المسعودي يتحدث في الأمسية التي أقامها له نادي الكتاب في كربلاء والتي قدمها الأديب علي لفته سعيد مشيدا بتجربة المسعودي التي تمتد لأكثر من عقدين وأصدر خلالها ثلاث مجاميع شعرية بدأها بمجموعة (ساعة يلمع الماس ) عام 1996 و(ما يتعطل من الأسئلة )عام 1999، وأخيرا (يختفي في القرى) عام 2007 وهي تجربة ثرة تمكن فيها المسعودي من ان يضع بصمة له في الخارطة الشعرية العراقية كونه استثمر المكان في تتويج القصديات الشعرية التي لديه وهو يهتم جيدا بما يمنحه جسد القصيدة من تأويلات عديدة يبث فيها مفرداتها بفاعلية الفعل الذي يسمو معه..وبعد أن قرأ المسعودي عددا من قصائده من مجموعاته الشعرية وجه سعيد سؤالين لكي يكونا محورين للنقاش وهما من أين جاء المسعودي إلى الشعر وما معنى انك شاعر في توصيف التواجد الإنساني والمحيط؟

ويجيب المسعودي كما ان السؤال صعب ولا يمكن ان يستعرض طقوس الإجابة التي جعلت منه شاعرا ،فهو ابن عائلة فلاحية فقيرة وكان البيت الطيني على جرف النهر وكان الطريق المار بالنهر يرسم له أحلامه ،فكل شيء أمامه كما يقول من خضرة وطفولة وبراءة وشرطة كونهم كانوا يداهمون البيت ،لأن الأب كان اكثر ثورية من أقرانه وان الأخ أعدم فكانت طقوس الشجن والبكاء هي التي أمدته بهذا الفيض من محبة الشعر..ويقول :إن قدره ان يكون شاعرا..ويضيف عن التلقي ان أي نص وخاصة الشعر يخرج من المنتج الشاعر إلى المتلقي وهو الذي يمكن ان يمتلك حيازة التأويل.

الشاعر الدكتور علي حسين يوسف قال في ورقة له ان الشاعر عمار المسعودي يتميز بعنايته الفائقة في الجملة الشعرية إلى الحد الذي يمكن ان تشكل تلك الجملة إغراءً للمتلقي ،وأعتقد ان النصوص عامة يمكن ان تقسم إلى ثلاثة أنواع : الأول هو النص البيني الذي يمثل مجموعة متداخلة ومتواشجة مع نصوص سابقة ،والنوع الثاني هو النص الفوقي الذي يمكن ان يستعين بغيره من النصوص لكن بصورة غير واضحة .أما النوع الثالث فهو النص المفرط بحسب تعبير جيرارجينيت ،وهذا النوع مكتف بذاته وأرى ان نصوص الشاعر عمار تنحو هذا المنحى وأجد من الأفضل ان نطلق عليها نصوصا لا قصيدة نثر ،لأن المصطلح الأخير يثير من الالتباسات الكثيرة التي قد تسيء لهذا الجنس أكثر مما تفيده .

في حين تساءل الشاعر مهدي النعيمي عن تأثر القرية والخضرة والرمان في بناء القصيدة هل هي لأنها المكان الذي يعيش فيه أم هي تداعيات أم معادل موضوعي لتجربة حب مثلا ،لأنه كلما ذكرت هذه المفردات يكون الفرح هو القصيدة والتأويل..ويرى المسعودي ان المبدع ان لم يكن حريصا على ان يكون نصه نابعا من تجربة إنسانية فهو ليس بنص إبداعي ولا يصل إلى المتلقي..ويقول المسعودي أيضا :أن لا تقاطعات بين الأشكال الشعرية فهي تشبه الألعاب الرياضية العديدة التي تصب في روح الرياضة.المهم ان تكون هناك موهبة ومن ثم القدرة على البناء.

القاص أحمد الجنديل يرى ان الصورة الشعرية عند المسعودي مثل قطعة الحلوى لطفل جائع يتلذذ بها دون أن تشبعه .. وفيها احتراق الحرف بعيدا عن موجة الدخان التي تحدثه قصيدة العمود .. هي صورة متوهجة من الداخل ـ تحمل في باطنها مساحة كبيرة من التأمل والانبهار..ويضيف :إن في قصيدة المسعودي انسيابية عالية تتلقفها حاضنات النمو الممتلئة بالعافية لتخرجها ساخنة شهية محملة بشتى القراءات . في نصوص المسعودي رائحة الأرض ملتحمة بعطر النخيل ومدفوعة بنسيم الحسينية الجميل ويعتقد الجنديل ان المسعودي شاعر خرج من الأرض وتغنى بها فكان وفياً لها.

في حين رأى الكاتب نصير شنشول أن المفردة لدى المسعودي دقيقة وأنيقة وفيها تزاوج شرعي بين المضمون والمعنى ليولد لوحة جميلة خاصة ،وأن مفرداته تناولت جميع مفردات الحياة وهي تبدأ من الفراشة إلى الجندي ،ولديه خيال واسع ،لذا فهو شاعر إنساني.

في حين قال الشاعر عادل الصويري :إن في قصائد المسعودي تلك اليوميات التي تتنفس خضرتها وهي التي هيمنت على منطقته الشعرية وهي يوميات لذيذة ..ويعتقد الصوري أن قصائد المسعودي محاولة لأسطرة القرية ،وهذا الأمر يحتاج إلى شاعر يكتب بصدق.