اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وجوه صدام الساخرة

وجوه صدام الساخرة

نشر في: 8 إبريل, 2014: 09:01 م

لسنا مجموعة من السذج حتى ندرك أن ما جرى خلال الإحدى عشرة سنة الماضية مقطوع الصلة بما جرى أيام حقبة "القائد الضرورة" .
لعل ما جرى ويجري في العراق خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل أثر للتغيير، وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز، وإذا كان العراقيون البسطاء قد توسموا خيرا بعد سقوط تمثال "صدام" فقد خاب ظنهم حين اكتشفوا أن بينهم اليوم أكثر من صدام، المشهد العراقي بعد احد عشر عاما يظل حافلا بالعديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام الحائرة، ولعل أبرزها هو: ما معنى تضحيات العراقيين في الخلاص من دكتاتورية صدام ليجدوا أنفسهم وجها لوجه أمام دكتاتوريات القتل المجاني وكواتم الصوت والترهيب والتخوين؟ ما معنى أن نجد مسؤولين كانوا نائمين معظم سنوات عمرهم في فراش "القائد الضرورة" ثم يدعون أنهم أصحاب التغيير وحراس الديمقراطية، ما معنى أن يدخل الجميع في صفقة لفتح ابواب وشبابيك الوطن امام دول الجرار، ما معنى أن يصرّ المقربون من رئيس الوزراء على اتهام مخالفيهم في الرأي بأنهم ينفذون أجندات خارجية؟
لم يكن العراقيون يتصورون أن تضحياتهم في سبيل الخلاص من وصايا القائد يمكن أن تفرخ وصايا جديدة عن الاخلاق والفضيلة ورضا الحاكم، وأن مسؤولين جاءوا على ظهور دبابات الديمقراطية يصابون اليوم بحالة من الدروشة الثورية كلما سمعوا كلمة امريكا.
هل تغير شيء؟
الواقع يقول إن الناس كانوا يأملون أن يعيشوا في دولة قانون يتساوى الجميع أمامها، فاذا هم في مواجهة دولة لها أكثر من قانون يشجع على جرائم النصب والاحتيال واستغلال المنصب وترهيب الناس وقتلهم على الهوية.
الناس تصوروا أن الديمقراطية ستقدم إليهم ساسة يسعون إلى بناء مؤسسات حديثة، وسيبدعون في الإعمار وإدارة شؤون البلاد أكثر من إبداعهم في فنون السرقة واللعب على الحبال، واعتقدوا أن الذين جاءوا باسم المحرومين والمظلومين لن يتحولوا في ليلة وضحاها إلى أغنى طبقات المجتمع، وأنهم سيصدعون رؤوسنا بخطب عن دولة القانون فيما هم ينتهكون القانون صباح كل يوم..
هل تغير شيء؟
الناس كانوا يأملون أن يجدوا ساسة منشغلين بالبحث عن الرفاهية والعدالة الاجتماعية، فإذا نحن أمام ساسة مهووسين بالبحث عن شرعية دينية تبيح لهم قتل العباد ونهب البلاد.
سيقولون لنا إن نظام صدام هو سبب كل المآسي، وينسون أن الأميركان اسقطوا تمثال صدام منذ احد عشر عاما، على أمل أن يعيش العراقيون في ظل نظام جديد يؤمن لهم الاستقرار والرفاهية والعدالة الاجتماعية. هل تغير شيء؟، هل أدى النظام السياسي الجديد ما عليه، هل أوفى الساسة بوعودهم التي قطعوها للناس، هل فتح قادتنا الملهمون طريقاً واحداً يتلمس منه الناس أن أهدافهم من التغيير قد تحققت.
هل تغير شيء؟
بعد احد عشر عاما، نجد اليوم من يمارس نفس الطغيان، ويجد العراقيون أنفسهم أمام عملية استعادة للممارسات ذاتها التي كانت السبب في خراب العراق، وأن الصمت يحولها يوماً بعد آخر إلى منهج، تبدو من خلاله حكوماتنا العتيدة كأنها نسخ من حكومات ما قبل 2003.
هل تغير شيء؟
انظر مليا في مكونات المسرح السياسي ستجد خليطا من كل هؤلاء الذين لاتزال رائحة عرقهم في الهتاف للقائد الضرورة تزكم الأنوف.
لقد بات واضحاً أن حلم العراقيين بالديمقراطية والممارسة السلمية لانتقال السلطة قد أجهض وإلى غير رجعة، والسبب قوى سياسية ضحكت ومازالت تضحك على الناس بشعارات مضللة، كان العراقيون يأملون من هذه القوى أن تنهض بحياتهم، وتشرّع قوانين تمنع سرقة المال العام، وتمنع المسؤولين من تزوير شهاداتهم، تمنع تحويل مؤسسات الدولة إلى ملكية خاصة، والأهم قوانين تحترم عقول وإرادة العراقيين.
هل تغير شيء؟
الصورة بعد احد عشر عاما تقول إن لدينا رئيس وزراء لا يريد أن يغادر زمن "معارك المصير" ولدينا حاشية لاتزال تمارس وظيفة أحباب القائد، ولدينا قوات مصرة على ان تبقى تحت راية قائد النصر والسلام.
أيها العراقيون انتبهوا: صدام رحل لكن مازالت وجوه الساخرة من تضحياتكم تملا المسرح السياسي، تهتف بالروح بالدم نفديك يا.....،  فيما انتم ايها "المساكين" تحولتم الى مجرد "فقاعات".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. أبو سعد

    خرجت من المسجد والتقيت عراقيا من البصره امام باب الكنيسه الملاصق للمسجد وبعد السلام طلب مني ان ندخل الكنيسه لانه لم يرها من الداخل وادخلته بكل سرور وجدناهم يقومون باشعال الشموع وقفت واياه خلفهم وقلت له سنعمل مثلما يعملون واشعلنا الشمع ووضعنا بعض النقود في

  2. داخل السومري

    لقد اصبت كبد الحقيقه يا استاذ علي بمقالك هذا.وانا اناشد هذا الشعب الذي عانى ولا يزال يعاني ان لا يصوت لاي حزب او جماعة ترفع شعار الدين وعند فوزها بالانتخابات ستعتبر نفسها ان لها شرعيتين،شرعيةالانتخابات والشرعية الدينية.وبهاذا ستعتبر نفسها ان لها مطلق الحر

  3. ابو احمد

    ان لم تستحي افعل ماشئت خربانة وخريانة وقعنا بايدي الحرامية والقتلة ومعدومي الاخلاق بنتظار دفن اللي يعيش اخر ايام رصاصة الرحمة متى تطلق ويسدل الستار

  4. nabil

    الشعب العراقي لم يقاوم الهجوم الامريكي ليس للتخلص من صدام بل للتخلص نت الحصار الظالم الذي كان يفتك بالشعب العراقي حتى وصل معاش الظابط الى دولار واحد

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram