاحتفاظ بعظمتها ألف عام، لأنها نجحت في معرفة اذكى رجالها، ونجحت بوضعهم في الصدارة على الدوام". وتأثراً بمقولة المفكر الفرنسي الكبير هذا، فقد طردنا اهم خبرائنا الماليين، مثل سنان الشبيبي ومظهر محمد صالح، ولم يعد هناك كثير من الخبراء المطلعين، ليوضحوا لنا، كيف صارت جيوبنا خالية الى درجة اننا لا نمتلك مصروفاً شهرياً، من فلوس النفط الوفيرة!
وتأثراً بعظمة روما التي كانت تعرف كيف تختار اكثر رجالها حكمة وذكاء، ينشغل السلطان بإصدار مذكرات اعتقال وترتيب استبعادات للمرشحين المشككين بحكمته، ولأنه مشغول جداً، فقد قرر ارسال السيد خضير الخزاعي الى الكويت لحضور القمة العربية، وأيضاً لكسر وحشة نائب الرئيس الذي يجلس وحيداً في القصر الرئاسي منذ شهور طويلة!
وليست لدي شهية كبيرة لاتصور حواراً متخيلا بين الدكتور الخزاعي "وريث روما وحكمتها" وشيخ دولة "زرق ورق" تعرفونها. ولكن، ربما سيعتب شيخهم على دكتورنا، فيقول له الاخير: "لا عليك بكلام الاخ عبعوب، فنحن ايضاً وبسبب ظروف الجهاد المريرة، حصلت لدينا اخطاء، وبلدنا صار زرق ورق حقيقي، وشخصيا لم انجح كثيراً في ادارة وزارة التربية ولم احقق حلمي في اعادة بناء العقل العراقي، لكنني نجحت في رئاسة الجمهورية وكتبت ميثاق شرف صار بمثابة معجون للمحبة، الى درجة ان الجعفري نفسه اقتبس المصطلح وراح يردد مصطلح (معجون المحبة) في خطاباته عن الوحدة الوطنية".
اخيراً، ينشغل ساستنا هذه الايام بحديث عن مبعوثي دول مهمة الى العراق. الساسة يتفقون على ان رجال ايران واميركا "غاضبون" على تصرفات سلطاننا لانه "ما طلع براس خيط" لا من الانبار ولا من غيرها. لكن ساستنا يختلفون حول النتيجة ويسألون: ضعف خبرات السلطان وتخبطاته، هل تدفع واشنطن وطهران الى القبول باستبداله، ام تجعلهم يتمسكون به؟ يا روما؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ياسين عبد الحافظ

    بعد 2003 كان للسيد جلال طلبانى مؤتمر صحفى اذكر انه قال ما نصه(يريد الاميركان فترة انتقالية للعراق لمدة 4 سنوات, نحن نقول ان 8 سنوات ستكون افضل نعم 8 سنوات اذكر انه بعد 2003 وفى مؤتمر صحفى قال ما نصه(يريد الاميركان فترة انتقالية للعراق لمدة 4 سنوات ونحن نق

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram