مؤكد أن زيارة الشيخ تميم آل ثاني المفاجئة للأردن، لم تكن تلبية لدعوة على الغداء، ولاهي تعبير عن الود الذي تُكنّه المشيخة للأردن، كما صرح عند وصوله عمان، ويمكن فهم بعض خفاياها، من كونها الأولى من نوعها للشيخ القطري إلى عاصمة الهاشميين، وكانت أُرجئت سابقاً كتعبير عن فتور العلاقة، غير أن الوضع الحالي للمشيخة المبنية سياساتها على المناكفة، والناجم عن اندلاع أزمة غير مسبوقة في البيت الخليجي الذي ظلت نوافذه مغلقة على أي خلافات، لكنها هذه المرة بلغت حدّاً حاداً، تمثل بسحب ثلاثة دول خليجية لسفرائها من الدوحة، إضافة لما يبدو استدارة، تلوح المشيخة أنها مستعدة لاتخاذ خطوة عملية بشأنها، إن ظلت الرياض والذين معها على تعنتهم بما يخص الموقف القطري، المطلوب التراجع عنه علناً وبصورة نهائية.
ربما كان الموقف الأردني المحايد من الأزمة الخليجبة، على ما بين عمان والرياض من ود، مفقود مع الدوحة بقرارها، دافعاً للزيارة التي يقال إن تميم أراد بها إسدال الستار على سياسة القطيعة التي كان والده ينتهجها، ولأن عمان لم تُجرّم جماعة الإخوان، وهي لم تقم بذلك إرضاءً للدوحة، أو مناكفة للرياض، وإنما بفعل الواقع الذي يمنعها من خلخلة التوازنات الداخلية، وليس أيضاً كما يُقال استجابةً لنصائح أميركية، كل هذه أسباب يمكن اعتبارها دافعاً للزيارة، لكن الأهم هو محاولة المشيخة كسر طوق العزلة الذي تساهم فيه مصر وتؤيده سوريا.
تعرف عمان أنها محطة مهمة فيما يخص علاقات الدوحة بمحيطها الخليجي، وهي تسعى لاستثمار الموقف الراهن، في تحصيل حصتها من مبلغ الدعم الخليجي، التي لم تدفعها قطر وهي مليار وربع المليار من أصل 5 مليارات دولار، كان مجلس التعاون الخليجي خصصها للأردن، والتزمت بدفعها السعودية والإمارات والكويت، فيما امتنعت قطر، رغم معرفتها بالظرف الصعب الذي يمر به الأردن، كما أن لعمان مصلحة في المحافظة على شعرة معاوية مع الدوحة، بسبب العمالة الأردنية هناك، وليس بعيداً عن مزاج شيوخها اتخاذ قرار بإنهاء خدماتهم في أي لحظة، لمناكفة عمان وزيادة مشاكلها.
في لحظة ما ظن الشيخ تميم، أن حضوره لقمة الكويت سيكون فرصة لشكل من المصالحة، بوساطة كويتية محتملة، لكن مستوى تمثيل الدول الخليجية فوّت هذه الفرصة، ويبدو أن زيارة عمان تشكل بديلاً، إن وافقت الرياض على وساطة يقوم بها العاهل الأردني على خطى والده، لكن المؤكد أن الرياض لا تتعامل معه كما كانت مع والده، وهي لذلك ربما تغض الطرف عن مشاركته في لعبة المناكفة القطرية، المتمثلة بالزيارة والتي يظن البعض أنها محاولة لبناء تحالف جديد، وهي محاولة محكومة بالفشل المؤكد، فقد رفضت عمان استبدال تحالفها مع السعودية، بتحسين علاقتها بإيران رغم المُغريات التي قدمتها طهران لإنعاش الاقتصاد الأردني، وواضح الفرق بين المشيخة، وبين الجمهورية الإسلامية.
وإن لم يشر الطرفان إلى أن الملف السوري كان حاضراً، فان المؤكد أن الطرفين بحثاه، خصوصا مع غياب الدور القطري عن ما يجري بمحاذاة الحدود الأردنية، حيث يتركز جهدها في الشمال بالتعاون مع الأتراك، فيما تنأى عمان بجهدها عن ذلك في الظاهر على الأقل، وربما كان علينا انتظار نتائج الزيارة، إلى ما بعد اتضاح موقف الرياض، وهو موقف قد يكون التجاهل عنوانه، وقد يكون من ثماره بعض الفتور بين العرشين السعودي والهاشمي، ولا أحد هنا يتحدث عن قطيعة تضر مصالحهما معا.
تميم في عمان للمصالحة أم المناكفة؟
[post-views]
نشر في: 31 مارس, 2014: 09:01 م