TOP

جريدة المدى > سينما > درزينة أفلام.. و"الحدود" أول فيلم إيطالي يتناول دراما الأزمة السورية

درزينة أفلام.. و"الحدود" أول فيلم إيطالي يتناول دراما الأزمة السورية

نشر في: 26 مارس, 2014: 09:01 م

يطمح منظمو عروض "السينما المصنوعة في إيطاليا"، التي اختتمت أخيراً  ومحطتها الثانية أسكتلندا، إلى تكريس هذا التقليد السنوي كجزء من الاحتفاء بالمنجز السينمائي القادم من شبه الجزيرة الإيطالية، وتجديد اللقاء مع جمهور بريطاني متعدد الأعراق ونخبوي بام

يطمح منظمو عروض "السينما المصنوعة في إيطاليا"، التي اختتمت أخيراً  ومحطتها الثانية أسكتلندا، إلى تكريس هذا التقليد السنوي كجزء من الاحتفاء بالمنجز السينمائي القادم من شبه الجزيرة الإيطالية، وتجديد اللقاء مع جمهور بريطاني متعدد الأعراق ونخبوي بامتياز في آن. وعبر برنامج حمل ثيمات تتنوع في مقارباتها الفنية، تلج عالم السياسة من باب التهكم والفهلوة، والرياضة على وقع الطبقات الاجتماعية، والحنين إلى حقبة سبعينات القرن الماضي، ودراما الأوضاع المأسوية في سوريا ودموية الصراعات عليها. إذ اجتهدت الناقدة تيتا فيوري، والمشرفة على صفحتي ثقافة ومنوعات في صحيفة "إيل ماتينو" اليومية، في اختيار  أغلب عناوين البرنامج، من دون النظر إلى اسم مكرس أو أسلوب أو نوع سينمائي بذاته، وأضاف البريطاني أدريان ووتن، رئيس مجلس إدارة معهد الفيلم البريطاني، إلى تشكيلتها عنوانين .
من بين قريناتها الأوروبية، ظلت السينما الإيطالية تواكب حضورها في المهرجانات السينمائية العالمية بقوة. ولعل رصيدها من الجوائز،كان آخرها فوز "الجمال العظيم" لباولو سورنتينو بجائزة الأوسكار الأخير كأفضل فيلم أجنبي، وقبله تكليل "طوق أغرا المقدس" لجيانفرانكو روسيّ بأسد البندقية الذهبي قبل أشهر قليلة، على سبيل المثال يجعلها السينما الأوروبية الأكثر  تنوعاً وحيويةً وشجاعةً وحضوراً. ومثلما جسد الممثل القدير توني سيرفيللو دور الصحافي جب غامبارديلا في "الجمال العظيم"، نتابعه هنا في "تحيا الحياة" لروبرتو أندو، افتتحت العروض به، ويؤدي دوراً مزدوجاً من خلال الإنابة عن شقيقه السيناتور الهارب، سكرتير حزب سياسي معارض، بفعل تدني شعبية الأخير في استفتاءات الرأي العام. دخول الشقيق جيوفاني أرناني، فيلسوف ويعاني من الكآبة، إلى عالم السياسة تمكنه من الاستحواذ على عقول الناخبين وإعادة الثقة بالحزب وحظوظه الانتخابية، وعبر توظيف مفردات ومصطلحات بعيدة عن قاموس السياسة التقليدية عبر الفهلوة.
فيما نتابع في "العامل الإنساني" لبرونو أوليفيرو حبكة بوليسية مغلفة بغمز سياسي واضح. بطلها المحقق موناكو (سيلفيو أورلاندو)، "ليس في هذا العالم" و "التمساح"، وتكليفه بحل لغز قتل مليونير في شقته الفاخرة. مسك هذا الملف، يضع موناكو في مواجهة مع مسؤوله المباشر الذي يطالبه بتحقيق نتائج سريعة من جهة، و تستر زوجة المليونير في الكشف عن أسرار زوجها الشخصية قبل وقوع الجريمة من جهة ثانية. إلا ان قناعات وخبرة موناكو تؤشر باتجاه آخر، إذ يكتشف عن طريق المصادفة ان أبنته المراهقة وراء الجريمة، ومن خلال استعمالها لمسدسه الشخصي في تنفيذها. تورط الابنة المراهقة في هذه الجريمة، يعيد إلى الأذهان حفلات رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق بيرلسكوني ومن هم على شاكلته من أصحاب المال والنفوذ باستدراج المراهقات والتغرير بهن بقضاء ليلة حمراء مقابل الجاه والأموال. تمامية موناكو وانضباطه الوظيفي يضعه في موقف أخلاقي صعب، بين غلق ملف القضية كما يقترح رئيسه أو المضي بتطبيق مبدأ العدالة بتسليم ابنته إلى قسم الشرطة.
بينما يأخذنا شريط "الحكم"، عمل أول، لباولو زوكا إلى الجنوب الإيطالي، وبالتحديد إلى مقاطعة سردينيا. يقتبس زوكا جملة من الكاتب الفرنسي ألبير كامو القائلة "ان كل ما تعلمته عن الحياة كان بفضل لعبة كرة القدم"، وعلى إيقاعها يدعونا إلى متابعة فصول صراع طبقي يتخذ من لعبة كرة القدم عنواناً له. ذلك ان حظوظ فريق "أتليتكو بابرلي" في الانتصار على خصمه التقليدي "مونتيغراستو"، المملوك من قبل أحد إقطاعيي المنطقة، تبدو شبه معدومة. إلا ان وصول المهاجر "ماتزوتزي" من الأرجنتين، وإصرار مدرب فريق "بابرلي" الضرير في الاستفادة من مهاراته في تشكيلة فريقه مقابل الظفر بقلب ابنته الوحيدة يأتي بنتائجه. صور زوكا شريطه بالأسود والأبيض، وحمله الكثير من الإشارات الفطنة لواقع إيطاليا السياسي والاقتصادي اليوم حيث يختلط الفساد والرشوة والمحسوبية ،في لغة غلبت عليها المفارقة والكوميديا الطريفة.
لكن الشاب آليسيو كريمونيني صوب عدسة كاميرته نحو دراما الأزمة السورية في عمله الأول "الحدود". مدفوعاً بتضامن معلن مع محنة شقيقتين، ومحاولتهما الهرب من جحيم مسلسل القتل اليومي والدمار الشامل، قصة حقيقية سجل المخرج تفاصيلها على مدى ثلاثة أيام ، من أجل الوصول إلى بر الأمان ضمن الحدود التركية على أمل طلب اللجوء السياسي في احدى الدول الأوروبية. يفتتح الفيلم بلقطات وثائقية لتظاهرات جماهيرية حاشدة شهدتها أغلب المدن السورية الكبرى، والمطالبة برحيل نظام الأسد، ثم ينتقل إلى رحلة آية (دانا كيلاني) وشقيقتها الكبرى فاطمة (سارة الدبوش). وصول خبر انشقاق زوج آية من الجيش النظامي والتحاقه بصفوف الجيش الحر، يدفع بالشقيقتين إلى جمع ما خف حمله والهرب بعيداً عن مكان سكناهم خوفاً من انتقام أزلام النظام أو "الشبيحة". تمر رحلة الهرب بدروب وتعقيدات لم تكن في حسبان الشقيقتين، خصوصاً بعد التحاق بلال (وسيم أبو أذن)، أحد أفراد "شبيحة" النظام بعد إطلاق سراحه من قبل الجيش الحر. ولينتقل الشريط إلى مستوى آخر، وعبره نتعرف على خلفية آية وفاطمة الاجتماعية والفكرية والسياسية. نكتشف ان عائلة الشقيقتين كانت تسكن في العراق أثناء غزوه من قبل الولايات المتحدة الأميركية، لكن والدهما قرر رفض العيش تحت وطأة الاحتلال. ما دفع "فاطمة" بالمساهمة في التظاهرات المنددة به، مما تسبب في اعتقالها واغتصابها، كما تسرد "آية" في واحد  من حواراتها، حوارات الفيلم باللغة العربية، مع بلال. في حين جاءت الحوارات الأخرى، لتطول مفاهيم ،مثل الوطنية والخيانة والديمقراطية وسماحة الإسلام، وكأنها اقتباسات مدرسية خارجة عن سياق الفيلم.
 صحيح أن شريط "الحدود" هو أول فيلم إيطالي يتناول مجريات الأحداث الدموية في سوريا، وأنجز بميزانية متواضعة وصلت إلى 60 ألف يورو، وأهداه إلى الأطفال والنساء من الذين قتلوا في سوريا، فضلاً عن حماسة كريمونيني في التضامن مع حالة إنسانية. إلا أن ذلك لم يشفع للمخرج من الوقوع في فخ البروباغندا السياسية الفاقعة، والمعالجة السطحية لقضية شائكة ومعقدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

السينما كفن كافكاوي

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram