مع اضطراب الأوضاع الأمنية في العراق بعد الاحتلال الأميركي ، وبروز ظاهرة العنف الطائفي المتمثلة بالعثور على جثث القتلى مجهولي الهوية ، تداول العراقيون مفردات لم يستخدموها سابقا "العلاس والصكاك ، والجعاص" في إشارة الى الأشخاص المتورطين باختطاف ضحاياهم ثم قتلهم ، فتنقل الجثث الى الطب العدلي ، وبموجب اعتماد ما يعرف بالتوازن ، يكون القتل متساويا في اغلب الأحيان ،بجهود "العلاسة " ودور هؤلاء يتلخص بتقديم معلومات دقيقة عن تحركات "الهدف " ومكان إقامته ونوع سيارته ، وبعد ان يقدم "العلاس" تقريره التفصيلي ، يأخذ "الصكاك " على عاتقه مهمة نصب كمين للهدف ثم التنفيذ ، فيضاف رقم جديد الى قائمة ضحايا العنف الطائفي في العراق ، المفتوحة لاستقبال المزيد من الأرقام ، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية ، وشيوع استخدام الكاتم لتصفية "الأهداف" .
اعتمد العديد من الأنظمة العربية إعلان حالة الطوارئ منذ عشرات السنين لحفظ امن أصحاب الجلالة والسيادة والسمو ، والإعلام الرسمي الذي طالما روج وأشار وحذر من مخططات تآمرية بهدف إسقاط النظام ، تولى مهمة بيان أسباب فرض حالة الطوارئ منذ سنوات ، بوصفها تأتي في اطار الحفاظ على أبناء الشعب ، وهي في" الحقيقة والواقع " كما يقول المحللون السياسيون إجراءات احترازية تلجا اليها السلطة او حزبها الحاكم او العائلة المالكة لضمان وجودها في سدة الحكم.
الأنظمة الشمولية عقدت قرانها على حالة الطوارئ ، من دون بروز اعتراض او احتجاج ، لان شعوبها تتعرض يوميا لكتم الأنفاس ، ومن يغامر برفع صوته ، ويبدي اعتراضه يكون مصيره التعرض لثمانين جلدة في ساحة عامة ، او قطع رأسه بالسيف او السجن مدى الحياة ، وعندما تكون عيون الحكومة" حمرة " ينشط دور المعارضة في الخارج ، وتبدا التحركات والاتصالات لحث الدول الكبرى لإنقاذ الشعب من السلطة الجائرة ، او في اقل تقدير إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وإلغاء العمل بقانون الطوارئ .
الأنظمة الديمقراطية لا تعرف إعلان حالة فرض الطوارئ الا باستثناءات قليلة ونادرة كحصول زلزال من نوع السونامي لإغاثة المنكوبين ، وأثناء التعرض لعدوان خارجي من دولة مجاورة ، بمعنى اخر في حصول "المصايب والكوارث " يكون اللجوء الى الطوارئ مطلبا تفرضه ضرورات الحفاظ على الأمن القومي والمصالح الوطنية ، والأنظمة الديمقراطية الحقيقية لا تسمح بكل الأحوال لإقرار تشريعات من نوع قانون السلامة الوطنية ليكون نسخة أخرى لفرض حالة الطوارئ ، ومغامرة من هذا النوع ، ستواجه موجة اعتراضات تشنها وسائل الإعلام المستقلة ومنظمات المجتمع المدني ، احتجاجا على مصادرة الإرادة الشعبية بفرض قانون يمنح "العلاسة" صلاحية ممارسة نشاطهم بدعم رسمي ، ويعطي للجيل الجديد من "الصكاكة" حرية اختيار الأهداف ، على الرغم من إعلان القضاء على الميلشيات الخارجة عن القانون والجماعات المسلحة باستثناء 30 عنصرا من تنظيم داعش اجبروا أصحاب القرار على طرح مشروع قانون السلامة الوطنية .
قانون "العلاسة الوطنية "
[post-views]
نشر في: 11 إبريل, 2014: 09:01 م