ليست لدي شهية كبيرة لاتصور حواراً متخيلا بين الدكتور خضير الخزاعي، وشيخ دولة "زرق ورق" تعرفونها، لو التقيا في قمة الكويت اليوم. ولكن قبل ان نتحدث عن هذا، اود ان اقول ان العراقيين يسمعون كل سنة ان معظم المحافظات والوزارات لم تكن موفقة في انفاق ميزانياتها المالية، وان الفلوس الكثيرة عادت الى الخزنة. لكن الغريب هذه السنة، ولأول مرة منذ سقوط صدام حسين، ان خزانتنا شبه فارغة. ما الحكاية، وهل انفقتم اكثر من اللازم هذه المرة؟
السيد عادل عبد المهدي يقول ان كل ما تبقى في حسابنا المصرفي او صندوقنا الوطني (دي اف آي) هو ٤ مليار دولار. اما نواب البرلمان فيقولون ان المصيبة اكبر ولم يتبق لدينا سوى ٦٠٠ مليون دولار. وهذا يعني ان العراق لم يتبق لديه حتى مصرف شهر واحد، لان مصروفنا الشهري هو ١٠ مليار دولار على الاقل (ولمن يشكك، يمكن ان يقوم بتقسيم الموازنة الكلية ١٢٠ مليار دولار، على ١٢ شهراً، والناتج ١٠ مليار).
وما يزيد الطين بلة ان ميزانية السنة الجديدة فيها نقص وعجز كبير (٣٠ الى ٤٠ مليار دولار). وحين تسأل: لماذا لا نمد أرجلنا على قدر غطائنا؟ ولماذا نكتب ميزانية فيها مصاريف اكثر من العوائد المالية؟ يأتيك جواب يصعب فهمه: معظم العجز هو لتغطية سلف طائلة ومصروفات بلا قانون، قام سلطاننا بصرفها خلال الاعوام الثمانية الماضية، خارج قانون الموازنات، وسبق للجلبي ان ملأ الدنيا صراخاً في التحذير من تراكمها! ولذلك اضطر السلطان للمجازفة بعجز كبير، انتظاراً لمعجزة تنزل من السماء فتسد الديون!
تخيلوا: التنمية متوقفة، والبناء فاشل، والامن منهار، والسلطان يريد ان يبقى على كرسيه ٤ سنوات اخرى، وفوق كل ذلك "نطلع مديونين"!
ولا قلب يخفق كقلوب العراقيين حين استرجاع مقولة مونتسكيو الشهيرة "لقد نجحت روما في الاحتفاظ بعظمتها ألف عام، لأنها نجحت في معرفة اذكى رجالها، ونجحت بوضعهم في الصدارة على الدوام". وتأثراً بمقولة المفكر الفرنسي الكبير هذا، فقد طردنا اهم خبرائنا الماليين، مثل سنان الشبيبي ومظهر محمد صالح، ولم يعد هناك كثير من الخبراء المطلعين، ليوضحوا لنا، كيف صارت جيوبنا خالية الى درجة اننا لا نمتلك مصروفاً شهرياً، من فلوس النفط الوفيرة!
وتأثراً بعظمة روما التي كانت تعرف كيف تختار اكثر رجالها حكمة وذكاء، ينشغل السلطان بإصدار مذكرات اعتقال وترتيب استبعادات للمرشحين المشككين بحكمته، ولأنه مشغول جداً، فقد قرر ارسال السيد خضير الخزاعي الى الكويت لحضور القمة العربية، وأيضاً لكسر وحشة نائب الرئيس الذي يجلس وحيداً في القصر الرئاسي منذ شهور طويلة!
وليست لدي شهية كبيرة لاتصور حواراً متخيلا بين الدكتور الخزاعي "وريث روما وحكمتها" وشيخ دولة "زرق ورق" تعرفونها. ولكن، ربما سيعتب شيخهم على دكتورنا، فيقول له الاخير: "لا عليك بكلام الاخ عبعوب، فنحن ايضاً وبسبب ظروف الجهاد المريرة، حصلت لدينا اخطاء، وبلدنا صار زرق ورق حقيقي، وشخصيا لم انجح كثيراً في ادارة وزارة التربية ولم احقق حلمي في اعادة بناء العقل العراقي، لكنني نجحت في رئاسة الجمهورية وكتبت ميثاق شرف صار بمثابة معجون للمحبة، الى درجة ان الجعفري نفسه اقتبس المصطلح وراح يردد مصطلح (معجون المحبة) في خطاباته عن الوحدة الوطنية".
اخيراً، ينشغل ساستنا هذه الايام بحديث عن مبعوثي دول مهمة الى العراق. الساسة يتفقون على ان رجال ايران واميركا "غاضبون" على تصرفات سلطاننا لانه "ما طلع براس خيط" لا من الانبار ولا من غيرها. لكن ساستنا يختلفون حول النتيجة ويسألون: ضعف خبرات السلطان وتخبطاته، هل تدفع واشنطن وطهران الى القبول باستبداله، ام تجعلهم يتمسكون به؟ يا روما؟
ولاية ثالثة وإفلاس يا روما
[post-views]
نشر في: 24 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ياسين عبد الحافظ
بعد 2003 كان للسيد جلال طلبانى مؤتمر صحفى اذكر انه قال ما نصه(يريد الاميركان فترة انتقالية للعراق لمدة 4 سنوات, نحن نقول ان 8 سنوات ستكون افضل نعم 8 سنوات اذكر انه بعد 2003 وفى مؤتمر صحفى قال ما نصه(يريد الاميركان فترة انتقالية للعراق لمدة 4 سنوات ونحن نق