TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كــذب (بـلاش)

كــذب (بـلاش)

نشر في: 31 مارس, 2014: 09:01 م

تقول الأمثال الشعبية ان الكذب خيبة ولأن رجال السياسة هم اكثر من يتقن فن الكذب لذا تفاقم الكذب في بلدي وتلاحقت معه الخيبات حتى غدت الحقيقة حلما صعب المنال..
ويزعم ميكافيللي ان رجل الدولة لا يستغني عن الكذب والغدر والمداورة والمراوغة وانه معفى من قيود الأخلاق والآداب لأن واجبه الأول هو منع الفتنة والفوضى ....ويبدو ان رجال دولتنا يؤمنون بهذا القول الذي كان ينطبق على العصور القديمة حين كان رجال الدولة مهددين دائما بمن يحاول قلب كراسي الحكم من تحتهم وصعودها بدلا منهم مستخدما الفتنة والفوضى سبيلا لذلك ، اما ان نكون من الذين يرفلون بنعمة الديمقراطية وننتظر ممارسة الانتخابات بنزاهة واطمئنان فلا حاجة إذن للجوء حكامنا الى فنون الكذب والمراوغة للتشبث بكراسيهم خصوصا وانهم لم يفلحوا في استخدام الكذب لدرء الفتنة والفوضى بل لنشرها بين المواطنين وزيادة جرعتها يوميا بسلوكيات لا تبرر نواياهم ولا تعطيهم العذر لها ..
في هذه الايام ، حيث يتسابق المرشحون للانتخابات لنيل رضى المواطنين وتأييدهم ، يزدهر الكذب وتتلاحق الشعارات والوعود الى درجة السخرية من الشعب فمنهم من يعد بتحسين الكهرباء وهو يدرك جيدا ان اعتدال الجو هو المسؤول حاليا عن استمرار التيار الكهربائي ، ومنهم من يصور لنا العراق المستقبلي مزدهيا بالعمران والمشاريع الاستثمارية وبعضهم يعدنا بتحقيق الأمن والأمان وتطبيق العدالة والقانون ..وهناك من يفوقهم كذبا ويتفوق عليهم بوعوده الجميلة فيقول انه قادر على درء الفتنة وإطفاء نارها بعد تنظيف العراق من الإرهاب والمفسدين وكل من يضع العصي في دواليب سير العملية السياسية الناجحة جدا الى درجة رغبة القائمين عليها بإعادة الكرة للمرة الثالثة تلبية لرغبة ( الجماهير العريضة ) ومحاولة ( مخلصة ) لإكمال المهام الجسيمة التي بدأت معهم ولا يعرف أحد متى ستنتهي ...
وتؤكد دراسة علمية نشرتها صحيفة الاوبزرفر البريطانية مؤخرا للباحث جلين نيوي ان للكذب دوراً كبيراً في صنعة السياسة في الديمقراطيات الحديثة فالناخبون يتوقعون من السياسيين ان يكذبوا عليهم ورغم انهم عرفوا من خلال التجربة ان وعود الساسة  تتبخر بمجرد صعودهم على الكراسي ، الا انهم يحاولون دائما تصديق الوعود التي تدغدغ طموحاتهم وتواسي الامهم...وقد نصح احد حكام امريكا سياسيا امريكيا ذات مرة بان يكذب ويكذب ويكذب الى ان يصدقه الناس ..لن نامل اذن في سماع الصدق في الفترة المقبلة ولن نتوقع الكثير من المرشحين فهم يكذبون لتحقيق أهداف شخصية في الفوز بالانتخابات ولن تقف في طريقهم عوائق تزعجهم كمصلحة المواطن وراحته وأمنه وأمانه وبقائه على قيد الحياة ..
ونحن نفتح أعيننا اليوم على مناسبة ( كذبة نيسان ) التي  يصبح فيها الكذب مسموحا به ويجري تبريره والاستمتاع به واعتباره موقفا مضحكا، علينا ان نملأ قلوبنا بالتسامح لنغفر للسياسيين أفعالهم وان نستمتع بكذبهم ولا نحملهم ما لا طاقة لهم به أو نلومهم على تخبطهم في عالم السياسة  فنحن شعب يهوى المزاح ودائما ما نحول مآسينا الى نكات تضحكنا ..الا يمكننا اذن ان نضحك قليلا ونحن نقبل على مرحلة ساخرة وزاخرة بالكذب ( البلاش ) ...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram