عامر القيسيفي الاستبيان الذي اجريناه عن ظاهرة مستويات وشدّة العنف الموجه ضد الاطفال تبينت لنا نتائج كشفت لنا حقيقة عن واقع بائس يعيشه الطفل العراقي، ليس على مستويات المشكلات المعروفة التي يعاني منها في مختلف مجالات حياته التفصيلية ، لكن على مستوى ظاهرة تعمل في جوّانية حياته بشكل خفي
وتترك تأثيراتها السلبية على حياته في أدق تفاصيلها ان نسبة 72% من الاطفال الطلاب (حسب الامم المتحدة فان عمر الطفولة يمتد حتى الثامنة عشرة من العمر ) تتأثر مستويتاهم الدراسية بشكل سلبي نتيجة الاشكال المختلفة من العنف الموجه ضدهم في البيت والمدرسة والشارع . والمثير لانتباه ، وان كانت حقيقة معروفة ، ان 52% من الاطفال الطلاب يعانون من استخدام العنف ضدهم من قبل المعلم سواء على مستوى الاهانة الكلامية باستخدام الكلمات النابية أو عن طريق استخدام الضرب مباشرة . وهي حالة تكشف عن طبيعة معظم الهيئات التعليمية التي بيدها أمانة فلذات اكبادنا ، فضلا عن ، خرقهم الفاضح للتعليمات المستمرة من قبل وزارة التربية بمنع استخدام العنف ضد الطلبة . الجانب الآخر الأكثر سوداوية هو ان الاطفال يتعرضون للعنف بمختلف اشكاله في داخل بيوتهم التي من المفترض ان تكون ملاذا آمنا من ظواهر تعرضهم للعنف خارج البيت ومنه مشهد العنف البصري الذي يواجهونه يوميا تقريبا في الشارع والفضائيات وغيرها من المشاهد التي تعكس طبيعة الحياة الاجتماعية وافرازاتها في الظروف التي نعيشها جميعا لكنها الاشد وطأة على اطفالنا الذين يفتقدون دفاعات كافية وقوية وخبرة ميدانية تقل من شدّة ومستويات تأثير العنف على حياتهم اليومية الحاضرة والمستقبلية . من نتائج الاستبيان ايضا ، ان نسبة لاتكاد تذكر من اطفالنا لايتعرضون بشكل مباشر وقوي لاشكال العنف المتوفرة في المجتمع العراقي ، وهي نسبة محاطة بجدار اجتماعي اقتصادي محكم ، لكنها في الوقت ذاته غير بعيدة عن تاثير الاعلام العنفي على حياتهم ( سينشر هذا الاستبيان في وقت لاحق ) بطريقة أو بأخرى . ان ظاهرة من هذا الطراز وبهذه الشدّة بحاجة فعلية للتوقف عندها والبحث عن حلول حقيقية وممكنة وواقعية للتقليل على الاقل من مستويات وشدّة العنف الموجه ضد اطفالنا . وهي مهمة شاقة ومعقدة يتوجب أن يتحمل مسؤوليتها الجميع ، على مستوى التشريعات القانونية التي تحفظ حقوق الاطفال ضمن المعايير العالمية ، وحكوميا على مستوى ايلاء اهتمام حقيقي بالمؤسسات التي تعنى بشؤون الاطفال وفي مقدمتهم المؤسسات التربوية ، وعلى مستوى منظمات المجتمع المدني التي ينبغي ان تتوقف عن رفع الشعارات عن حقوق الاطفال وتنخرط ميدانيا لدراسة مشكلات الاطفال وانعكاسات العنف على حياتهم اليومية والخروج بنتائج تفيد مؤسسات الدولة وتساعدها على ايجاد الحلول المنطقية والقابلة للحياة . علينا جميعا أن نتحرك كلا من موقعه للمساهمة الفاعلة في ايجاد الحلول على مستوى المعالجات الآنية التي تحتاج قرارات سريعة أو على المستوى الستراتيجي من خلال خطط بعيدة المدى لانقاذ اطفالنا ومستقبلهم من كوابيس العنف التي تطبق على حياتهم في البيت والمدرسة والشارع .
الاطفال والعنف والمستقبل
نشر في: 20 نوفمبر, 2009: 05:49 م