TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل فات اوان الحل؟

هل فات اوان الحل؟

نشر في: 26 مارس, 2014: 09:01 م

فقرة عابرة وضعها النواب، في قانون الانتخابات، سيراً على عادة معظم القوانين المشابهة في العالم، تشترط حسن السيرة والسلوك فيمن يترشح للانتخابات. والمقصود منها في كل الدنيا، منع المعروفين بسلوك شائن من الترشح، وحسبنا انها قد تنطبق على امثال مشعان الجبوري الذي كان يبث دروساً في صناعة العبوات الناسفة، عبر فضائيته من دمشق. لكن مشيئة المنقلب على الشرعية، سلطاننا نوري المالكي، قضت بتطبيقها على الشيخ صباح والسيد مثال!
حينها اجتمع ما تبقى من ارادة برلمانية، وحصل تصويت على حكم تفسيري يوضح المقصود بالفقرة التي اقرها البرلمان نفسه، ليوضح للسادة القضاة خشية سهوهم عن الغرض، ان المعني بالمنع هو المرشح الذي صدرت عليه احكام تخل بسيرته، وهذا يختلف عن المرشح الذي لم تصدر بحقه احكام قضائية، وليس ذنبه سوى ان السلطان يعتقد بأنه مواطن سلك سيرة شائنة، حين انتقد تخبطات السلطة المعروفة للقاصي والداني.
وبموهبة رهيبة في القدرة على قول ما لا يطابق الواقع، يقول المالكي في خطاب الاربعاء، انه ليس من حق البرلمان ان يوضح مقصوده بالقانون الذي اصدره البرلمان نفسه. وبموهبة فريدة يريد ان يؤكد سعيه الشائن، لمنع البرلمان من التشريع والرقابة، وإعادة عقارب الساعة الى الوراء، لحكم المستبد ناقص الحكمة.
ان حجم البلاء كبير، وما من احد ينكر تدخلات مهولة حصلت في بلادنا، ونوايا سيئة عبثت بمصائرنا ودمائنا. ولكن العدة النفسية الهزيلة وحجم الاستعداد والطاقة السلبية، للتعامل مع هذه البلايا، بالنسبة لفريق المالكي الذي يدير السلطة، كان بلاءاً في حد ذاته، وهو ليس محنة عادية، بل ثغرة شجعت كل الاعداء والمتربصين، على ان يتمادوا في السخرية منا، والعبث بنا.
ان فريق المالكي يقود ولا شك، مركبة العراق في طريق وعرة، وهناك من يضع المعرقلات امامها، لكن المعرقلين هؤلاء ليسوا مضطرين لأن يصمموا خططاً دقيقة ومعقدة، بل هم يسخرون من سائقنا، ويستدرجونه الى ابسط الفخاخ والمصائد، التي تكفي لجعل مركبتنا تترنح.
ومن الطبيعي بالنسبة لنا نحن المقيمين في مركبة مترنحة، ان لا نمل من الصراخ في وجه السائق هذا، وكيف نصمت على اسلوب قيادة يوشك ان يقذف بنا الى وديان سحيقة؟ لكن الانكى اننا كلما توسلنا السائق ان ينصت الى نصيحة، قام هو بزيادة ترنح المركبة وتعريضها للتدحرج على سفوح الموت والعدم، كأنه يهددنا بقدرته الرهيبة على هدم المعبد فوق رؤوس الجميع، اذا لم نستسلم لطريقته المضحكة في هداية البلاد وإذلال العباد.
ان هذه ليست مصيبة فريدة في بلادنا، ونحن اذ لا نمل من الاعتراض، فإننا لا نستغرب وجود ناقصي الحكمة في السلطة، فقد اشتبكت علينا عوامل التاريخ والجغرافيا، لتجعل هؤلاء على سدة الحكم طيلة العقود الماضية، وكان نقص تدبيرهم عاملاً اساسياً في تدهورنا الى قعر المسارات الدولية والاقليمية.
نعم لم تكن الدكتاتورية وحدها سبباً في تدهور اوضاعنا، فهناك مستبدون في المنطقة والعالم، نجحوا في توفير الحد الادنى من النظام ومتطلبات العيش والكرامة، لكننا مبتلون بشهوة استبداد مقرونة بخبرات نفسية ولياقات سياسية، تتسم بالضعف والهزال.
الانفعال المتسرع والارتجالي الذي لاحظنا فريق المالكي يبرع فيه، في كل مشاكلنا المكشوفة، هو نفسه كان العدة النفسية والسياسية الهزيلة، التي تعاملوا عبرها، مع ملفات جسيمة، في الانبار التي ظلت جرحاً نازفاً لاهلها او لجيشنا، وفي ديالى حيث نسمع عن وقوع الاهالي بين مطرقة الانتحاريين وسندان السياسات المنحطة المخزية لفريق السلطة، العصبي والفاقد للياقات.
وها نحن نقف امام اكثر لحظاتنا حساسية، ونقترب من منعطف سيقول لنا ما اذا امكن اصلاح الامور بكلفة معقولة، او ان الوقت فات ولابد من الدخول مجدداً في فصل الحلول الجراحية المعقدة، التي تغرقنا جميعاً في الوبال!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. ياسين عبد الحافظ

    لن يقف الترنح فهذه سنة الحياة,لكن فى فرق بين ترنح واخر وفى النهاية لابدللعربة ان تقف, وهذا ما اراه حاصل,وسوف ينكشف فجرا كما ينكشف كل يوم فجرا.كل ما علينا ان نعمل ونجتهد من كل قلوبنا وظمائرنا والاكيد ستكون النتائج مرضية .

  2. مهند كاظم

    الاستاذ والاعلامي والصحفي المخظرم سرمد الطائي تحيه طيبه/ لايخفى على المتابع للشان السياسي العراقي بأن جميع القوانين التي اجائت بعد التغيير هي قوانين مشوهه بسبب التجاذبات السياسية والاجندات الخارجية فهنا ليس بغريب على احد الاطراف استخدامها للضغط على الخصوم

  3. كاظم الساعدي

    وفي ديالى حيث نسمع عن وقوع الاهالي بين مطرقة الانتحاريين وسندان السياسات المنحطة المخزية لفريق السلطة، العصبي والفاقد للياقات. ستجد بعض من الاجابات لاسألة بعض الوهم http://wijhatnadhar2.blogspot.com.tr/2014/03/blog-post_6030.html

  4. nabil

    فقط وا حسرتاه يا عراق

  5. nabil

    وا حسرتاه يا عراق بعد ان كانت على ابواب صناعة القنبلة النووية الان يذبحون بعض على الهوية وا حسرتاه يا بغداد الرشيد بغداد العباسين عراق المجد عراق التاريخ عراق حمو رابي عراق عبدالكريم قاسم

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram