TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لبنان والاستحقاق الرئاسي

لبنان والاستحقاق الرئاسي

نشر في: 9 إبريل, 2014: 09:01 م

لا يزال الغموض سيد الموقف لجهة من يكون الرئيس القادم للبنان، بعد أن حُسم أمر عدم التجديد للرئيس ميشال سليمان، وبدأ الطامحون في سكن قصر بعبدا سباقهم المحموم، حتى دون التشاور مع الحلفاء، العماد عون البالغ من العمر ثمانين عاماً لم ييأس من تحقيق حلمه، وبما هو معروف عنه من عنجهية صرح بأنه إما أن يكون هو الرئيس، أو أنه لن يكون هناك رئيس، بالطبع يعتمد أساسا على كتلته النيابية الوازنة، وعلى تحالفه مع حزب الله، الذي لم يُعلن بعد تأييده لترشيحه، واكتفى أمينه العام بالإعلان أن الأمر يحتاج للتوافق على رئيس قوي، على أن لا تفوق قوته قوة الحزب الذي يبدو أنه ينتظر توافقاً سعودياً إيرانياً يحسم المسألة، ويحدد اسم الرئيس العتيد، وبعدها سيعلن الحزب اسم من يدعمه، وبحيث تبدو الصورة وكأن الشيخ حسن نصر الله تحول إلى صانع ملوك، بعد أن ظلت هذه الصفة ملتصقة بكمال جنبلاط، ولم يتمكن وريثه وليد من الدخول تحت عباءتها.
خلال عدة عقود كانت دمشق، بما لها من قوة عسكرية على الأرض، ونفوذ على السياسيين اللبنانيين تفرض اسم الرئيس، حتى لو بخرق الدستور، وكانت في كل ذلك تتمتع بدعم إقليمي ودولي واضحين، على قاعدة أن الهدف هو الحفاظ على أمن وطن الأرز، ومنع أوضاعه من التفجر، لم يعد الأمر اليوم كما كان، فدمشق عاجزة عن فرض الرئيس العتيد، لكنها لا تزال قادرة على تعطيل انتخاب من لا ترضى عنه، القوى المحلية تستعيد بعض دورها في هذا المجال، طبعاً تحتاج دعماً إقليمياً يأتي من الرياض أو طهران، ودولياً يصدر من باريس أولاً، وهي تناور اليوم بين المرشحين الرئيسيين عون وجعجع، لينال قرارها لاحقاً بركات واشنطن، التي تواصل الإعلان عن أنها لن تتدخل بشكل مباشر، وأن ما يعنيها هو أن يتم الأمر في موعده.
لا يعني ما يشاع عن قوة الخصمين الأبرز أن الساحة لهما وحدهما، إذ يتداول المعنيون في بورصة المرشحين أسماء أخرى، لكل منها نصيب من الحظوظ، فالعماد جان قهوجي قائد الجيش قد يكون مناسباً، لكن سلبية طرح اسمه تتمثل في تكريس فكرة أن موقع قائد الجيش هو الخطوة الأخيرة في طريق رئاسة الجمهورية، وهناك حاكم البنك المركزي رياض سلامة، وهو يبدو شخصية توافقية تُخرج وطن الأرز من رئاسة القادمين من المؤسسة العسكرية، وهناك روبير غانم، وجان عبيد، والمهم أن الصرح البطريركي لم يعلن موقفه بعد، وإن كان الجميع يرى أنه سيدعم الجنرال عون، إن انحصرت المنافسة بينه وبين جعجع، ولن يكون غريباً أو مثيراً للدهشة أن يكون الرئيس القادم من خارج هذه اللائحة، وأن اسمه سيظل طي الكتمان والمشاورات حتى اللحظة الأخيرة.
للسياسة في لبنان نكهتها التي لاتشبه غيرها، ومواقف سياسييها قابلة للتبدل بحسب الظروف، ولذلك فان احتمال وصول عون لقصر بعبدا ليس مستحيلاً، رغم أنه عاش منفياً في باريس خمسة عشر عاماً، وتحالف مع الأميركيين ثم عاد وعينه على الرئاسة لا يقبل أقل منها، كما لن يكون خارقاً للعادة انتخاب جعجع، المُدان بحكم قضائي والمُبرّأ بقرار سياسي، وإذا اعترفنا بأن وليد جنبلاط ليس نسخة من أبيه، ولن يكون قادرا على ذلك، فإن اقصى طموحه أن لا يُخل الاستحقاق الرئاسي بالمصالحة بين المسيحيين والدروز في الجبل، ذلك يعني أنه يترك الأمر لأصحابه، حتى لو تم ذلك خارج قناعاته، وبضغط دمشق التي يناصبها العداء، والتي تبدو مقبلة على انتخابات تكرس الأسد رئيساً لفترة ثالثة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram