اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ماذا تعرف عن "دولة الأيتام"؟

ماذا تعرف عن "دولة الأيتام"؟

نشر في: 9 إبريل, 2014: 09:01 م

بلسان ثقيل وبكلمات بسيطة ،كان يرفع علبه الكلينكس ويصرخ بـ(1000) دينار! طفل صغير لايتعدى عمره  5 سنوات يقف في سيطرة الزوراء الأمنية التي تشهد كل يوم زحاما مروريا، ملابسه رثة والنظافة على مايبدو ودعت جسده منذ شهور عديدة، يجوب بين السيارات محاولا ك

بلسان ثقيل وبكلمات بسيطة ،كان يرفع علبه الكلينكس ويصرخ بـ(1000) دينار! طفل صغير لايتعدى عمره  5 سنوات يقف في سيطرة الزوراء الأمنية التي تشهد كل يوم زحاما مروريا، ملابسه رثة والنظافة على مايبدو ودعت جسده منذ شهور عديدة، يجوب بين السيارات محاولا كسب عطف اصحابها، حاله لايختلف عن حال الكثير من الاطفال المنتشرين في نفس السيطرة، منظره مؤلم وهو ماجعلنا نبدأ تحقيقنا بقصته بعد ان علمنا من احد رجال الأمن المرابطين بالسيطرة، ان الطفل "أمين" ، وهذا اسمه، يتيم فقد والده في انفجار كراج العلاوي قبل عام و اصبح يعيل والدته واخته الصغيرة التي تأتي بها والدته بفترات متقطعة من اجل الاستجداء بها لتجاوز أوقات العسر المالي الذي يصيبهم.
ويذهب مع مجموعه من الشبان الكبار الذين يبيعون قطع الأقمشة والشاي الى بيتهم فهم على ما يبدو يسكنون في المناطق المجاورة لكراج منطقة العلاوي. وبالجهة المقابلة الاخرى لهذا الشارع نجد فتاتين صغيرتين تحملان علب العلكة وتستجديان بها بشكل مخيف عندما ترميان جسديهما الصغيرين على سائقي السيارات وتمدان راسيهما من النافذة للحصول على المال مقابل إعطائهم العلكة لانهما لاتبيعان فقط للترويج بل من اجل الحصول على المال ،هاتان الفتاتان تؤامان على مايبدو، وتجلس على رصيف الشارع امرأة غطت جسدها بالسواد ووجهها ايضا بنقاب اسود، سألنا احد الشباب الذين يبيعون الشاي في الشارع فعلمنا انها والدتهما التي رفضت الحديث في بادئ الأمر لكن بعد الإلحاح منا قالت انها في العقد الثالث من العمر ولاتملك المال ولا يوجد من يعيل ابنتيها او حتى يتحمل مصاريفهما بعد ان فقدت زوجها في انفجار سيارة كيا كان يستقلها في منطقة الزعفرانية قبل عدة سنوات واضطرت بعد ذلك الى الرحيل من هذه المنطقة والقدوم الى بغداد للعمل ومشاركه امرأة اخرى تعيل أيتاما ايضا في منزل تقيمان فيه في منطقة البتاويين وحسب تعبيرها (تبقى عيناها )على طفلتيها خوفا من خطفهما او ان يصيبهما أذى .

أحلام رسمها البؤس
مئات القصص التي تختلف الواحدة عن الاخرى في زمن أيتام العراق فلكل واحد منهم حكاية مؤلمه، اطفال رسم البؤس أحلامهم، قصص خلفتها ايام سود يعيشها العراقيون،الم ،عوز، فقر، هذا ماتركته ذئاب الحزن تنهش في احلام الطفولة، كثر الحديث عن الايتام في العراق فاين هم الان وسط هذه المهاترات والسجالات السياسية ، يقفون في تقاطعات المرور يبيعون ماخف وزنه وما يستطيع جسدهم الصغير حمله، ينتشرون في الشوارع وعلى الأرصفة، يجلسون امام المحال التجارية للاستجداء من المارة واصحاب السيارات .

