احتفاءً باليوم العالميّ للشعر، نظّم بيت الشعر العراقيّ، مؤخّراً، أمسية فيها شيء من التجديد في طريقة تقديم القصائد وتوظيفها في أعمال إبداعيّة، إذ أقيمت الفعاليّة تحت عنوان "لون بفرشاة النثر"، لتوثّق من علاقة الشعر بالفنّ التشكيليّ، وذلك بإسهامه نخبة م
احتفاءً باليوم العالميّ للشعر، نظّم بيت الشعر العراقيّ، مؤخّراً، أمسية فيها شيء من التجديد في طريقة تقديم القصائد وتوظيفها في أعمال إبداعيّة، إذ أقيمت الفعاليّة تحت عنوان "لون بفرشاة النثر"، لتوثّق من علاقة الشعر بالفنّ التشكيليّ، وذلك بإسهامه نخبة من فنّاني العراق المعروفين عبر رسمهم لمقاطع من قصائد الشعراء الراحلين: سركون بولص، ورعد عبدالقادر، وعقيل علي، وعبد الأمير جرص. وهنا بيّن رئيس بيت الشعر الشاعر حسام السراي، المغزى من هذه الأمسية، ضمن "منهاج ثابت للبيت يعمل فيه على استثمار علاقة الشعر بالفنون الأخرى، مرّة مع المسرح، وثانية عبر البحث في علاقة الشعر بأجناس كتابيّة أخرى (الرواية مثلاً)، وثالثة بإضاءة حضور الشعر في الملصقات الفنيّة". أعقب ذلك قراءة المقاطع المختارة للشعراء الراحلين من لدن الأمين العام للبيت الشاعر ميثم الحربي.
وفي فضاء مؤسّسة برج بابل، التي ضيّفت الأمسية، انطلقت ببدء الفنّانين الأربعة رسم المقاطع المُختارة، وهنا أخذ الفنان د.بلاسم محمد يرسمُ مقطعاً من كتاب "عظمة أخرى لكلب القبيلة" لسركون بولص، ومنه:" الكرسي/كرسيّ جدّي ما زالَ يهتزّ على/أسوار أوروك/
تحتَهُ يعبُرُ النهر، يتقلّبُ فيهِ/الأحياءُ والموتى."، مثلماً بدأ الفنّان
د.فاخر محمد بتجسيد مقطع من قصيدة "أغنية لطــائر البــرق" للشاعر الراحل رعد عبدالقادر، في لوحة تابعها الجمهور، والذي فيه:" " نمــ هادئـاً/ بأمــان/ ســبعُ شُجيراتِ وردٍ يَحرُسن نَومَكْ/ وطائر يَصفُرُ لحناً سماوياً:/ نم هادئاً/ دعِ النهايةَ مفتوحةً/ وأغلق البابَ جيداً، وإن قَرَعوا لا تفتحْ/ القصيدةُ قربَ رأسـكَ وقدحُ الماء/ وطائرُ البرقِ في نومِكْ..".
في حين رسم الفنّان د.شوقي الموسوي ما ورد من القصائد الأخيرة للشاعر الراحل عقيل علي، ومنها:"ولا هاوية لها نافذة يتسرب منها النور/ليلغي كل هذا السأم/وسط كل هذا النسيج/ينتصر اللامرئي وسط ضجة الطبيعة/الصمت يخترق ما يتعفن من الزمن/ويصهر باب الوجود المترنح تحت/غطاء الأبدية..".
اللوحة الأخيرة كانت تجسيداً لقصيدة" فضاء مدرّس" للشاعر الراحل عبد الأمير جرص، والتي رسمتها الفنانة نبراس هاشم، وذكر فيها:"ما أحفظ، لا يكفي/لملء الفراغات/أنا ذا/أسقط.
مدعيًا أن الحياة شجرةٌ/والعمر، وريقاتٌ/والخريف مدرس/وأنت لا تسقطين/
لأنك تحت الشجرة/ولأن المدرّس/ليس خريفاً.".
وبعد نصف ساعة من بدء الفنّانين برسم لوحاتهم، قدّم الشاعر جاسم بديوي كلاً من الشاعر سلمان داود محمد، وزميله ركن الدين يونس، ليقرأ الثلاثة قصائدهم بطريقة بانوراميّة، وبإصغاء الجمهور لمقاطع قرأها الشعراء بالتناوب، بمصاحبه العازف على آلة الكمان الفنان سرمد نجاح.
ومن جملة ما قرأه الشاعر سلمان داود محمد في الأمسية، مقاطع من قصيدته "يا.. بائع الخرافات"، وفيها نطالع:"أردعيني بمهارة/واقطعي سيولة الضوء عن كؤوس رؤاي،/فهذا الاطمئنان وغد بملابس فضفاضة/قُدَتْ من حماقات الكسالى ....../لا يلائمني الهدوء/ولا هذه الخدعة المسماة ( فرح ) ../أنا من مدن لا تنام إلا تحت تصاوير طغاتها والضحايا،/ومن أناس حطب – مدد – لكل جهنم في الأرض ....".
في حين قرأ الشاعر ركن الدين يونس، بالتتابع مع الشاعرين الآخرين، مقاطع من قصيدته "تقشير الصُدفة"، ومنها: أقول.../لأن المدينة نامت/فوق بيوضها/والسماء قشرت البيوت/ابتعدوا... عن سلة المطر../حتى الورد/حتى انطفاء زجاجة الأفق/لأنكم/ولأن/عصافيركم/تكنس كلام العيون بريشها..".
ومن ثم أتى الدور على الشاعر جاسم بديوي الذي قدّم للجمهور عدداً من قصائده، ومما جاء فيها:
"ولدت كثيرا/وفي عينيّ يقطر مولد أكبر ماء/وعشت كثيرا/وقمطت حبال الزمن الباكي/على مسمع واحة ضوء صغيرة/وعلى كتفي نام/وعندما ذرفت القبلة على جسد الريح/كنت الأكثر فشاطرتني السماء أرجوحتى..".