اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بصرة "الحاجة" أم ياسر

بصرة "الحاجة" أم ياسر

نشر في: 25 مارس, 2014: 09:01 م

أيها المواطن لا تسلْ ماذا فعلت مجالس المحافظات؟ ولا تقل إن الكثير من أعضائها يعتقدون أنهم يديرون مزرعة أو شركة تهدف إلى الربح، فحولوا المشاريع والمقاولات إلى مقربين وأحباب وأصحاب. أيها المواطن لا تستغرب الصمت الحكومي في مواجهة تصرفات مجالس المحافظات فقد أصبح الصمت شعار المرحلة.
أيها المواطن كنت تحلم بالتغيير فوجدت أمامك مسؤولين يستقوون بقرارات مجلس قيادة الثورة سيئ الصيت، ولا يزال العديد منهم يستلهم مسيرة الخال المؤمن خير الله طلفاح، بل ويصر على إخراجه من القبر ليطارد الفرح في شوارع بغداد وميسان والبصرة.
مثل غيري، أتابع يوميا القرارات الكوميدية التي يتخذها عدد من مجالس المحافظات وكان آخرها القرار الثوري الذي اصدرته "الحاجة ام ياسر" الحاكم بأمر المسرح في البصرة، حيث  قررت في نوبة دروشة وحفاظا  على الفضيلة  والاخلاق في بصرة السياب والبريكان ومحمود عبد الوهاب، منع إقامة الحفلات الغنائية  والموسيقى على قاعة مسرح المحافظة.
قبل عام كتبت عن فنان البصرة الكبير "طالب غالي" الذي شاهدت الدموع تترقرق في عينيه حزنا وأسىً على مدينته التي غادرها الفرح، حيث كانت تغني للجمال، بعدما أصرّ  بعض "الشلاتيغ" وأعوانهم على أن يلبسوها السواد حزنا، ويمنعوا صوت الفرح فيها، واليوم اكتب وأنا اسمع أن  السيدة ام ياسر تعتبر الغناء من الكبائر، والسبب لأن الأغاني تبث الأمل والفرح في نفوس الناس، بينما تريد لهم أم ياسر السير في طريق الهداية، في الوقت الذي تحاول فيه اغنية "يالبصرة يام العود" ان تغويهم على السير الى طريق الرذيلة والتهلكة.
يبدو ان بعض محافظاتنا التي عانت من الظلم لعقود طويلة حين حرم أهلها من ابسط الخدمات وأذاقها أنواع الظلم، لا يريد لها البعض ممن تولوا أمورها أن تفتح صفحة جديدة في جدار المستقبل، وهم مصرون على أن تبقى مكبلة للماضي من خلال تصريحات وقرارات تسعى إلى تحويل مدن العراق إلى ولايات تعيش زمن العصور الوسطى، حيث يسطر لها الولاة الجدد تاريخا يرسمونه من خلال قرارات تعسفية تلاحق الناس في بيوتهم وأماكن عيشهم.
في زحمة اللهاث والصراع على المناصب لا مكان لمراجعة أخطاء الماضي ولا حتى النظر إلى عثرات الحاضر، نتلقى في المدى يوميا عشرات بل مئات التعليقات حول المقالات والتحقيقات التي تنشر ولم أجد في كل هذه التعليقات اسما لمسؤول أو سياسي يسأل ما الذي حصل؟ وماذا تريدون؟ نسمع فقط من على المنابر الفضائية الشتائم المبطنة والوعيد والتهديد والبكاء على القيم التي يريد العبث بها "ثلة" من المطربين.
وإذا كان البعض مصنفا أساسا في قائمة محترفي الدجل، فإن الأمر يدعو للرثاء حين تجرى هذه الخزعبلات على ألسنة موظفين حكوميين، اعتقدوا ان المنصب فرصة لإظهار ورعهم وتقواهم..   
لا أعتقد أن متابعا للشأن العراقي يمكن أن يتطلع إلى ما يحدث في مدن العراق اليوم، دون أن يتأمل في الفارق، كانت بغداد والبصرة من مراكز العالم. يأتي إليهما الناس من أنحاء الأرض للعلم والثروة والعمل وليس لتعلم أصول الحملة الإيمانية، وأقامت هاتان الحاضرتان علاقات حضارية مع سائر دول العالم، وغصت بغداد ومعها البصرة بأهل العلم والفلسفة وكبار المؤرخين ومطربي الزمن الجميل بدءا من أم كلثوم وعبد الوهاب ومرورا بعبد الحليم حافظ ووديع الصافي وفريد الأطرش وفائزة احمد، كما فاضت بالشعراء والأدباء. وكان ذلك أيضا عصر محمد القبانجي وعفيفة إسكندر وسليمة مراد وناظم الغزالي وليس عصر شرطة الاخلاق التي تترك المزورين والمرتشين وتهاجم رافعي شعار الحريات.. كان عصر نزيهة الدليمي وصبيحة الشيخ داود وزينب وزكية خليفة، وليس عصر سوزان السعد وعالية نصيف وأم حاتم .
كيف لا نتذكر كل هذا، ونحن نقرأ ونسمع الخطب الرنانة التي تدعونا للعودة إلى طريق الصواب، سيقول البعض إن البلدان لا تعيش على الماضي، لكن ها هو الماضي هناك، يذكرنا بأننا كنا نعلم الناس كيف يفرحون، لكننا اليوم يتعلم منا العالم كيف تسرق الثروات وتفسد الاوطان.
فيا أهالي البصرة الأعزاء وانتم في انتظار الرخاء، عاما بعد اخر، والرخاء لا يأتي، والأزمات تشتد ولا تنفرج، لا تغضبوا، فالرهان اليوم على مدى قدرتكم على تنفيذ وصايا الحاجة ام ياسر .. والتخلص من تراث  طالب غالي وطارق الشبلي وفؤاد سالم وحميد البصري وشوقية، الذي سيؤدي بكم  الى النار حتما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سعد

    اذا انتشر الحراد في ارض حصاد تري مافعل الحصاد ?

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram