قائد فطري وذكورة "مشوهة"، حسب مفاهيم مرحلة الحرب العالمية الاولى التي تغيرت بفعل حقائق جديدة، والفطنة والسلوك الانساني الذي انتهجه لورنس تجاه الحرب في الشرق الاوسط، يبقى في الذهن متناقضاً مع العقول الاحادية التفكير التي نعرفها عن جنرالات الجبهة الغربية، ولورنس يجسد معنى "الشرقي" ليس لانه شاهد المحافظات العربية للامبراطورية العثمانية، كمسرح حيوي للحرب، او حتى بسبب ارتباطه بصورة قوية مع سكان المنطقة.

والكتاب الذي صدر مؤخراً، تأليف سكوت اندرسون بعنوان "لورنس العرب، تهذيب، حماقة الامبريالية وصنع الشرق الاوسط الحديث".

وسمعة لورنس في المناطق التي عمل فيها امر معقد جداً، وهو حتى اليوم يعتبر شخصية كريهة من قبل الوطنيين الاتراك، لانه حرّض على الثورة، ومعظم العرب الحديثين يعتبرون ان لورنس كان ذا هدف ولكنه انحرف عنه، ولمرحلة من الزمن كان ممثلاً للامبراطورية والتي كانت وعدت باستقلال الدول العربية، ولكن كل ما حصلوا عليه في الواقع، كان الاعاقة والبتر ومراقباً استعمارياً، عازما على خلق دولة لليهود-اسرائيل، ملتصقة بخاصرتهم ومن السخرية ان العنوان الفرعي لكتابه، "أعمدة الحكمة السبعة" يصف دوره في الثورة العربية بـ"انتصار"، ووصف لورنس دخول العرب الى دمشق بـ"الانتصار" في ايلول عام 1917، ولكنه انتصار غير حقيقي، اذ تعكر اثر خيانة بريطانيا.

ولورنس العرب، قد تم تناول كافة تفصيلات حياته من قبل كتاب السيرة وايضاً المؤرخين العسكريين والعاملين في السينما، وقد رسموا له صورة قائد عبقري، مع مكونات لا تتناسب مع تلك العبقرية ومظهره كامبريالي ورغباته الجنسية المعذبة "كونه شاذاً"، وهناك ايضاً ذلك المظهر المتعالي.

ويتناول بحث سكوت اندرسون، القصة المعروفة عن لورنس ووصفه بـ"لورنس العرب"، بدلاً من رسم صورة عنه كبطل في عزلة، وقد وضع الكاتب لورنس في نفس مستوى ثلاثة من الاشباح، يتملقون معه في موضوع الشرق الاوسط: آرون آرونسون، استعماري يهودي في فلسطين، تجسس لحساب بريطانيا، خدمة للمصلحة الصهيونية، وكارل بروفر، دبلوماسي الماني، كان يحلم باثارة الجهاد ضد البريطانيين، وهناك ايضاً ويليام ييل، من رجالات النفط ذو العلاقات الجيدة، والذي اصبح في آب 1917 معبوثاً خاصاً في الشرق الاوسط.

والشخصيات الثانوية في دراسة اندرسون ملونة، حتى ان لم يقترب احد منهم من مكانة لورنس.

وكان لورنس من اوائل القائلين بان اليهود في موطنهم الجديد لن يجدوا الامر سهلاً ان تم انشاؤها في فلسطين بالقوة.

 عن: الاوبزرفر