بخلاف ما يراه البعض، لم يزل الشعر يهزّ الوجدان، فضلاً عن مسّه الشفيف للمشاعر والعواطف والنوازع. وشعر مثل شعر موفق محمد يأتي بهذا كله دفعة واحدة.
أول من أمس ألقى موفق واحدة من قصائده البديعة التي تشهد ببراعته الفائقة.. كان ذلك في الاحتفال المهيب للحزب الشيوعي العراقي بالذكرى السنوية الثمانين لتأسيسه. في مقطع منها قال موفق كلاماً على لسان أم تطلب من ابنها أن يحذر الحكومة الجديدة من مسّ الحزب الشيوعي بالأذى والسوء لأنه "يشوّر".
هذا المقطع عاد بذاكرتي إلى مشهد يرجع تاريخه إلى العام 1982.. يومها كنت وعائلتي من مواطني "جمهورية الفاكهاني" اللبنانية الفلسطينية في بيروت.. مجموعة من العراقيين المنفيين اجتمعت ذات يوم في مكتب فخري كريم الذي كان يقود ما يشبه خلية أزمة تنسق العمل السياسي والإعلامي للحزب الشيوعي العراقي وعلاقاته الخارجية. كانت بغداد قد أعلنت للتوّ عن سحب قواتها الغازية من ايران. لم يكن الانسحاب ليكون لولا أن صدام قد هُزم. وكان الانسحاب مؤشراً على أن صدام في مأزق حقيقي.
تجادل المجتمعون، وهم في أغلبيتهم من مثقفي الحزب، في خلفيات الإعلان والمآل المحتمل للحرب التي كانت قد مرّت عليها سنتان تقريباً وكان الحزب قد اتخذ منها موقفاً قوياً في مناهضته لها. جو الاجتماع كانت تغلفه الشماتة لأن مغامرة صدام الحربية قد انتهت الى الفشل. قال فخري مختتماً النقاش: لم يحدث أن أفلح من عادى الحزب الشيوعي، وصدام الآن يدفع ثمن معاداته للحزب.
كلام فيه حماسة كبيرة حيال الحزب، لكنه لا يجافي الحقيقة ولا يتجاوزها.. الحزب الشيوعي العراقي حاز على احترام فئات اجتماعية عديدة على مر تاريخه وتاريخ العراق الحديث، من المثقفين الى العمال والفلاحين.. ذلك يرجع الى تبنّيه القضية الوطنية وقضايا المجتمع الحيوية.. بفضله شُرّعت قوانين لصالح الطبقات والفئات المحرومة والمظلومة ..العمال والفلاحون والنساء والأطفال.. مثقفوه أسسوا لثقافة وطنية عالية المستوى في المجالات المختلفة: أدب، فن، فكر، صحافة.... مناضلوه ضربوا الأمثلة في التحدي والصمود والتضحية من اجل المبادئ.. الذين تولوا سلطة منهم، إن في عهد عبد الكريم قاسم أو في عهد البعث أو في العهد الراهن ظلت جباههم ناصعة وأيديهم نظيفة من أي لوثة فساد أو استغلال النفوذ.
يستحق الحزب الشيوعي أن يحتل المكانة المرموقة في العراق الجديد.. وهو يستحقها مضاعفة الآن بعد ان تبدى للجميع ان الذين حاولوا مزاحمته في الوطنية لم يكونوا غير قتلة (دكتاتورية مجازر) وقتلة وحرامية (العهد الحالي).
تحية لحزب الوطنية العراقية الصادقة في عيده الثمانيني المجيد.
حزب تستحقّه الحياة
[post-views]
نشر في: 30 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 5
خليلو...
لا فض فوك عما نطق به من حروف ناطقة بالحق الذي لن يرقى مرتقاه حق اخر .الحق ان الحزب الشيوعي العراقي هو سيزيف الذي ظل يدفع صخرة الام ومعاناة الشعب العراقيً بطبقاته وفئاته ثمانين سنين عجاف الى السناء وكلما قاربت الوصول الى الهدف تدحرجت الى هاوية كان المعينون
بهاء زهير
استاذ عدنان لطالما كنت من المعجبين بمقالاتك والاراء التي تحتويها ولكن هذا المقال يبدو وكأن من كتبه يحاول عمل دعايه بائسه للاسف لحزب ميت ولايديولوجيات عفا عليها الزمن .. فتاريخ الحزب الشيوعي خالي من الانجازات في العراق على مدى عقود ما عدا (الجعجعه) بالثقاف
ابو اثير
أستاذنا الفاضل ... لايختلف أثنان على وطنية الشيوعيين في العراق منذ تأسيسه ولحد ألآن .. ولكن يؤخذ عليه ويشاركني الكثيرون من أصدقاءه أنه وضع يديه مع أحزاب وشخصيات وكتل أقل ما توصف أنها لا تريد الخير للشعب العراقي وحاقدة على ما يوصف بأن الذين عاشوا في الداخل
عبد الصمداسد
نعم كل الذي قلته صحيح والاهم انهم زرعوا في وجدان اجيال عديدة ثقافة حب الوطن والعلوم والموت من اجل حياة سعيدة للآخرين، ويكفي عوائل ومحبي شهداء الحزب انهم اطهر قلبا وشرفا ويدا من الذين يتوظؤون بدماء الابرياء قبل صلاتهم الخمس يوميا من اجل الفوز بالجنس في الآ
أحمد عبد الوهاب
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم استاذ عدنان المحترم ارجو ان تكتب عن اخطاء الحزب التي جعلت منه للتاريخ فقط وخاصة عندما كان اعضائه يخرجون بالمظلات عندما كانت الدنيا تمطر في موسكو مع تحياتي.