كثيرة هي الأمثال الشعبية التي تضرب للدلالة على استئثار شخص ما بشيء لنفسه او لأحد يخصه حتى لو لم يكن ذلك الشيء ملكا له، فكم غمز موظف ما زميلا له وهو يقول: "مركتنه على زياكنه" مشيرا بذلك الى تعيين قريب او نسيب لمدير الدائرة في احد مفاصلها المهمة وكم تبادل بعض الباعة او التجار التهم واحيانا الشتائم او اللكمات اعتمادا على المثل الشعبي القائل " كلمن يحود النار لكرصته " بعد ان يخطف احدهم زبونا او عميلا ممتازا ..
هذه الأمثال تتنافى مع سمة إيثار الآخرين على النفس ويمكن ترجمتها الى إيثار المقربين على أصحاب الاستحقاق فبعد ان كانت الوظائف الكبرى والبعثات والمراكز السياسية المهمة مخصصة لأقارب المسؤولين ونسائهم ومعارفهم وأصدقائهم وكل من يسأل عنهم ، عادت الأمثال الى الظهور من جديد باحتواء اغلب الوزارات على بطانة تخص وزيرها وصار كل مسؤول رفيع المستوى مسؤولا ايضا عن " لقمة عيش " أقاربه ومعارفه فالأقربون أولى بالمعروف ولاضير ان يؤجل النظر في الكفاءات الى إشعار آخر لأن الإيثار يشمل أصحاب الولاء أولا..
مع نزول لافتات وصور الدعايات الانتخابية الى الشوارع ، وجد العراقيون مايلهيهم عن التفكير في متاعبهم الخاصة ففضلا عن اقتراب المحك الذي سيتقرر به مصير أيامهم المقبلة ومايترتب على ذلك من مشاحنات بين الكتل والأحزاب والفئات حول القرارات البرلمانية وفوضى أمنية تتمثل في تزايد التفجيرات وتسقيط متواصل لأسماء معروفة بين المرشحين للانتخابات ، بدأ موسم جديد من الكوميديا الانتخابية اذ عكست الصور الكثير من ( المرك على الزياك ) بترشيح الفائزين السابقين لأقاربهم قبل غيرهم ، واتضحت معالم الإيثار بمعناه الجديد عبر تفضيل المتزلفين على أصحاب الاستحقاق والكفاءات ممن يمكنهم بناء الوطن وترميم دماره لو منحت لهم الفرصة الحقيقية ..
في احدى سيارات النقل الخاص ، تحول الركاب الى متفرجين ونقاد لاذعين للشعارات والصور التي رافقت الدعايات الانتخابية فاطلقوا على من سمى نفسه ( حامي ثروات العراق ) اسم ( حرامي الثروات )وسخروا ممن سمى نفسه ( خادم العراق ) لأنه اشتهر بخدمة نفسه ومريديه ..اما من استفز العراقيين بقوله ( هالله ..هالله بالعراق ) فقد حاز على اكبر نسبة من السخرية وقال له الركاب ( هالله ..هالله بينه ) ..ولم تفلت منهم السيدات المرشحات طبعا خاصة حين سأل رجل مسن عن سبب وضع امرأة مع رجل في صورة واحدة وتكرار هذا الأمر في عدة صور ..فقد قال له الفاهمون ان ذلك يعني انتمائها لنفس كتلته فلم يفهم معنى ذلك ..وهنا ، القى رجل آخر نكتة ساخرة حين قال له : " لكل امرأة مرشحة ..رجل محرم " .
بهذه الطريقة يستقبل العراقيون الانتخابات ..بالتوجس ..والسخرية من الوجوه المتكررة والخشية من الوجوه المجهولة المعالم واكثر مايخشونه هو نهاية السباق الأرعن للطامع بالولاية الثالثة فهو كالحصان الأعمى الذي يشعر بشجاعة كبيرة مادام لايرى شيئا أمامه ولايهمه مايدوسه في طريقه ومايحدثه من خراب مادام يجري لاهثا للفوز بالسباق ..
هالله هالله.. بينه
[post-views]
نشر في: 4 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو همس الأسدي
الأخت عدوية المحترمة ... للحصان كل المبررات التي تجيز له الأدعاء بالشجاعة وأن يدوس مايعترض طريقه وله كل الحق في حدوث أشكال الخراب والمصائب كونه حيوان أولا وأعمى ثاتيا !!! فمابالك بالأنسان المؤمن الذي لايهمه كل ما حل بالوطن من خراب وفواجع وفساد وتخلف ولا