TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معركة كسب والدور التركي

معركة كسب والدور التركي

نشر في: 30 مارس, 2014: 09:01 م

في خطوة مباغتة وغير منتظرة، ردّت القوى الإسلاموية على هزيمتها في يبرود والقلمون، باجتياح حصن النظام الحصين وحاضنته، فاحتلت كسب والخربة السمرا ونقطة 45، ووصلت صواريخها إلى اللاذقية، التي ظلت بعيدة عن مرمى أي نيران معادية لنظام الأسد، وباتت المعارك المحتدمة في شمال سوريا، محط أنظار ومتابعة كل من يهتم بالأزمة السورية، لجهة الدور التركي فيها، إذ ليس معقولاً أن تتمكن قوات المعارضة من تحقيق مكاسبها، في تلك البقعة من الجغرافيا السورية، بدون أن تؤمن لها تركيا كل دعم ممكن، بما في ذلك الغطاء الجوي، حيث تم إسقاط مقاتلة سورية، بالتزامن مع إسناد مدفعي، لا يُمكن تغطيته بالكلام المجاني الصادر من أنقره.
برغم ما رافق العملية الأخيرة من دخان وغبار، فان المؤكد أن ما حدث ليس أكثر من انتصار في معركة، وليس انتصاراً في الحرب، فالمنتصرون اليوم غير قادرين حتى اللحظة على التثبت في مواقعهم، والنظام وحلفاؤه لن يسمحوا لهذا الاختراق بالاستمرار، مهما تعاظمت كلف الانتهاء منه ومن تبعاته، إلا إن غامرت تركيا بالانخراط في المعركة بالكامل، لمنع الجيش السوري من إعادة بسط سيطرته على ما فقده من مواقع، غير أن ذلك يبدو أمراً شديد الصعوبة والتعقيد، ما دفع أردوغان للتراجع، ربما بعد تحذيرات روسية إيرانية بتوسيع نطاق الحرب، أو لأن الأطلسي أبلغه أنه لن يشاركه غزوته، التي بدأها دون تنسيق معه، كما أنه ليس مؤكداً أن الجيش التركي مستعد للانصياع للطموحات الأردوغانية، وهو ينظر إلى إصرار دمشق على طلعاتها الجوية في المنطقة، رغم إسقاط احدى طائراتها، ما يكشف عن إرادة قتالية لم تزعزعها الهزائم الأخيرة في مناطق الشمال.
اعتبرت السلطات التركية التنصت على اجتماع ضم قادتها الأمنيين، وجرى الحديث خلاله عن اختراع سبب للتدخل العسكري في سوريا، بمثابة إعلان حرب، ومن جانبه قال الرئيس التركي، إن الجميع يُدرك مدى حساسية الحدود السورية التركية، وهي عُرضة للتهديدات في ظل الأزمة القائمة، وهذا ما يدفع تركيا لأن تكون في حالة تيقظ دائمة، خصوصاً وأن التهديدات وصلت لضريح سليمان شاه، وهي البقعة الوحيدة خارج تركيا التابعة للوطن التركي، ما يفرض واجب الدفاع عنها وعن العلم التركي الذي يرفرف فوقها، لكنّه حين شدد على ضرورة الحذر من الانسياق للاستفزازات، الهادفة لجر تركيا للحرب، لم يُفسر لنا دوافع حالة التيقظ المطلوبة، ولم ينف صحة التسريبات من الاجتماع الأمني.
تؤكد المعارك الأخيرة في شمال سوريا، عدم قدرة أي من الفريقين على تحقيق انتصار شامل ونهائي، وأن ما سنشهده من الآن فصاعداً هو عمليات كر وفر غير حاسمة، وقد تندلع المعركة الكبرى في أي لحظة في جنوب البلاد، لتخفيف الضغط في الشمال، على أمل تثبيت أقدام معارضي الأسد لأطول فترة ممكنة، مع إدراك أن ذلك لن يكون نهائياً، على أن خطوة كهذه ستعمل على تشتيت قوة الجيش، بأمل أن يتمكن المعارضون من استثارة خزان النظام البشري، وتحويلهم إلى مناوئين له، على خلفية ما يلحق بهم من خسائر دفاعاً عنه.
راهنت أنقرة على سقوط نظام الأسد، من ضمن مراهناتها على نجاح الإخوان المسلمين، في تقلد زمام السيطرة على المنطقة، لكن " الظلام لم يكن على قدر يد اللص"، تعثرت مسيرة الإخوان، وانكفأ الدور التركي ليعتني بداخل مزقته المشاكل، التي انفجرت في وجه أردوغان، وهو يلتحق بركب الدكتاتوريين، ليصف معارضيه بأنهم أبواق للأسد والسيسي، فهل يكون أنصاره العرب حلم السوريين؟، لا نظن ذلك أبداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram