TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عطش بين نهرين

عطش بين نهرين

نشر في: 30 مارس, 2014: 09:01 م

مر يوم (٢٢ آذار اليوم العالمي للمياه ) بتقويم الساسة بالعراق مرور الكرام ، وكان جديرا بالرصد و بأولوية الاهتمام . ذلك لتعلقه بحيوات بلد ، بسكانه وبزرعه وضرعه و آفاق مستقبله. انشغل الجمع بأخبار الكتل والكيانات وصراع المصالح الشخصية ، وكيل التهم ومحاولة التبرؤ من شبهات الفساد التي أزكمت نتانتها الأنوف .
الصور المنشورة على كثير من المواقع - عربية وأجنبية - مهينة وموجعة كضربة سوط . زمر من النساء والأطفال يملأون الخوابي والقدور من برك مياه آسنة ،
هل يعقل ان يعاني سكان ما بين النهرين شحة في مياه الشرب والاغتسال؟ ماء الإسالة شحيح ومتقطع . والإشاعة واردة حول عدم صلاحيته للشرب !
هل هو سوء حظ العراق ان تكون-كل - مصادر موارده المائية خارج حدوده؟ بلدان الجوار تركيا وإيران وسوريا تتحكم بكميات المياه المنحدرة نحو العراق كلما شابت العلاقات السياسية شائبة . تتعطل - عندذاك - كل المواثيق والقوانين الدولية ولا يعلو إلا منطق الغاب ، قوي وضعيف ، غالب ومغلوب . منتصر ومهزوم.
ليس العراق فريدا في فقدانه انهارا وطنية صرفة، كنهر بردى في الشام ، ونهر البارد في لبنان، والسين في فرنسا والتايمز في بريطانيا..إلخ . وهو ليس فريدا في حظوته بنهرين مما يطلق عليها : الأنهار الدولية ، وهي التي تخترق حدود اكثر من دولة ، او تشكل في حد ذاتها حدودا طبيعية بين بلدين . من بين تلك الدول مثالا لا حصرا : اشتراك فرنسا وألمانيا بمياه نهر الراين . وإيطاليا وفرنسا وشراكتما في نهر رينو وروافده ،وروسيا وفنلندة ، والهند والباكستان ، والقائمة تطول.
في ظل هيمنة القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية انعدمت او تحجمت -النزاعات بين الدول المتشاطئة.. وأخضعت لبنود القانون الذي لا يمكن تجاوزه . والذي ينص في بعض بنوده: …. مع عدم الإخلال بحقوق دول المصب بحصتها من تلك المياه …. والتشاور قبل إقامة المشاريع التي تؤثر على كميات ومناسيب المياه المتدفقة نحو بلد المصب . والتفاوض إذا كان ثمة احتمال ان تتسبب تلك المشاريع بأضرار للدول المتشاطئة..
هل تم التشاور حين أقدمت تركيا على إقامة سدودها وأضخمها ما يدعى بسد ( اليسو ) والذي قلص ويقلص حصة العراق من الماء الى نسبة النصف؟، وهل تم تفعيل القوانين الدولية كلما عنّ لإيران تحويل مجرى الروافد للحيلولة دون وصول الماء للأنهر العراقية — وتلك الروافد تشكل ديمومة النسغ الجاري، وقدرت إعدادها بأكثر من ( ٢٥) رافدا ، منها رافد الطيب ، والكرخة ، و الكارون ونهر الوند العذب الذي يساهم مدراره في عذوبة الشط او ملوحته حين احتجابه.
خلط الماء بالسياسة ، كمحاولة خلط نجوم السما بحصى الفلاة، معادلة خارج حدود المنطق . متاهة كارثية ما دام حكماء القوم في غيبوبة ، بعيدين عن البحث عن سبل لتفسير مبادئ القوانين الدولية ،وإحياء علاقات حسن الجوار ، بما يتيح للعراقيين اكل العنب قبل التفكير بقتل الناطور .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram