TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء في شبك: عظمة الأسلاف

هواء في شبك: عظمة الأسلاف

نشر في: 20 نوفمبر, 2009: 07:15 م

عبدالله السكوتييحكى ان ثعلبا وقردا سارا في طريق واحد، فمرا على مقبرة مزدحمة بالشواهد ، فقال القرد: كل هذه الشواهد التي تراها، انما اقيمت لأسلافي الذين كانوا في حياتهم رجالا احرارا عظماء ، فأجابه الثعلب: لقد اخترت انسب الموضوعات لكذبك ،
 فان احدا من هؤلاء لا يستطيع ان يكذبك او يرد عليك. وهذا ما حدث ، فبعض المدعين نظر الى خلو الساحة من الشهود ولذا صار يطيل ويعرّض تأريخه وأمجاده متأكدا ألا أحد سيشهد ضده لأن الشواهد صامتة ولا تستطيع ان تجهر بالقول وتصرح بالحقيقة والذين ثووا تحتها تركوا الكلام وآثروا الصمت. كثير من الأشياء تستحق البوح وربما الفضح لأن الصمت كما أسلفنا لأهل القبور ، اما حين ندلل أننا أحياء فعلينا ان نرفع الحجب وننفض عنا تراب الخوف الذي زرعته الديكتاتورية وتحاول ان تسقيه بعض العقليات المتعفنة. من يريد تكميم الأفواه ، يحاول ان يعود الى عصور الظلام كي يحاول ان يجعل من الشعب منفذا لأغراضه وحسب، وبعدها يطرح ما يريد مثلما اشيع مؤخرا ان احد مجالس المحافظات فرض على عضواته أن تأتي بمحرم معها واشد خشيتنا ان تعمم هذه التجربة على النساء لمختلف الوظائف. هذه التجربة جدير بالشعب أن يحاربها ويضع للذين يحاولون العودة الى الخلف حدوداً . فهو خلافا لهذه الحكاية صاحب تأريخ عريق ومتطور منذ حمورابي الذي وضع مسلته لتنظيم الحياة باسلوب علمي ملبيا حاجات شعب متمدن، حيث تضمن مبادئ الملكية وحرية التعاقد وتوصل الى مفاهيم قانونية مثل العقود الباطلة والحيل القانونية وعالج مسألة التبادل التجاري مع حماية الضعفاء وسيادة القانون، وألزمت المادة الخامسة من قانون حمورابي القاضي بعدم تغيير الحكم الذي يصدره بعد تبنيه وتثبيته على رقيم مختوم ، والا تعرض لعقوبة دفع 12 مرة لما حكم به واقصائه عن منصب القضاء الى الابد ، ومن ثم عرّج حمورابي على مسألة الميراث حيث اعطى للأولاد حصصا متساوية في ميراث ابيهم ولم يعد الميراث محصورا بالابن الأكبر مع حرصه – اي القانون – على رعاية حقوق القاصرين من الاطفال طالبا من القضاة عدم منح الإذن في زواج الأرملة الا بعد دراسة جيدة لوضعها ثم الحصول على تعهد منها ومن زوجها بالمحافظة على اموال القاصرين وتربيتهم. ما يشاع حاليا منافٍ لأصول التمدن ولإمكانات المرأة اذا أننا في هذه الحالة اي حالة (المحرم) يجب ان نضع لكل طالبة جامعية محرما و سوف تعمل المرأة ويبقى الرجل حارسا لها فقط اي اننا سنعطل المجتمع ونمنع الرجل من أخذ دوره وبهذا نكون قد حكمنا بجلوس المرأة في البيت، لأن الرجل لا يمكن ان يتنازل عن دوره في بناء الحياة لم نكد نخطو خطوة اولى خصوصا في تمثيل النساء بمجلس النواب وتعضيد هذه النسبة في المستقبل لتُعطى المرأة حقها الكامل في التعلم والعمل والحكم واختيار الزوج وربما نطمح ان نصل الى سفرها خارج العراق اسوةً بالرجال لإكمال دراستها من دون ممانعة أحد مع اختيارها مجال عملها والتركيز على قانون احوالها الشخصية وتخليص المرأة من بعض الفقرات التي اجحفت بحقها. اننا ومع التغيير الذي حصل في العراق يجب ان نطرح اغلال الامس ونسير حسب ما معمول به في الدول الباقية ، فنظرية (العورة) هي نظرية متخلفة تطلب الموت والتحجيم لنصف المجتمع ولا يمكن لمجتمع أن يحيا بنصفه فقط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram