لم يُسفر اجتماع اللحظة الأخيرة الذي استمر عدة ساعات، وضم الوفدين الفلسطيني برئاسة صائب عريقات، والإسرائيلي برئاسة تسيبي ليفني، ورعاه المبعوث الأميركي لعملية السلام مارتن إنديك، عن أي تقدم في الملفات التي تم بحثها، ولم يحقق أي إنجاز في المفاوضات بين الطرفين، نتيجة لإصرار الوفد الإسرائيلي على استمرار الضغط والابتزاز، ورفض إطلاق سراح الأسرى الثلاثين، ممن ظلوا معتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو عام 1993، وقد أضافوا لمطالبهم المتعنتة جديداً، تمثل بطلب تجميد خطوة التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من قبل الرئيس محمود عباس.
الإسرائيليون يناورون لتمديد المفاوضات بدون تحديد سقف زمني لها، مع إعلان الجانب الفلسطيني موافقته على ذلك قبل إطلاق سراح الأسرى، مع أن إطلاق سراحهم متفق عليه منذ زمن، كما يطالبون بعقد لقاء بين عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وعلى أساس أن الدولة الفلسطينية لن تقوم إلا بالتفاوض المباشر بين الطرفين، ولو دون أي رعاية من طرف آخر، وبالتزامن يتوعد نتنياهو الفلسطينيين باتخاذ إجراءات أحادية الجانب، رداً على تقدمهم بطلب الانضمام إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية تابعة للأمم المتحدة، وكأنّ كل عمليات الاستيطان لم تكن خطوات أحادية، أو أنها تحظي بمباركة السلطة الفلسطينية، ولايتوقف رئيس الوزراء الاسرائيلي عند ذلك، فيزيد بأن التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، لن يؤدي إلا إلى إبعاد اتفاق السلام، ويؤكد أن إسرائيل مستعدة لمواصلة المفاوضات، ولكن ليس بأي ثمن، وعلى أساس أن على الجانب الفلسطيني دفع كل الأثمان والكلف، لتنعم الدولة العبرية بالأمن والأمان، وهي تتوسع يومياً على حساب أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة.
تسعى إدارة نتنياهو، مع تغاضي الراعي الأميركي غير النزيه، إلى تكريس مفهوم أن عباس ليس شريك سلام، فعلت ذلك من قبل مع ياسر عرفات، خصوصاً في اجتماع كامب ديفيد، حين رفض الزعيم الفلسطيني تقديم تنازلات، رضوخاً لمشيئة أيهود باراك، حينها انطلق الصراخ بأن عرفات ضيّع فرصة لإرساء السلام، فيما الحقيقة التي يحاول البعض تغطيتها، أن تعنت باراك كان السبب، كما هو الحال اليوم، حين تماطل العقلية الصهيونية بتنفيذ التزاماتها، بينما يتخذ الفلسطينيون خطوة تؤكد التزامهم بالسلام كستراتيجية، مع تغيير شروط التفاوض جذرياً، والتأكيد مجدداً أن أي مناورة لن تجدي، أو تقود للتراجع عن طلب الانضمام إلى المعاهدات الدولية، باعتبارها خطوة حضارية وإنسانية وتحترم القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية للدول المتحضرة.
يعني التوقيع على معاهدات جنيف الأربع، أن دولة فلسطين المعترف بها من الأمم المتحدة كدولة غير عضو، ستصبح بعد شهر من الآن دولة تحت الاحتلال، ذلك ما يغير قواعد اللعبة، وما يثير غضب الجانب الإسرائيلي، المتمسك بفكرة الاستعلاء والغطرسة، اعتماداً على الواقع الفلسطيني الراهن، متجاهلاً أن ذلك لايُسقط الحقوق وإن طال الزمن، ما يدعو إلى تذكير نتنياهو أن أية مفاوضات قادمة، ستصبح فقط على جدولة الانسحاب من أراضي دولة فلسطين، باعتبارها دولة تحت الاحتلال، وليست مجرد أراض متنازع عليها، واليوم بات واضحاً أن الوسيط الأميركي يحاول القفز عن هذه الحقيقة، بسعيه لاستمرار التفاوض العبثي على الأسس القديمة، رغم أن الجولة الأخيرة التي كان مقرراً أن تنتهي آخر هذا الشهر، أتت بعد ثلاث سنوات من الجمود، وبرعاية أميركية، وفشلت نتيجة موقف المفاوض الإسرائيلي واستمرار الاستيطان ورفض تسوية على أساس حدود عام 1967، فضلا عن اشتراط اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل.
والنتيجة أن المسألة ليست مفاوضات فقط، هناك طرق أخرى تقود إلى نتائج أفضل.
شيء آخر غير المفاوضات
[post-views]
نشر في: 8 إبريل, 2014: 04:25 م