احصائيات رسمية
في وقت ذكرت تقارير المنظمات الدولية ان العراق يضم النسبة الاكبر من الايتام قياسا بعدد نفوسه ، اذ تجاوز عددهم الاربعة ملايين، اضافة الى  احصاءات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي العراقيه  الى أن عدد الاطفال الايتام في العراق بلغ نحو أربعة ملايين ونصف المليون طفل بينهم الالاف المشردون في الشوارع، فهل يمكن ان نتخيل كيف  انعكس ذلك سلباً على الشارع العراقي من خلال تحول عدد كبير منهم إلى متسولين أو بائعين على قارعات الطرق، حالة من العوز المادي والضيق خلفت أثارا سلبية سوف تزداد لو أهملنا الجانب الانساني وتركناه بدون توجيه ومراقبة ليصبح اليتيم مواطنا صالحا يخدم الانسانية لذلك لانريد ان تصبح ا لشوارع حضانة للارهاب والجريمة وتفشي الامراض العصرية والادمان على المخدرات.وترك الأطفال واليتامي في عرائها سوف يقودنا إلى كثير من المآسي التي لايمكن معالجتها بعد فوات الاوان وكلما تزايدت الهجمات، تزايدت أعداد الأيتام في العراق، ما ينذر بعواقب اجتماعية وصحية واقتصادية وخيمة.

العشائر ترفض إيواء الأيتام
بينما أكدت الدكتورة عبير الجلبي مديرة دور الدولة للأيتام في حديثها مع المدى قائلة أن عدد الأيتام 850 الف يتيم حسب الاحصائيات الرسمية لوزارة العمل وما يذكر من ارقام مبالغ فيها وعلى وسائل الاعلام عدم ترويج ذلك مشيرة الى انه يوجد  22 دارا للايتام مقسمة الى 14 دارا في العاصمة والبقية توجد في  المحافظات، مشيرة الى وجود 420 مستفيدا في هذه الدور جميعها، والطاقات الاستيعابية للدور تستطيع احتواء اعداد كبيرة من الايتام تفوق هذا العدد باضعاف ، لكن، وحسب حديث الجلبي التي اكدت ان الطابع العشائري هو من يلعب دورا كبيرا في ايداع الايتام في الدور التابعة الى الدولة التي تمتاز بتوفير العناية الكاملة للطفل اليتيم من حيث توفير المدارس وجميع التجهيزات الاخرى المتنوعة والتي يحتاجها المستفيد في الدار، موضحة في حديثها قائلة: مع الاسف هناك نظرة مرفوضه عشائرية للمؤسسات الايوائية الحكومية بحيث نرى ان دور الدولة للايتام في محافظات الوسط تشكل نسبة 48ًً%من مجموع طاقاتها الاستيعابية وذلك بسبب رفض العوائل والعشائر ايواء الطفل اليتيم وانما زجه في العمل في مهن شاقة و التسول على ان تصرف عليه الحكومة، لانهم يعتبرون ذلك معيبا بحقهم، واشارت الجلبي في حديثها قائلة :حاولنا في وزارة العمل وجميع دوائرها ومنتسبيها العمل على توعية الناس لإيواء الأيتام للاستفادة من الخدمات المقدمة من الدولة لكن لافائدة، وبكل صراحة توجد دور دولة في جنوب العراق عدد منتسبيها يفوق عدد المستفيدين.

لاتوجد خروقات
بحق المستفيدين
اما بالنسبة لما يخص وجود خروقات واعتداءات على المستفيدين الايتام في دور الدولة اكدت الجلبي :ان هذا الكلام غير صحيح ولايستند الى معلومات دقيقة انما جميع دور الايواء تتمتع بنظام رقابة ليلي وكاميرات مراقبة، اضافة الى الخفارات المستمرة للمنتسبين لمنع حدوث مشاجرات او ماشاكل ذلك داعية في حديثها الى ضرورة التاكد قبل تصديق ما يقال عن وجود خروقات بحق المستفيدين من دور الدولة .

البنات لايخرجن من الدور بأمر الوزارة
اما في ما يخص خروج المستفيد اليتيم من دور الدولة بعد تجاوزه السن القانونية (18 سنة) قالت الجلبي :ان المستفيد اذا كان يتيم الأبوين ولايوجد من يتكفل به يبقى يعمل في الورش التابعة لوزارة العمل فهو طوال فترة بقائه يتعلم مايرغب بتعلمه مثل النجارة والصيانة والكهرباء بحيث يصبح مؤهلا لان يصرف على نفسه واذا العكس يسمح له بالبقاء والعمل في الدار.
اما في ما يخص المستفيدات تبقى في الدار حتى بعد تجاوزها السن القانونية فاين تذهب اذا كانت فاقدة الابوين ولايوجد من يحتضنها اضافة الى ان عددا كبيرا من المستفيدات تزوجن من اقاربهن وغادرن الدور ولايمكن ان تطرد الدار مستفيدة حتى ان تجاوزت العمر القانوني نحن بالعكس نحافظ عليهن ونحميهن من الوقوع في المشاكل ونحاول دمجهن في المدارس ليكملن التعليم للحصول على مستوى علمي جيد يساعدهن على تجاوز الصعوبات بالمستقبل فالشهادة تعتبر لهن سلاح .مضيفة الجلبي الى ان هناك اطفالا صغارا ايتاما لازالوا بعمر اشهر يتم تسليمهم بقرار محكمة وقاض الى عوائل ترغب بضمهم وتربيتهم وبكل صراحة هناك العشرات من العوائل العراقية تضم هؤلاء الاطفال بطلبات رسمية وينتظرون وقتاً طويلا للحصول على ضم طفل يتيم.

قانون الاحوال الشخصة المادة 102
 قانون الاحوال الشخصية المادة 102 تنص على ( ولي الصغير أبوه ثم وصي أبيه ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة او الوصي الذي نصبته المحكمة . ) هذه المادة تبين كم من غبن يتلقاه هذا الطفل الصغير الذي لايستطيع ان يدافع عن حقه وليس هناك من يدافع عنه. القانون والدولة والمجتمع ضده.
وزارة حقوق الانسان
المتحدث الرسمي لوزارة حقوق الانسان كامل أمين اشار في تصريح لـ(المدى)قائلاً: الوزارة بطبيعتها تراقب عمل المؤسسات الايوائية للمستفيدين ومنهم الايتام ولاتوجد أي خروقات او تجاوزات بحقهم ، فبالعكس المستفيد يتمتع بكل حقوقه وهناك مراقبون يزودون الوزارة بتقارير كامله عن اوضاع الايتام في الدور ،ومايذكر من وجود ملايين الاطفال الايتام في العراق غير صحيح قد تضاف اليهم اعداد الاطفال المشردين وهؤلاء يجب ان يفهم انهم ليسوا ايتام ولايمكن حسابهم على هذه الفئة انما يعتبرون مشردين ويكون ايواؤهم في دائرة اصلاح الاحداث ،واضاف امين ان هناك اتفاقيه حقوق الطفل والعراق عضو فيها اضافة الى العمل المستمر بصرف رواتب للايتام الذين فقدوا الابوين اثناء العمليات الارهابية وبمبالغ مالية مجزية، فضلا عن اصدار قانون الرعاية الاجتماعية والذي يخصص للطفل اليتيم راتب 450 الف دينار بانتظار تصديق الموازنة وتفعيلها لان من سقط بالعمليات الارهابية اعداد كبيرة فهناك من فقد الابوين في ان واحد .
توعية العشائر لقبول الواقع
واضاف امين ان وزارة حقوق الانسان وبالتعاون مع المنظمات الحكومية ووزارة العمل قامت بنشر اعلانات وفلكسات من اجل حث الناس على ارسال اولادهم الايتام الى دور الدولة للاستفادة من الخدمات والامتيازات المقدمة والابتعاد عن دمجهم وزجهم في الشوارع والعمل وان لايقوم الاقارب باستغلال الاطفال الايتام بالعمل ويعتبرون ايواءهم في الدور وصمة عار بحقهم وهذا ليس عدلاً . كما اوضح امين ان هناك مشروع الدمج الأسري الذي يعمل على دمج الأطفال مع الأسر المتفككة وجمعها ومنها الأيتام ودمجهم مع أسرة قامت بايوائهم بعد ان يئست الام او الاب من تربيتهم .وهذا المشروع كان بالتعاون مع منظمات فرنسية وعراقيه حكومية لكنه توقف في الوقت الحاضر  للحاجة الكبيرة للاموال ونجح حقا في تطبيقه في دمج عدد من العوائل وابنائهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram