تعد الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم ذات قدر كبير من الأهمية، وقد صار اعتمادها في المؤتمر العام لـ (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) UNESCO بتاريخ 14 كانون الأول سنة 1960 في دورته الحادية عشرة، ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 22 آيار 1962.
 ترتكز هذه الاتفاقية على مبدأ المساواة المنصوص عليه في (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) وكذلك على حق كل فرد بالتعليم الوارد في الإعلان نفسه. ولما كانت مهمة (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) لا تقتصر فقط على تحريم أي شكل من أشكال التمييز في التعليم، كان من واجبها أيضاً تأمين التكافؤ للجميع في مجال التعليم، أكان في الفرص أم في المعاملة. وبالفعل، فقد أقر المؤتمر العام في دورته الحادية عشرة، تسع عشرة مادة تشكل نص الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم، والتي يمكن اعتبارها منعطفا مهما لمسيرة الحقوق التربوية والثقافية. للطفل في القانون الدولي. وقد أوردت هذه الاتفاقية تعريفا للتمييز، جاء كالآتي: (لأغراض هذه الاتفاقية، تعني كلمة(التمييز) أي تمييز او استبعاد أو قصر او تفضيل على أساس العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين، او الرأي السياسي وغير السياسي، أو الأصل الوطني او الاجتماعي أو الحالة الاقتصادية او المولد، يقصد منه أو ينشأ عنه إلغاء المساواة في المعاملة في مجال التعليم أو الإخلال بها). وقد خصصت المادة الأولى بالذكر الحالات الآتية للتمييز: أـ حرمان أي شخص او جماعة من الأشخاص من الالتحاق بأي نوع من أنواع التعليم في أية مرحلة. ب ـ قصر فرص أي شخص او جماعة من الأشخاص على نوع من التعليم أدنى من مستوى من سائر الأنواع. ج ـ إنشاء او إبقاء نظم أو مؤسسات تعليمية منفصلة لأشخاص معينين او لجماعات معينة من الأشخاص غير تلك التي تجيزها أحكام المادة(2) من هذه الاتفاقية. د ـ فرض أوضاع لا تتفق وكرامة الإنسان على أي شخص او جماعة من الأشخاص. أما المادة الثانية، فقد اشترطت في الإنشاء او الإبقاء على أنظمة ومؤسسات منفصلة لتعليم التلاميذ من الجنسين، تأمين شروط معينة ومحددة، وهي إتاحة فرص متكافئة أمام الجنسين، للانتساب إلى هذه المؤسسات او الأنظمة، التعليمية المنفصلة، وتوافر معلمين للجنسين، ذوي مستوى واحد، وكذلك تكون المباني والمعدات المدرسية بالجودة نفسها. كما فرضت إتاحة الفرص أمام الجنسين لدراسة المناهج نفسها، ومناهج متعادلة. نذكر أيضا ما ورد في المادة الثالثة من هذه الاتفاقية: عملاً على إزالة ومنع قيام أي تمييز بالمعنى المقصود في هذه الاتفاقية، تتعهد الدول الأطراف فيها بما يأتي: أ- أن تلغي أية أحكام تشريعية او تعليمات إدارية، وتوقف العمل بأية إجراءات إدارية تنطوي على تمييز في التعليم. ب- أن تضمن بالتشريع عند الضرورة عدم وجود أي تمييز في قبول التلاميذ بالمؤسسات التعليمية. ج- ألا تسمح بأي اختلاف في معاملة المواطنين من جانب السلطات العامة، إلا على أساس الجدارة او الحاجة، فيما يتعلق بفرض الرسوم المدرسية، أو بإعطاء المنح الدراسية او غيرها من أشكال المعونة التي تقدم للتلاميذ او بإصدار التراخيص، وتقديم التسهيلات اللازمة لمتابعة الدراسة في الخارج. (د) ألا تسمح في أية صورة من صور المعونة التي تمنحها السلطات العامة للمؤسسات التعليمية، بفرض أية قيود أو إجراء أي تفضيل يكون أساسه الوحيد انتماء التلاميذ إلى جماعة معينة. (هـ) أن تتيح للأجانب المقيمين في أراضيها، فرص الالتحاق بالتعليم نفسها التي تتيحها لمواطنيها). وفيما بعد، اعتمد المؤتمر العام لـ (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)، في دورته الثانية عشرة ـ التي انعقدت في باريس من 9 تشرين الثاني الى 12 كانون الأول 1962 ـ بروتوكولاً أنشئت بموجب أحكامه لجنة للتوفيق والمساعي الحميدة، وأنيط بها تسوية أية خلافات قد تنشأ بين الدول الأطراف في الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم وطبقا لأحكام المادة 24، أصبح هذا البروتوكول نافذاً بتاريخ 24 تشرين الأول 1968 م. وبهذا تكون الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم قد أحرزت نجاحا كبيرا في دعم قضية حقوق الطفل خصوصا وان التعليم يعتبر أساسيا لكل فرد او جماعة، لمعرفة الحق والمطالبة به، والدفاع عنه.