اثنا عشر يوماً هو كل ما تبقى من فترة الترقب الكروي قبيل بدء الصراع الانتخابي الملتهب بكل ما تعنيه نار التنافس بين المرشحين لنيل ثقة الهيئة العامة لاتحاد كرة القدم التي ستتحمل للمرة الثالثة في تاريخ اللعبة منذ عام 2003 مسؤولية دفع شخصيات غير كفوءة لقيادة شؤون أهم لعبة في البلاد وذلك ما أكدته المهاترات وحملات التشكيك التي طالت البعض لاستمراره في البقاء تحت وابل الاتهام.
ولعل العنوان اللافت الذي يوجز المرحلة الراهنة التي تسبق موعد الانتخابات هو (تدني مستوى التعاطي الأخلاقي مع الانتخابات) واستغلال البعض أزمة كرة القدم أبشع استغلال بتوجيه ضربات طاعنة لهذا المرشح وذاك من اجل خلط الأوراق وإيجاد فرصة لتغيير مواقف المؤيدين إلى معارضين وترغيب ضعاف النفوس بنصيب في الدورة الجديدة ، وللأسف أن يبادر عدد من المدربين إلى نزع مبادئهم وينضمون إلى ساحة التناحر الانتخابي عبر دعم هذا المرشح أو ذاك إلى درجة عدم الخجل من الإعلان بدعم اسم معين لتجديد الثقة به في حين تناسوا أنهم كانوا أول المهاجمين لسياسته في إدارة اللعبة عقب إخفاق المنتخب الوطني في مناسبة سابقة.
مشكلة كرة القدم في العراق أنها تحدّت ظروفها القاهرة وعكست وحدة الأسرة الكبيرة (الشعب) وتماسكه وإصراره على التعايش الآمن بين جميع طوائفه ومذاهبه وقومياته ، ورسموا بدمائهم لوحة التضامن السلمي والتآخي على أرصفة رُشّت بدم ضحايا الفرح التاريخي بتتويج الأسود بكأس أمم آسيا 2007، لكن الأسرة الصغيرة (أعضاء إدارة الكرة وعموميتها) ذاتهم صاروا مضرباً لأمثال التفرقة والتمزق والانحلال المهني ولم يزالوا يعيشون أسوأ فصول التآمر ضد بعضهم البعض منذ أن تبادل رعد حمودي وناجح حمود الطعن بينهما تحت سقف قاعة نادي الصيد عام 2004 حينما عيّره الأول بإطلاق سراحه من السجن بعفوٍ رئاسي بينما رد الثاني ان أحقية الترشيح لمن أكل الحصة التموينية وليس من عاش رغيداً في الخارج !
وهكذا استمر مسلسل (الإطاحة) حتى وصل إلى نصب كمين إلى رئيس الاتحاد السابق حسين سعيد قبيل أيام من تقديم استقالته وذلك بقيام احد الأعضاء المهمين في الاتحاد بالوشاية عليه لدى هيئة المساءلة والعدالة التي أصدرت قراراً بإبعاده عن الانتخابات ، لكن أمراً صدر من (فيفا) أوصى بتوفير الحماية للمشاركين في انتخابات 2011 بمن فيهم سعيد والمضي بإجرائها من دون تدخل حكومي ، وتم تضييق الخناق على رئيس الاتحاد بانشقاق ناجح حمود مع كتلته وإجباره على خوض السباق التنافسي في بغداد وليس أربيل فقرر سعيد تقديم استقالته وإنهاء علاقته باللعبة محلياً.
واليوم يعاد سيناريو (الإطاحة) من داخل البيت نفسه حيث يواصل رئيس الاتحاد المنحل البحث عن مخرج سريع من قيود المساءلة والعدالة التي كبلت طموحاته الانتخابية بتوقيت سيء وتزايد الضغوط عليه حتى من أقرب الناس إليه مهنية عضو الاتحاد محمد جواد الصائغ الذي كشف عن تبنيه لحمود طوال 25 عاماً لاعتبارات الصداقة والمدينة ، قبل أن يكتشف في وقت متأخر عدم صلاحه لولاية ثانية ويقدم دعمه لمنافسه عبد الخالق مسعود بالتلويح بكراس برنامجه الانتخابي أمام ملايين المشاهدين مؤكداً أنه الرجل الأوفر حظاً لنيل الثقة المطلقة من العمومية في الفترة التكميلية لغاية نيسان 2015.
وما يثير ملف الانتخابات غرابة ودهشة التحوّل المفاجئ لرئيس الاتحاد السابق حسين سعيد المقيم في أربيل وبدئه سلسلة من التصريحات لوسائل الإعلام يؤكد فيها عدم إجراء الانتخابات في موعدها ، وأن هناك هيئة مؤقتة ستدير عمل الاتحاد من دون أن يعطي إشارات واضحة عن دلائل قناعته ، بل يبدو انه يتراجع عن موقف دعمه لمسعود كما أعلن جهاراً ومراراً، في حين جاء الرد سريعاً من مستشار (فيفا) د.شامل كامل المكلف بالإشراف على الانتخابات يوم 20 نيسان الحالي بأنه لا صحة لتشكيل الهيئة المؤقتة وسيحضر إلى بغداد يوم 13 الشهر نفسه للتنسيق مع اللجنة العليا المسؤولة عن ملف انتخابات الاتحاد.
ولما مضى ، نقترح أن يعلن ناجح حمود سحب ترشيحه من الانتخابات حفاظاً على مصلحة الكرة العراقية وعدم إقدامه على تدويل الأزمة لئلا تضرب أجندة المنتخبات الوطنية وتعرّض اللعبة إلى تجميد محتمل في حالة تصعيد الأمور إذا ما عدّ (فيفا) قرار الاجتثاث تدخلاً حكومياً صِرفاً وليس صادراً من هيئة قضائية مستقلة، وبذلك يثبت حمود نياته الخالصة وترفعه فوق نزواته المكنونة بين تظلمه ودفاعه عن تهمة اختلف عليها قضاة الهيئة السبعة، وبين تطلعه لرد المشككين بقيادة الاتحاد منذ ثلاث سنين ، وإني على يقين كبير أن الرجل سينحاز في قراره المصيري إلى العراق وليس إلى اسمه ويمكنه بعد انتهاء الفترة التكميلية أن يعدّ أوراقه جيداً بعد نيل التبرئة من الهيئة ويدخل الانتخابات مستفيداً من لوائح عدة يتم كتابة مسودتها للنهوض بمقام اللعبة دولياً وعودة الوئام بين أهلها.
حمودانسحب من اجل العراق
[post-views]
نشر في: 5 إبريل, 2014: 09:01 م