TOP

جريدة المدى > مسرح > "التحولات التراجيدية الجديدة" قراءة في عروض:المهرجان المسرحي الخامس لتربية البصرة

"التحولات التراجيدية الجديدة" قراءة في عروض:المهرجان المسرحي الخامس لتربية البصرة

نشر في: 14 إبريل, 2014: 09:01 م

-2-فرجة مهرج/ إخراج أحمد الجميلي– نينوى تأليف عبد الله جدعان مهرجون بملابس وأغطية موحدة , وأقنعة نسقية متشابهة , يظهرون باللون الأصفر من الرأس حتى أخمص القدم , ومعهم من يرتدي ملابس مزركشة  تهريجية , حوّل السينوغرافر : موفق الطائي , البرامي

-2-
فرجة مهرج/ إخراج أحمد الجميلي– نينوى تأليف عبد الله جدعان
مهرجون بملابس وأغطية موحدة , وأقنعة نسقية متشابهة , يظهرون باللون الأصفر من الرأس حتى أخمص القدم , ومعهم من يرتدي ملابس مزركشة  تهريجية , حوّل السينوغرافر : موفق الطائي , البراميل التي تحيل إلى مرجعيات النفط , إلى نفق ظلامي مخيف بلا ضوء في نهايته , وكرسي جاثم , وأعمدة , ومخابئ ..
المجموعة ترقص بطريقة ( وحشية ) وكأنهم أكلة لحوم بشرية لقبائل بدائية , ولكنهم يحيلونا – أحياناً – في هذا الرقص إلى رقصات الهنود الحمر في الأفلام الأمريكية , يختتم العرض بدخول كناس من عامة الشعب , يحاول ان يكنس هذه " البقع " الدموية من على قميص الحياة الناصع البياض , والطهر .
وهو محاط بشلالات من الألحان والأغاني الشيقة , المعبّرة عن وحدة الأبناء في الوطن , مهما تفرّقت بهم سبل الوشاية والجريمة , والتآمر .
هذا ما طمح إلى تجسيده صانع هذه الفرجة التهريجية , في مظهرها , والتراجيديا المختزنة في مخبرها .
ذوات/ إخراج محمد مجيد-  تأليف عقيل العبيدي
ينتخب المخرج ( محور المرأة ) التي تنوء بآثار السنين ومدلهمات الخطوب ! تمشي متعثرة , تصنع في رقبتها "  طوق " موصول بحبل , وتشاطرها مثل هذا الضيم , والحزن , فتاة تتقمص مظهر " عروس " نقية , وساحرة , وبيضاء جميلة , مع " دمى " تشكل خلفية اصطناعية , لتعمق من بعدها الإنساني , الملائكي الذي يتصاعد إلى ذرى المثال الناصع الذي لا تلوثه , قذارات من يتقن القفز ببهلوانية عجيبة من أقصى اليمين , إلى أقصى اليسار , بغمزة عين , وتقطيبة حاجب !
يبدأ العرض بالرقص , وينتهي بمثله , وكأنهن يردن ان يجعلن من الشخص المسجى الذي يبدو فاقدا للذاكرة , وللرغبة في العيش يحاولن ان يشجعانه على القيام من رقدته .. ويفلحن .. فتدب الحياة بجسده , وبالنسوة الميتات .. وتقوم قيامة حافلة بالحياة .
وهدف المخرج , هو ان نهذب ذواتنا – كما يذكر – لأجل الحب والسلام وروح الوطن , ويطالب الجميع ان ينتبهوا أكثر "لذواتهم".

