المسرحيون المصريون في معظم عروضهم اعتمدوا" الكمبوشة" وهي نصف قبة خشبية توضع على فتحة في مقدمة المسرح مخصصة لشخص يتولى مهمة تلقين الممثلين في حال فقدانهم القدرة على تذكر الحوار ، فينقذهم من الحرج ، ولاسيما ان اغلبهم لانشغاله بتصوير مسلسلات تلفزيونية وافلام سينمائية وفي زحمة العمل واستمراره قد يتعرض الى حالة من التشويش فيخلط بين دوره في المسلسل والمسرحية ، وهذه المواقف كانت مادة لرسامي الكاريكاتير ومحرري الصحف المعنية بتغطية نشاط واخبار النجوم ، بدء من الزواج والطلاق والمشاجرات ، وانتهاء بارتكاب الأخطاء على خشبة المسرح.
عمل الملقن حاجة مهمة لا يمكن الاستغناء عنها في الايام الاولى من العرض المسرحي ،والمسرح العراقي باستثناءات نادرة لم يكن يعتمده ، لان الممثلين العراقيين كانوا يحفظون ادوارهم ، وبعضهم يجري تمرينات لاداء الشخصية في منزله امام المرآة ، و في بعض الاحيان يستعين بالزوجة والابناء باجراء بروفة داخل المنزل او فوق السطح ، ليكون مستعدا للتمرين ، فينال رضا المخرج ، خاصة اذا كان بطل المسرحية المكتوبة باللغة العربية او بالعامية ، والثانية تكون سهلة الحفظ وقابلة للزيادة بموافقة المؤلف احتراما لتقاليد العمل المسرحي السائد ، ولا يسمح لاحد من الممثلين وفق هذه الضوابط الخروج عن النص ، لان ذلك قد يؤدي الى حصول اضطراب في تسلسل الاحداث ، فيصاب البناء الدرامي بخلل ويفقد ايقاعه ، فترتسم على وجه المخرج ملامح الغضب ، قد يدفعه الى اعلان البراءة من اخراج المسرحية ، لتحولها الى مهزلة ، تهدد مستقبله الفني .
بفضل استخدام التقنيات الحديثة استغنت العروض المسرحية المصرية عن الكمبوشة ،وانحسر الاعتماد على الملقن ، لعدم قناعة الجيل الجديد من الممثلين بعمله لاعتقادهم بان وجوده يقلل من اهمية مواهبهم ، فضلا عن ذلك يوحي وجود الكمبوشة في مقدمة المسرح لدى الجمهور بان العرض غير مكتمل.
اثناء بث خطابات الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي عبر الفضائيات كان مرشد الاخوان يقف خلف " الريس" ليلقنه عبارات الخطاب التاريخي ، وبفضل "الاخوان" انتقلت الكمبوشة من خشية المسرح الى القصر الجمهوري ، فتحققت سابقة لم يعرفها الزعماء العرب أصحاب الجلالة والسيادة والسمو . لجوء "الاخوان" الى الملقن وفر فرصاستخدامه لاي زعيم او قائد لالقاء خطبة موجهة لابناء شعبه ، واستعراض منجزاته منذ توليه السلطة لتجديد ولايته ، بواسطة الكمبوشة" وصناديق الاقتراع من اجل ان يبقى بطل مسرحية هزيلة يستمر عرضها اربع سنوات أخرى بنجاح ساحق.
موعد بدء الحملة الدعائية لمرشحي الانتخابات التشريعية ، حدد في الاول من الشهر المقبل ، مع حلول كذبة نيسان ، والمرشحون سيبذلون اقصى الجهود لاقناع الناخبين بالتصويت لصالحهم ، وسيحقق الفوز العظيم من يجيد اصول القاء الخطب والتاثير في الجمهور ، اما الاخرون فبامكانهم اللجوء الى "الكمبوشة" وملقنها لتحقيق غايتهم في الوصول الى البرلمان ، ليمثلوا شعبهم في الدورة " الكمبوشية" المقبلة.
كمبوشة التلقين
[post-views]
نشر في: 28 مارس, 2014: 09:01 م