ضيفت النقابة الوطنية يوم الخميس الماضي ضمن منهاجها الثقافي الشهري الدكتور كفاح الأمين في محاضرة بعنوان (الفوتوغراف والتحولات الاجتماعية في بغداد) وقد مزجت مقدمة الجلسة الدكتورة إرادة الجبوري بين تاريخ الصورة وحاضرها من خلال صورة الشهيد الإعلامي محمد

ضيفت النقابة الوطنية يوم الخميس الماضي ضمن منهاجها الثقافي الشهري الدكتور كفاح الأمين في محاضرة بعنوان (الفوتوغراف والتحولات الاجتماعية في بغداد) وقد مزجت مقدمة الجلسة الدكتورة إرادة الجبوري بين تاريخ الصورة وحاضرها من خلال صورة الشهيد الإعلامي محمد بديوي الذي تعرض لرصاص عبثية هذا الزمن وهو ينزف دماً على رصيف الطريق ليوثق التاريخ مرحلة عراقية تمثل رخص حياة الإنسان في ظل التخلف والغباء.. وأوضحت: المحاضر ليس مصوراً لكنه يهتم بالصور لما تحمله من قيمة جمالية وتاريخية وثقافية، فهو دائماً يحاول استنطاق الصورة الفتوغرافية محاولاً البحث عن إجابات لما يكتشفه من خلالها أو ما هو موجود فيها، وماذا تعني هذه الرؤى في ظل الظروف السياسية والاجتماعية. مضيفة: ان تاريخ الصور وتمثلاتها الاجتماعية والثقافية يعد من المشاريع التي يعمل عليها ومن ضمنها الآن مشروع عن المرأة العراقية، فالخلط ما بين الصورة والتوثيق ينتج لديه قراءة للمجتمع العراقي أو البغدادي على وجه الخصوص.. وفي معرض حديثه مستعرضاً أمامنا مجموعة من الصور عاد بنا الأمين إلى منتصف القرن السابع عشر وبدايات الثامن عشر مبيناً حصول ثورة أوروبية مهمة في مجال التنوير والاكتشافات والاختراعات والفهم الديمقراطي. موضحاً ان هذه التطورات جعلت الإمبراطورية العثمانية التي كان مركز ثقلها العراق مركّزة اهتمامها على الجانب العسكري، ففتحت مدارس عسكرية وحقوقية في إسطنبول وغيرها من المدن التركية، التحق بها أبناء الذوات من الأغنياء والباشوية وكانت هناك مجاميع من العراقيين يدرسون فيها. وتخرج منها في ما بعد سياسيون وحقوقيون. لافتا إلى الدور الذي لعبه مدحت باشا وفريد باشا وخليل باشا، وكما تعرفون جادة خليل باشا التي تحولت إلى معلم في شارع الرشيد العراقي. مستدركاً: والغريب في الأمر ان العقل العراقي لحد الآن لم يجر  دراسة علمية أكاديمية منهجية لهؤلاء الذين درسوا وتخرجوا من هذه المدارس العثمانية، مؤكداً على ان جميع المثقفين العراقيين في المجال العسكري والحقوقي والأدبي والفني والتشكيلي وغيرهم تخرجوا من المدارس المذكورة.. ومن مجمل الصور التي استعرضها القيمة الاقتصادية والفنية والاجتماعية البغدادية المرتبطة بتقاليدها وثقافتها، فهناك صورة لبغداد في 1903 تبين (الكفة) في نهر دجلة والى جانبها الأبنية والحياة خلال تلك الفترة في منطقة الكرخ والقشلة والميدان وبعض الأسواق وأزياء النساء والأطفال، وما تداخل فيها من الثقافات الإنكليزية والروسية والعثمانية على وجه الخصوص باعتبار العراق كان محتلاً من قبلها. كما بين لنا العمامة و(السدارة )الطربوش الذي يمثل في الثقافة العثمانية الزعامة ومعه العصا التي تمثل القوة.. كاشفاً: انه قبل عام 1921 كانت هناك ثلاثة أمور مهمة هي إنشاء مدرسة الحقوق عام 1908 و دار المعلمين العالي 1923 والكلية الطبية 1928، وبذلك نلاحظ بوادر بناء لدولة مدنية. مبينا ان في عام 1921 كان هناك إعلان يمنع التدخين ويشير إلى خطورته.. كما بينت بعض الصور وجود مرواح كهربائية في عام  1922، وقال معلقاً بإدهاش: مرواح كهربائية في ذلك الزمن ونحن للآن نعاني من أزمة الكهرباء.. والظريف ان هناك إعلانا يقول: قرفة كشكش المصرية تقدم عرضاً عن شكسبير في مقهى عزاوي، وهناك مواقع خاصة للنساء والأطفال. والغريب بالأمر نلاحظ الاهتمام بنشر  الثقافة، فالإعلان يذكر نسبا مخفضة للطلبة ومجاناً للنساء الفقيرات.. وهذا إعلان آخر عن مقهى البدور بأنها ستقدم رواية فلسفية.. وتابع: ومن معاني القاط والسدارة ان صاحب هذا الزي يدعى الأفندي الذي يقرأ ويكتب، وهو ميسور الحال.. وبعد افتتاح المدرسة الجعفرية عام 1924 في بغداد انتشر الطربوش حتى صدر أمر ديواني في عام 1926 بإلغاء الطربوش والإبقاء على السدارة نتيجة الصراع ما بين العهد العثماني والعقلية العراقية الجديدة، فالزي تحول إلى صراع فكري.