"الولد" مفردة كان يطلقها الجيل السابق من متابعي الافلام السينمائية والتلفزيونية على بطل الفلم ، تعبيرا عن اعجابهم بشخصيته وبطولاته الخارقة في ملاحقة "العصابة " ، وفيدور السينما البغدادية المنتشرة في العاصمة وبالتحديد في احيائها الشعبية قبل عشرات السنين ، كان الصغار يسألون الكبار عن "الولد" بطل الفيلم ، فاكثرهم لايجيد قراءة الترجمة ، ومداركهم قاصرة عن متابعة الاحداث ، "وين الولد"؟ سؤال يتكرر ، وحين يصفق الجالسون في المكان المخصص لدافعي بطاقة اربعين فلسا ، يتعالى الصراخ ، والصفير ،ويعلن احدهم "هذا الولد" في اول لقطة كبيرة ،يظهر فيها بطل الفيلم فيحسم الجدل والاستفسارات ، وتظل مشاعر التعاطف والتحذير من رئيس العصابة حتى ظهور كلمة النهاية .
قبل انقراض دور السينما في بغداد وتحويل بعضها الى مخازن تجارية واخرى مسارح للعروض الهابطة ، احتفظت صورة البطل بحضورها في اذهان الصغار والكبار ،فيعيدون تمثيل مشاهد ضرب اللكمات ، واستخدام "فجوج الباجة" مسدسات غير مزودة باجهزة كاتمة للصوت، لتبادل اطلاق النار ، وفي تلك المشاهد الحية في الهواء الطلق بقرب سينما الفردوس بشارع الكفاح والكرنك بمنطقة البياع والبيضاء في بغداد الجديدة ، يكون البطل من يمتلك القوة العضلية ، وسرعة الجري ، واجادته القفز ورشاقة الحركة ، وحين ينهي مهمته بالقضاء على الخصوم كبيرهم وصغيرهم ينال شهادة الاعترف بانه "الولد بطل الفيلم" فيمتلك حق حمل سلاحه "فج الباجة" بجيب الدشداشة الصفح ، او تحت قميص البجامة البازة المخططة .
"ابو الاربعين" الموقع الاقل سعرا في دور السينما الشتوية والصيفية كان ميدانا لاعلان ولادة الابطال من الممثلين المصريين او الاجانب ، ومع عرض المشاهد الاولى من الفيلم يتفق المشاهدون على بطل واحد ، بغض النظر عن قتله الابرياء من الهنود الحمر او الزنوج، وقد تثير مثل هذه المشاهد الكبار ، فيبدون اعتراضهم على القتل المجاني ، وحين يعترض احدهم على ذلك ، يواجه انتقادات العشرات ، وهناك من يمنعه من التعليق ،والاستهانة ببطولة "الولد " وجرح مشاعر المتعاطفين معه ، فيضطر المعترض على القتل المجاني الى الالتزام بالصمت ، خشية التعرض لغضب المشاهدين المسلحين بـ "فجوج الباجة ".
ذاكرة رواد السينما وبالتحديد موقع "ابو الاربعين" ظلت حتى الوقت الحاضر تحتفظ بصور الابطال وافلامهم ، وحين يسترجعها الباحثون عن تفاصيل الماضي ، الساخطون على حاضرهم ، يجدونها حاضرة في حياتهم في الوقت الراهن ، ولاسيما في المشهد السياسي العراقي ، فهناك من يدعي انه بطل الفيلم الوحيد ، يمتلك اسلحة مختلفة الانواع، سخرها للقضاء على كل العصابات، فاستحق لقب البطل التاريخي في المنطقة العربية .
المئات من الساسة والمسؤولين العراقيين ليس من المستبعد ان يكون احدهم ارتاد دورالسينما ودفع بطاقة بمبلغ اربعين فلسا ،وصفق مع بقية المشاهدين للولد ، هذا السياسي"ابو الاربعين" امامه مهمة صعبة في ملاحقة عناصر العصابة و"فج الباجة" سلاح الزعاطيط لايمنح لحامله امكانية الحصول على لقب بطل الامة في منطقة مضطربة .
"الولد " بطل الفيلم
[post-views]
نشر في: 1 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو عزيز
بصراحة عزيزي استاذ علاء تذكرني بالراحل ابو كاطع ولكن بأسلوب اهل المدينة ،تحياتي