فكرة ليست للشنق/ إخراج: أحمد طـــه-  تأليف: سالم شاهين
في بيئة واقعية للعرض , يطل علينا رجل خائف من حروب زمانه ومعضلاته المستعصية المحبطة , يحدق إلى المجهول , بعيون فارغة , متسمراً أمام طاولته , ومكتبته , وثمة " شباكان " يطلّ منهما , شخصان غريبان , ليرقبانه , ويحصيان عليه أنفاسه , بحركات بهلوانية , وكراس منزلقة متحركة , وفي مقابل هذا الجو الموحش , يظهر رجل ( عمار القطبي ) بملابس بيضاء , وبحركات رشيقة , يقاوم هذين الشخصين ببسالة وبإرادة قوية , تعادل في كفتها , تلك القوى المضادة , وبعد " صراع " تراجيدي , قهري , يفلح في إعادة الذاكرة , وقوة الحياة ,إلى هذا الرجل وتعزيز التوق إلى المواصلة والتقدم حثيثاً مهما كانت العقبات , والخطط الجنهمية المحبطة , وحين يبث الروح في ذلك الجسد المحطم , ينهضان معاً , وهما يقرران الإصرار على المواجهة وصنع حياة جديدة .
لعب الممثل دوراً , بديلاً عن التشكيلات الداعمة , بقدرات المجموعة ,ليؤطر بحماسته القدرة على بث الطاقة في صقيع عالم موحش يترصّد الأخيار , على مر الأزمنة , والعصور .
وما أنبل روح الفريق , حين يتذكر ( حسن علي ) مدير النشاط , الفنان ( بابا عماد ) الذي جاءت الدورة باسمه , وهو ينوء تحت ضغط محطات القدر , وهي تختطف هذا الفنان الرائد , بعد ان قام بواجبه خير قيام , ليترك للآخرين أثمن ماكان يملك ، هو فنه ووطنيته.

بعد الوصية/ إخراج: حسن التلال- النجف
بمعالجة واقعية , ذهبت في لعبة ماكرة إلى اقصى مداها , لنجد مقعدا خاليا من صاحبه , وهي انتباهة ذكية من ( المخرج ) للتأكيد على أنها لعبة خبيثة في بيئة تضم زمرة من الفاسدين, الذين يدارون سفالتهم , بمظاهر الفضيلة الطاهرة وهم حفنة من الأراذل , المنتفعين , الذين ينعقون مع كل ناعق , لمغادرة الشرف الإنساني حيثما تقتضي مصالحهم الأنانية المريبة , لاسيما في أنبل ما ينبغي للمرء الحفاظ عليه وهو طهر سمعته , وشرفه الحقيقي بين الناس .
خادم , هو القيّم على إرث الفقيد , ويبدو بمظهر الإنسان السوي , الذي يؤدي واجبه حبا بالخير , وإيصال الأمانة إلى أهلها , وتظهر شخصيات ثلاثة من أصدقاء الراحل , وكأن أكبرهم سنّاً , هو الأكثر توفرا على الأداء الواقعي , والتقمص الحقيقي على وفق مدرسة ستانسلافسكي , ومساندة الآخرين بحيويتهما , وإصرارهما على الظهور بمظهر طبيب , للأول , ومحام  للثاني , حيث عالجه الأول وكتب وصيته الثاني , لكنهم جميعاً ينتظرون " الوصية الأخيرة " التي ستتلى عليهم !
وبعد تشويق , تقرأ الوصية , لهذا الرجل الذي عاش عنيناً بلا ولد ولا زوجة , ليكتشفوا انه لم يكن كما أشيع عنه، بل ضاجع زوجاتهم , ماعدا زوجة احدهم , وبعد حيص بيص , يتبين أنها خدعة وما الأقنعة الزائفة المعلقة على الجدران في هذا البيت المتكون من طاولة , وكراس ثلاثة للمقعدين ! إلا تعميق لأبعاد هذه الخدعة السمجة .
جهد المخرج والممثلين بدا واضحاً لتحقيق هدف العرض الذي اختار هذا الإطار الواقعي.

القتلة والوحوش/   إخراج: رائد حازم بشير- تأليف: قاسم مطرود - كركوك
أعدّ المخرج مسرحية " طقوس وحشية " – قاسم مطرود , عازماً على تبيان الصورة الوحشية للقتلة الذين يتمتعون برؤية الدم , والتمعن بأجساد ضحاياهم الممزقة , وكأنهم من الأبالسة الذين لا ترف لهم جفون , وهم يهدمون هذا الكائن البشري , بخفة الانحطاط , وسوء النية , ويتقصدون إيقاع الأضرار بسواهم من الشرفاء , والأبرياء , وهم يحولون الأماني الوحشية , إلى طقوس قائمة فعلاً في حياة بني الإنسان , بطابع الغدر , والتمثيل بالضحية – الفريسة – يحاكون في أفعالهم الإجرامية , الأفاعي , والعقارب , وحيوانات الغاب المفترسة !
وبمعالجة مباشرة , يحيلنا إلى مجاميع , تظهرها شاشات التلفزيون العالمية والعربية والمحلية , على شكل : هنود حمر , ورجال إرهابيين , يتقنعون مثل رجال القاعدة , وسواهم , وبين الحين والآخر , تظهر امرأة , بجمال خلاب , لكنها تقوم بأفعال فحولية فجة , وعدوانية , تقوم بصفع " رجل " يجند ويدرب على القيام بالأعمال الإرهابية من قتل للأبرياء , وتفخيخ لحياة الناس الآمنة , فينتصر الثاني ( بتمثيل مقنع ) ورشاقة وحيوية واضحة , على اندحار الأول , الذي بات خانعاً , وتلميذاً طيعاً , لتعلم فنون جز الرقبة وتمزيق أوصال الضحية , وتدور أغنية مرعبة ( في العمق يقبع التنين ) بوصفها (  نغمة متسيدة ) ، (light motive ) تخدم العرض منذ البداية وحتى الخاتمة .
وبذلك يؤكد المخرج على ذلك " المحرك اللاشعوري " المجنون القابع في دواخل أمثال هذا القطيع البشريّ الشاذ !

مخروم أم محتوم/ إخراج وتأليف: غالب العميدي
بتجربة مسرحية رائدة , وحنكة تربوية , يقودنا المخرج إلى " ثنائية " قدرية , تحكم أطراف اللعبة , التي حبك مكوناتها من حوارات , ومقاطع من ملحمة جلجامش , ونصوص صوفية للحلاج , وأشعار منتقاة من ديوان السياب .
دفع بمجموعته , التي حاولت , ما وسعها الجهد في تأدية حركات " تعبيرية " عهدناها عند كادر العمل في عروض سابقة , تجمع المجموعة على أزياء موحدة , وهم يبذلون جهداً ( هندسياً ) يحاكون فيه دقة النحل في بناء بيوتها , مع فارق انهم لا يكتفون ( بنمط ) واحد للخلية , إنما انفتحوا على أشكال جديدة , تارة تأخذ بنية عمودية ,وتارة أخرى أفقية , يبنون , ويهدمون , برهاب ( تراجيدي ) غير معروف المصدر , غامض , يتحكم بمصائرهم ويسوقهم إلى مثل هذه الأقدار المقفلة ،المكرورة , تجد ( المكعبات ) هذه تتراصف على شكل كراسي , أو أسوار , أو حلقة محكمة , أو بلاط ملوك .. وسواها .
ويقطعون أفعالهم ( العصابية ) الوسواسية القهرية بالتساؤل : هل هذا يدخل في المخروم أم المحتوم ؟ بسخرية , تصل في ذروتها إلى ( عفطة ) ! للتنكيل بالشخص الذي يدعي الوطنية , وهو ليس منها .
وحوارات موازية أخرى مثل :
انزع نعليك إنك في وادي طوى ,
المخرج قاد حركة المجموعة بفاعلية واضحة , التي امتصت " قوة " العرض , إلى حبكتها الخاصة .
وهي تخاطب البلاد على لسان المخرج – ماذا جرى لتاريخنا المنير ، في مقابل حاضرنا المضطرب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

السحب المطرية تستعد لاقتحام العراق والأنواء تحذّر

استدعاء قائد حشد الأنبار للتحقيق بالتسجيلات الصوتية المسربة

تقرير فرنسي يتحدث عن مصير الحشد الشعبي و"إصرار إيراني" مقابل رسالة ترامب

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram