وارد بدر السالم تبقى العلاقة بين المسؤول الحكومي أوالبرلماني والإعلامي مطلوبة في الأوقات كلها؛ فالصيغة المهنية والعملية بين الإثنين صيغة تفاعلية بكل اتجاهاتها تهدف الى تقريب المسافة بين الحالة الحكومية والرسمية الى الشارع العام بمختلف اتجاهاته،
وهي صيغة تقويمية بنتيجتها أكثر منها تشهيرية كما يريد أن يفهمها البعض من المسؤولين، عندما يجدون أن الإعلام متمكن من النفاذ الى حصونهم. فمن يفهم هذه العلاقة بشكلها الإيجابي يتقدم أكثر من خطوة بإسناد اعلامي شامل يهدف الى مسايرة المنجز المتحقق في هذا المرفق الحكومي أو ذاك، ومن هذا التفاعل تنشأ ثقة متبادلة قوامها التعرف على الحكومي ومن ثم الآخر الإعلامي. ولعل البعض من وزاراتنا وبرلمانيينا ومسؤولينا الحكوميين يتطيرون من الصوت الإعلامي الهادف وهو يلاحق منافذ الخلل هنا وهناك ويشير الى مناطق الضعف أيضاً، ثم يقترح صيغاً تفاعلية أكثر انسجاماً مع واقع الحال في ضوء متطلبات هذه الوزارة أو تلك. ربما أخذ الفساد الإداري والمالي حصة إعلامية كبيرة في القنوات الإعلامية المختلفة، وهو واقع لا مفر من ملاحقته وملاحقة المفسدين في الأرض أياً كانت اتجاهاتهم الحزبية والرسمية والاعتبارية؛ وبالضد من هذا فنعتقد أن تتبع المنجزات العملية والفعلية هنا وهناك هو ما يجب أن يأخذ حصته هوالآخر في التقويم. وما بين الإثنين أضحى الإعلامي صوتاً لا يستهان به. يعدّه الكثيرون سلطة حاسمة في مراقبة الأداء الرسمي والحكومي والبرلماني، وإذا أراد البعض تحجيمه وتصغيره الى حد ملاحقته بالقضاء أو تشويه الصورة العميقة له، فقد وضع رأيه في سلة الشك وهو ما لا نريده، فالمجتمع العراقي عبر هذه التجربة الديموقراطية القصيرة أدرك ما لم يدركه الغاطسون في السياسة أو مدّعوها. وعلى الجميع؛ رسميين وغير رسميين؛ أن يتفهموا واقع الحال الجديد الذي خرج من بطون حقبة مظلمة طويلة لا عودة إليها قطعاً.فبعدما كانت الصحافة مقيدة بنظام الحزب الواحد، تحررت اليوم من تلك المشكلة الطويلة، لتجد حالها في جو أكثر انفتاحاً وسعةً وجرأة. سنعجب كثيراً لو أن وزيراً يستدعي الإعلاميين ويقول لهم صراحة أريد منكم أن تؤشروا السلبيات في وزارتي لأني لا أراها كما أنتم ترونها ولا أريد من يثني على أعمال وزارتي فأنا أريد مواطن الخلل والتقصير فقط، فأنتم يا إعلاميين تدركون مواقع الخطل بحكم أعمالكم اليومية ونفاذكم في حلقات المجتمع الكثيرة! سيبدو هذا ضرباً من الخيال! فالتجربة لم تقدم لنا مسؤولاً حكومياً بهذا المستوى من الوعي وهو يقود وزارته. لكن عندما يصبح هذا الخيال حقيقة لوزير يبحث عن أخطاء وزارته في عيون الإعلاميين، فهذا أمر علينا أن نستدركه ونقف عنده ونتساءل عن أهمية العلاقة بين المسؤول الحكومي والإعلامي، وما هو مدى الثقة بين الطرفين؟ وكيف ينظر بعض المسؤولين الى دور الإعلامي من زاويته الإيجابية اي تقديم المشورة والمقترح وتأشير الحالات السلبية في هذا المرفق الوزاري أو ذاك؟ وعندما يكون الواقع المهني بين الإثنين عالياً الى درجة الثقة العمياء، نعتقد أن هذه بدايات صحيحة لإنشاء جسور وطنية عميقة تصب جميعها في الصالح العام بالنتيجة. وتقوّي الأداء المشترك بين الإعلامي والمسؤول الحكومي؛؛ وهذا ما حصل الى حد جيد مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي استضاف الإعلاميين مرتين خلال هذا العام وطلب الوقوف (فقط) على مواطن النقص والخلل والسلبيات في وزارته لتفاديها وتداركها بروح تفاعلية بنّاءة تتوخى زوايا الخلل في أداء وزارته بكل مرافقها وجامعاتها ومراكزها. هذه حالة استثنائية للأسف، توجب أن نتوقف عندها!
حالة استثنائية لوزير
نشر في: 21 نوفمبر, 2009: 05:35 م