اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > التاريخ على طريقة المالكي

التاريخ على طريقة المالكي

نشر في: 5 إبريل, 2014: 09:01 م

المالكي منفعل هذه الأيام، في كل خطاب نراه أكثر عصبية ، يرفع إصبعه بوجه كل من يتحدث عن تحديد ولاية رئيس مجلس الوزراء ، قواته الدفاعية على أهبة الاستعداد لملاحقة ومحاصرة كل من تسول له نفسه الحديث عن اخطاء الحكومة وخيباتها، يريد منا نحن العراقيين ألا نغادر عصر السمع والطاعة، يقول لك: "لولا دولة القانون لاشتعلت البلاد بحرب طائفية حتى يومنا هذا"، يصر على ان التغيير الذي حصل في العراق لم يكن يوم 4/9/2003، وانما حسب التقويم المالكي ، فان شرارة الربيع العراقي حصلت "منذ ثماني سنوات ونريد ان نستمر فيه".
المالكي ومعه ائتلاف دولة القانون يطالبوننا بان نقلب " الروزنامة " جيدا، كي نعرف انه لولا لطف الخالق بعباده المساكين من العراقيين لتحول العراق اليوم الى مستنقع للجريمة والفساد، ولاننا شعب طيب فلا بد من " الطبطبة " علينا قبل الذهاب الى فراش النوم ، وتنبيهنا بان ليس في الامكان احسن مما كان.
يريدون منا ان نتعلم من تجارب الدول المتحضرة التي لها باع طويل في الديمقراطية، ويضرب لنا النائب كمال الساعدي مثلا ببريطانيا التي سمحت لرئيسة وزرائها مارغريت تاتشر ان تتولى رئاسة الوزراء ثلاث دورات، وينسى السيد النائب الذي لم يشاهد للأسف فيلم السيدة الحديدية للعبقرية ميريل ستريب ، كيف أن تاتشر قدمت استقالتها بعد ان تأكدت من عدم مقدرتها على التفاهم مع أحزاب المعارضة، ولم تكتف بذلك بل انها طلبت إعفاءها من رئاسة حزب المحافظين.
في 22 آذار 1945 اقترع البريطانيون على خسارة تشرشل الذي قاد بلادهم إلى النصر في الحرب العالمية الثانية.. لم يفعل صاحب شارة النصر الشهيرة شيئا ، سوى أن قال لسكرتيرته: " إنها الديمقراطية التي ستجعلني أنصرف إلى هوايتي المفضلة ، الرسم والكتابة"، وبعد سنوات يقترع الفرنسيون ضد التعديل الدستوري الذي اقترحه ديغول ، ولم يفعل الجنرال الذي حرر فرنسا من الألمان ، سوى أن وجه رسالة قصيرة للشعب جاء فيها:" اعتبارا من اليوم أتوقف عن ممارسة عملي رئيساً للجمهورية ".
أوهم حسني مبارك نفسه بأن العناية الإلهية معه ولم يجد جوابا حين سُئل مرة عن خليفته في حكم مصر إلا أن يقول:" الله وحده يعلم من سيكون خليفتي، وأنا أفضّل من يفضّله الله " ‎ ومثله مثل العديد من مسؤولينا الأشاوس، اعتقد مبارك أن العناية الإلهية هي التي تختار الرؤساء، وهي وحدها من تملك الحق بابتعادهم عن الكرسي، ولهذا فلا علاقة للناس باختيار الحاكم، فهذا شأن مقدس لا يجوز الاقتراب منه.
في مقابل صورة المسؤول الملتصق بكرسيه، نشاهد يومياً صوراً لمسؤولين يعتبرون أنفسهم جزءاً من التغيير والتطور الذي يشهده العالم.. لم نسمع أحداً منهم يعتقد أنه ورث الكرسي الى ابد الابدين.
في عراق اليوم يصرّ العديد من مسؤولينا على المضي قدما في إعادة إنتاج نظام استبدادي جديد، ولهذا نراهم يرفضون مبدأ التداول السلمي للسلطة محذرين من ان تتحول الخلافات على المناصب الى نزاعات مسلحة.. أو ان غياب إئتلاف دولة القانون عن السلطة، سيدفع بالبلاد الى فوضى، كما بشرنا المالكي أمس.
لا أريد من هذا المقال، مقارنة ساستنا بديغول أو تشرشل.. فأكيد لا أحد منهم لديه هواية الرسم والكتابة.. وايضا لا أحد منهم يؤمن بالتداول السلمي للسلطة.. فنحن لا نملك برلماناً يذهب إليه المسؤول ليقدم كشف حساب بما قدمه للناس.. وما من قضاء يحاسب المخطئ.. لا شيء سوى دولة رئيس مجلس الوزراء، ومعالي ومقربيه الذين أضاعوا عشرة أعوام من أعمارنا.
الأنظمة الديمقراطية تعطي الحق للناس بانتخاب من يمثلهم في المؤسسات التشريعية والتنفيذية.. لكن ديمقراطيتنا "العرجاء" تريد أن تنقل إلينا نموذج "الزعيم الأوحد".. وحين نقول يا سادة، دورتان من السلطة ألا تكفي؟! يكون الجواب: إننا وحدنا القادرون على إنقاذ البلاد من الكوارث، وإننا ماسكو العراق، ولولانا لانفرط عقده.
عندما يصر رئيس ائتلاف دولة القانون على وضع تاريخ للعراقيين يبدا من لحظة جلوسه على الكرسي .. فهو يهين الدماء والأرواح التي قدمها هذا الشعب على مدى عقود طويلة من اجل ان يتنفس هواء الديمقراطية الحقة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. أبو سعد

    سيدي العراقي كمال الساعدي وحسن السنيد وعباس البياتي والكارثه حنان الفتلاوي والموسوي مستشار سعادة رئيس الوزراء والمستشاره القانونيه التي لاتعرف كم هو عدد ال 50 زائد واحد في البرلمان هم سبب كارثة السيد المالكي ....المالكي ليس فاشلا في تاريخه السياسي ضد النظ

  2. ابو اثير

    سيدي الفاضل ... أن من أحد أسباب تشبث السلطان بولاية ثالثة والقتال في سبيل الحصول عليها بشتى السبل كالضغط على الناخبين من أفراد القوات المسلحة وأحتواء الممثلية المستقلة للأنتخابات وتحريك القضاء نحو الخصوم وأيجاد الذرائع لأبعادهم وخوض العمليات العسكرية والق

  3. الفارس

    انته ماكافي ( تمسلت )

  4. ام حسين

    الأخ العزيز الاستاذ علي حسين منذ سنتين وانا أتابع مقالاتك التي تنشر على صفحة عراقنا، أني لست بكاتبة ولا أستطيع التعبير عن ما يدور في داخلي من الألم والحزن على عراقنا الجريح ولكني اجد في مقالاتك صرخة مدوية في أذان المسؤولين . مزيداً من المقالات عسى ان تكو

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram