قلنا سابقا ونعيد القول، إن جماعة الإخوان المسلمين ليست أكثر من صنيعة، نشأت وترعرعت ونمت في ظل الدعم الغربي لها، خصوصاً من بريطانيا العظمى، التي تزعم اليوم أنها ستراقب نشاطهم فيها، وتظن أنه ما زال سراً أن جهاز مخابراتها، احتضن سيف الإسلام القذافي حين استقر في لندن للدراسة، وأنها حثته على عدم التضييق على هذا التنظيم، وإنما محاولة احتوائه، وقد فعلها ابن العقيد، فأفرج عن المعتقلين منهم، ووظفهم برواتب مجزية في العديد من الشركات، بعيداً عن الدوائر الحكومية الفاعلة، ولا بد أن قيادة هذا التنظيم تلقت نصيحة مماثلة من نفس الجهاز، لغض النظر عن ارتكابات العقيد الذي بات أسيراً لما يزوده به الإيطالي بيرلسكوني من حريم ومخدرات، ذهبت بما تبقى من عقله وتوازنه.
إخوان الأردن لا يخيبون ظننا، فهم بعد أن جرّدوا حناجرهم للدفاع عن مرسي العياط ورابعته، يعلنون اليوم أن فوز حزب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالانتخابات البلدية، كان "فوزاً للشعوب المستضعفة، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال، ولطلاب الحرية ودعاة الإصلاح، الذين تجهد قوى الفساد والاستبداد لخنق صوتهم"، وهم لا يخفون في رسالة بعثوها لسلطان إسطنبول الجديد أنهم تابعوا بقلق واهتمام أنباء تلك الانتخابات، باعتبارها استفتاء على سياسة أردوغان وحزبه، بعد "الحملة الظالمة التي شنتها بعض وسائل الإعلام والقوى السياسية محلياً ودولياً المعروفة الدوافع، على شخص أردوغان وحزبه الذي قاد مسيرة الإصلاح في تركيا، وحقق إنجازات عظيمة، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي، محدثاً نقلة هائلة، جعلت تركيا في مقدمة دول العالم".
جماعة الإخوان التي تتزلف للعاهل الأردني و تتملقه، وتعلن الحرب على اختيارات الشعب المصري، وتصدر الإرهابيين الذين يتجمعون على أرضها إلى سوريا لتخريب ثورتها، وتناور مع إيران طمعاً في مالها الحلال، وتعقد هدنة مع "العدو الصهيوني" بينما تزاود على الرئيس الفلسطيني، الذي انقلبت عليه في غزة، فتطالبه بالوقف التام والنهائي لأي مفاوضات قد تُفضي إلى السلام، تؤكد من جديد أنها لم تكن في يوم من الأيام تنظيماً وطنياً، يدافع عن مصالح المواطنين، مكتفية برفع شعار " الإسلام هو الحل"، دون أن تبين ولو مرة واحدة تفاصيل هذا الشعار، ولا كيفية تطبيقه، متلاعبة بمشاعر البسطاء من المؤمنين، وتُثبت أنها تنظيم عابر للقارات، حين تعتبر فوز أردوغان انتصاراً لإخوان الأردن، ولسنا نجد تفسيراً لذلك بأي شكل من الأشكال.
يتهموننا بالتحامل على هذه الجماعة، لكن أحداً لا يجيب على تساؤلاتنا عن مصلحة الأردني في إبراز العداء للشعب المصري، وما هو البديل عن علاقة طيبة ومتينة يحتاجها أبناء الشعبين، ولا أحد يملك إجابة على تساؤلنا عن مصلحة الأردني والعربي في فوز أردوغان، غير الاستمرار في تصدير المسلسلات الماراثونية التي باتت أفيوناً للتخدير، في حين أنها لا تعبر بصدق عن واقع الحال في تركيا، ولا علاقة لها بأخلاقيات الإسلام، وماهي مصلحة الأردني والفلسطيني في هدنتها مع الإسرائيليين في غزة، بينما هي تحاول الاعتداء عليهم من الضفة الغربية نكاية بعباس والسلطة، بينما تظل إمارتها الظلامية آمنة لا تنطلق منها طلقة واحدة ضد أبناء عمهم، كل ذلك وشيخ قطر ينتقل من عاصمة إلى أخرى، باحثاً عن دعم للجماعة التي تسخر فضائية الجزيرة كل إمكاناتها للترويج لهم، بينما أثبتوا بجدارة عجزهم عن إدارة الدول، والتجربة المصرية ماثلة للعيان.