TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من ستنتخبون وخيال صدام حسين

من ستنتخبون وخيال صدام حسين

نشر في: 5 إبريل, 2014: 09:01 م

سؤال سيظل يواجهني ويواجهكم يومياً، حتى نهاية نيسان. وهو اذ يعكس حيرة حول من سندلي لصالحه بصوتنا الوحيد، فإنه يستمد صعوبته من عدم وجود حل سحري، او حزب وشخص قادر على تغيير حياتنا بلمسة على لوحة مفاتيح الزمان. وعلى من يبحث عن مرشح مزود بمعجزات او "ساحر" ان يوفر جهده ووقته ويقلع عن متابعة حتى الاخبار، اذ اننا مرتهنون بتاريخ بطيء، لا يعبأ باستعجالنا وخيبتنا، فهو يمشي الهوينى قبل ان يولد آباؤنا، وسيظل يتفرج ساخراً بعد ان نغادر بصمت نحن وابناؤنا.
واذ لايوجد اصحاب معجزات وسحرة في عصرنا هذا، فإنه ايضاً عصر الارادة الانسانية المبتكرة، الطاردة لليأس، فابناء الحداثة شجعان لا يوهمون انفسهم بنصر مزيف، ولا يقللون من شأن خصومهم، لكنهم ايضاً يؤمنون بان هناك دوماً، امكانية لتخفيف سوء الاوضاع السيئة، وزيادة حسن الاحوال الحسنة.
وفي مثل ظروفنا الحالية، ولاننا بعد اربعة ايام سنعيش الذكرى الحادية عشرة لسقوط الدكتاتور الذي تسبب لنا ولنفسه، بالتورط في خيارات نقصتها الحنكة والحكمة، فإن احد المبادئ التي يمكن ان تساعدنا في اختيار مرشحنا المفضل، هو درجة الشبه التي قد تقربه او تبعده من صدام حسين.
ولصدام حسين مواصفات تعرفونها، وتكرهونها، بينما يؤدي "اللاشعور السياسي" لدى بعض الساسة والجمهور، الى الاعجاب بنموذجه في السيطرة والقوة، وهي سيطرة زائفة وقوة غاشمة منخورة كما اتضح لاحقاً.
المرشح الذي ينبغي ان نصوت له، لا يكفي ان يحلف لنا بأغلظ الايمان، انه عارض صدام حسين مستحقاً "الخدمة الجهادية"، فكثير من معارضي الامس، اعتنقوا نهج الدكتاتور في التعامل مع مشكلات البلاد. هل نعدد سمات ذلك النهج: التعويل على القوة الرعناء، وعدم احترام السياسة كفن تفاوضي يجمع الناس ولا يشتتهم، وعزل البلاد عما حولها، واستعداء الجيران، ونقص المهارة اللازمة لابتكار الحلول.. والاخطر، استبعاد الكفوء الحكيم، وتقريب الاقزام عديمي الخبرة، الذين يصفقون للسلطان ويحسبون البلاد مزرعة لآبائهم، يفلح فيها الشعب رغم انفه.
لقد شهد نيسان ٢٠٠٣ تخلصاً من صدام حسين ونظامه بقوة اجنبية، لكننا في اول انتخابات برلمانية بعد خروج الجيوش الاجنبية، وبعد ١١ نيساناً على ذلك اليوم، نواجه سياقاً مشابهاً يتطلب تغييراً بفعل شعبي. واذا اعترض البعض على المقارنة، ومن حقهم ان يعترضوا بشأن تفاصيل كثيرة، فإن التشابه الاساسي بين سياق فريق السلطة الراهن وصدام حسين، هو اعتماد سياسة استقواء لاخضاع الشعب، ستعجز عن حفظ وحدة البلاد، والاهم انها تعجز عن صناعة مفهوم حديث للامن الوطني، تقوم الدول المحترمة بتكوينه على اساس توفير مناخ حديث من الكرامة، يجعل كل ابناء البلاد، مساهمين في صناعة الاستقرار. هكذا عجز صدام حسين عن ادراك هذه المعادلة، فسقط وأسقطنا معه، وبالطريقة ذاتها يعجز فريق السلطة اليوم ويقودنا الى سقوط اكثر ترويعاً، لخدمة نزواته وأوهامه.
ليس الامر اذن مناكفة ولا "حسد عيشة" ولا ترفاً. وببساطة فإن في وسعنا العودة الى "نقطة مرجعية" من صيف ٢٠١٢، يوم اجتمعت اطراف مهمة في اربيل منادية بإحياء وثيقة الاصلاح التي وقعها الجميع كشرط لتشكيل حكومة المالكي الثانية. وتضمنت تعهداً باصلاح وضع السجون والجهاز القضائي والعسكري، واعادة الاعتبار للامركزية الادارية، واحترام الفصل بين السلطات، والهيئات المستقلة، وسواها من البنود الاصلاحية. ان تلك البنود هي الحد الفاصل بين سياق صدام حسين، والصيغة الحديثة التي نطمح إليها. وبدون ان يعاد الاعتبار لوثائق الاصلاح المكتوبة في ٢٠١٠ و٢٠١٢، فإن اي حلم بعراق مستقر سيظل وهماً محضاً.
ان الاقتراع الوشيك ينبغي ان يكون مناسبة ل"تجديد العهد" بالمطالب الاصلاحية المنضجة، فقد حذرنا يوم طرحها، ان اهمالها سيقود البلاد الى كارثة. وها نحن اليوم في "عين العاصفة"، بما يعني ان مبررات الاصلاح وبنوده وممثليه ايضاً، صاروا اوضح وبات المبرر لهم اكبر. وهذا ما يجعلني اتفاءل بأن الوقت لم يفت بعد للحصول على "نيسان جديد".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. ياسين عبد الحافظ

    حتى نبرى ذمتنا لله والوطن ونوفى للعراق الجديد,ننتخب:1-اذا كنت شيعى انتخب الكتلة الشيعية القريبة من السنة والاكراد 2. اذا كنت سنى انتخب الكتلة السنية القريبة من الشيعة والاكراد.3.اذا كنت كردى انتخب الكتلة القريبة من السنة والكتلةشيعة.4 اذا كنت تركمانى انتخ

  2. حسن العراقي

    قل لايغير الله بقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ؟

  3. ابو سجاد

    سنبقى مهددون بالعاصفة الا في حالة ازاحت الرؤوس الموجودة في الساحة فمن يمتلك القدرة على ازاحاتها وستزداد قوة العاصفة بوجود هؤلاء المشكلة ليس بالمرشح ولكن المشكلة بهؤلاء رؤساء الكتل اهل الحل والعقد و لطالما بقوا هؤلاء فلا نجاة من كارثة العاصفة العلة يااستاذ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram