-2-فرجة مهرج/ إخراج أحمد الجميلي– نينوى تأليف عبد الله جدعان مهرجون بملابس وأغطية موحدة , وأقنعة نسقية متشابهة , يظهرون باللون الأصفر من الرأس حتى أخمص القدم , ومعهم من يرتدي ملابس مزركشة تهريجية , حوّل السينوغرافر : موفق الطائي , البرامي
-2-
فرجة مهرج/ إخراج أحمد الجميلي– نينوى تأليف عبد الله جدعان
مهرجون بملابس وأغطية موحدة , وأقنعة نسقية متشابهة , يظهرون باللون الأصفر من الرأس حتى أخمص القدم , ومعهم من يرتدي ملابس مزركشة تهريجية , حوّل السينوغرافر : موفق الطائي , البراميل التي تحيل إلى مرجعيات النفط , إلى نفق ظلامي مخيف بلا ضوء في نهايته , وكرسي جاثم , وأعمدة , ومخابئ ..
المجموعة ترقص بطريقة ( وحشية ) وكأنهم أكلة لحوم بشرية لقبائل بدائية , ولكنهم يحيلونا – أحياناً – في هذا الرقص إلى رقصات الهنود الحمر في الأفلام الأمريكية , يختتم العرض بدخول كناس من عامة الشعب , يحاول ان يكنس هذه " البقع " الدموية من على قميص الحياة الناصع البياض , والطهر .
وهو محاط بشلالات من الألحان والأغاني الشيقة , المعبّرة عن وحدة الأبناء في الوطن , مهما تفرّقت بهم سبل الوشاية والجريمة , والتآمر .
هذا ما طمح إلى تجسيده صانع هذه الفرجة التهريجية , في مظهرها , والتراجيديا المختزنة في مخبرها .
ذوات/ إخراج محمد مجيد- تأليف عقيل العبيدي
ينتخب المخرج ( محور المرأة ) التي تنوء بآثار السنين ومدلهمات الخطوب ! تمشي متعثرة , تصنع في رقبتها " طوق " موصول بحبل , وتشاطرها مثل هذا الضيم , والحزن , فتاة تتقمص مظهر " عروس " نقية , وساحرة , وبيضاء جميلة , مع " دمى " تشكل خلفية اصطناعية , لتعمق من بعدها الإنساني , الملائكي الذي يتصاعد إلى ذرى المثال الناصع الذي لا تلوثه , قذارات من يتقن القفز ببهلوانية عجيبة من أقصى اليمين , إلى أقصى اليسار , بغمزة عين , وتقطيبة حاجب !
يبدأ العرض بالرقص , وينتهي بمثله , وكأنهن يردن ان يجعلن من الشخص المسجى الذي يبدو فاقدا للذاكرة , وللرغبة في العيش يحاولن ان يشجعانه على القيام من رقدته .. ويفلحن .. فتدب الحياة بجسده , وبالنسوة الميتات .. وتقوم قيامة حافلة بالحياة .
وهدف المخرج , هو ان نهذب ذواتنا – كما يذكر – لأجل الحب والسلام وروح الوطن , ويطالب الجميع ان ينتبهوا أكثر "لذواتهم".
فكرة ليست للشنق/ إخراج: أحمد طـــه- تأليف: سالم شاهين
في بيئة واقعية للعرض , يطل علينا رجل خائف من حروب زمانه ومعضلاته المستعصية المحبطة , يحدق إلى المجهول , بعيون فارغة , متسمراً أمام طاولته , ومكتبته , وثمة " شباكان " يطلّ منهما , شخصان غريبان , ليرقبانه , ويحصيان عليه أنفاسه , بحركات بهلوانية , وكراس منزلقة متحركة , وفي مقابل هذا الجو الموحش , يظهر رجل ( عمار القطبي ) بملابس بيضاء , وبحركات رشيقة , يقاوم هذين الشخصين ببسالة وبإرادة قوية , تعادل في كفتها , تلك القوى المضادة , وبعد " صراع " تراجيدي , قهري , يفلح في إعادة الذاكرة , وقوة الحياة ,إلى هذا الرجل وتعزيز التوق إلى المواصلة والتقدم حثيثاً مهما كانت العقبات , والخطط الجنهمية المحبطة , وحين يبث الروح في ذلك الجسد المحطم , ينهضان معاً , وهما يقرران الإصرار على المواجهة وصنع حياة جديدة .
لعب الممثل دوراً , بديلاً عن التشكيلات الداعمة , بقدرات المجموعة ,ليؤطر بحماسته القدرة على بث الطاقة في صقيع عالم موحش يترصّد الأخيار , على مر الأزمنة , والعصور .
وما أنبل روح الفريق , حين يتذكر ( حسن علي ) مدير النشاط , الفنان ( بابا عماد ) الذي جاءت الدورة باسمه , وهو ينوء تحت ضغط محطات القدر , وهي تختطف هذا الفنان الرائد , بعد ان قام بواجبه خير قيام , ليترك للآخرين أثمن ماكان يملك ، هو فنه ووطنيته.
بعد الوصية/ إخراج: حسن التلال- النجف
بمعالجة واقعية , ذهبت في لعبة ماكرة إلى اقصى مداها , لنجد مقعدا خاليا من صاحبه , وهي انتباهة ذكية من ( المخرج ) للتأكيد على أنها لعبة خبيثة في بيئة تضم زمرة من الفاسدين, الذين يدارون سفالتهم , بمظاهر الفضيلة الطاهرة وهم حفنة من الأراذل , المنتفعين , الذين ينعقون مع كل ناعق , لمغادرة الشرف الإنساني حيثما تقتضي مصالحهم الأنانية المريبة , لاسيما في أنبل ما ينبغي للمرء الحفاظ عليه وهو طهر سمعته , وشرفه الحقيقي بين الناس .
خادم , هو القيّم على إرث الفقيد , ويبدو بمظهر الإنسان السوي , الذي يؤدي واجبه حبا بالخير , وإيصال الأمانة إلى أهلها , وتظهر شخصيات ثلاثة من أصدقاء الراحل , وكأن أكبرهم سنّاً , هو الأكثر توفرا على الأداء الواقعي , والتقمص الحقيقي على وفق مدرسة ستانسلافسكي , ومساندة الآخرين بحيويتهما , وإصرارهما على الظهور بمظهر طبيب , للأول , ومحام للثاني , حيث عالجه الأول وكتب وصيته الثاني , لكنهم جميعاً ينتظرون " الوصية الأخيرة " التي ستتلى عليهم !
وبعد تشويق , تقرأ الوصية , لهذا الرجل الذي عاش عنيناً بلا ولد ولا زوجة , ليكتشفوا انه لم يكن كما أشيع عنه، بل ضاجع زوجاتهم , ماعدا زوجة احدهم , وبعد حيص بيص , يتبين أنها خدعة وما الأقنعة الزائفة المعلقة على الجدران في هذا البيت المتكون من طاولة , وكراس ثلاثة للمقعدين ! إلا تعميق لأبعاد هذه الخدعة السمجة .
جهد المخرج والممثلين بدا واضحاً لتحقيق هدف العرض الذي اختار هذا الإطار الواقعي.
القتلة والوحوش/ إخراج: رائد حازم بشير- تأليف: قاسم مطرود - كركوك
أعدّ المخرج مسرحية " طقوس وحشية " – قاسم مطرود , عازماً على تبيان الصورة الوحشية للقتلة الذين يتمتعون برؤية الدم , والتمعن بأجساد ضحاياهم الممزقة , وكأنهم من الأبالسة الذين لا ترف لهم جفون , وهم يهدمون هذا الكائن البشري , بخفة الانحطاط , وسوء النية , ويتقصدون إيقاع الأضرار بسواهم من الشرفاء , والأبرياء , وهم يحولون الأماني الوحشية , إلى طقوس قائمة فعلاً في حياة بني الإنسان , بطابع الغدر , والتمثيل بالضحية – الفريسة – يحاكون في أفعالهم الإجرامية , الأفاعي , والعقارب , وحيوانات الغاب المفترسة !
وبمعالجة مباشرة , يحيلنا إلى مجاميع , تظهرها شاشات التلفزيون العالمية والعربية والمحلية , على شكل : هنود حمر , ورجال إرهابيين , يتقنعون مثل رجال القاعدة , وسواهم , وبين الحين والآخر , تظهر امرأة , بجمال خلاب , لكنها تقوم بأفعال فحولية فجة , وعدوانية , تقوم بصفع " رجل " يجند ويدرب على القيام بالأعمال الإرهابية من قتل للأبرياء , وتفخيخ لحياة الناس الآمنة , فينتصر الثاني ( بتمثيل مقنع ) ورشاقة وحيوية واضحة , على اندحار الأول , الذي بات خانعاً , وتلميذاً طيعاً , لتعلم فنون جز الرقبة وتمزيق أوصال الضحية , وتدور أغنية مرعبة ( في العمق يقبع التنين ) بوصفها ( نغمة متسيدة ) ، (light motive ) تخدم العرض منذ البداية وحتى الخاتمة .
وبذلك يؤكد المخرج على ذلك " المحرك اللاشعوري " المجنون القابع في دواخل أمثال هذا القطيع البشريّ الشاذ !
مخروم أم محتوم/ إخراج وتأليف: غالب العميدي
بتجربة مسرحية رائدة , وحنكة تربوية , يقودنا المخرج إلى " ثنائية " قدرية , تحكم أطراف اللعبة , التي حبك مكوناتها من حوارات , ومقاطع من ملحمة جلجامش , ونصوص صوفية للحلاج , وأشعار منتقاة من ديوان السياب .
دفع بمجموعته , التي حاولت , ما وسعها الجهد في تأدية حركات " تعبيرية " عهدناها عند كادر العمل في عروض سابقة , تجمع المجموعة على أزياء موحدة , وهم يبذلون جهداً ( هندسياً ) يحاكون فيه دقة النحل في بناء بيوتها , مع فارق انهم لا يكتفون ( بنمط ) واحد للخلية , إنما انفتحوا على أشكال جديدة , تارة تأخذ بنية عمودية ,وتارة أخرى أفقية , يبنون , ويهدمون , برهاب ( تراجيدي ) غير معروف المصدر , غامض , يتحكم بمصائرهم ويسوقهم إلى مثل هذه الأقدار المقفلة ،المكرورة , تجد ( المكعبات ) هذه تتراصف على شكل كراسي , أو أسوار , أو حلقة محكمة , أو بلاط ملوك .. وسواها .
ويقطعون أفعالهم ( العصابية ) الوسواسية القهرية بالتساؤل : هل هذا يدخل في المخروم أم المحتوم ؟ بسخرية , تصل في ذروتها إلى ( عفطة ) ! للتنكيل بالشخص الذي يدعي الوطنية , وهو ليس منها .
وحوارات موازية أخرى مثل :
انزع نعليك إنك في وادي طوى ,
المخرج قاد حركة المجموعة بفاعلية واضحة , التي امتصت " قوة " العرض , إلى حبكتها الخاصة .
وهي تخاطب البلاد على لسان المخرج – ماذا جرى لتاريخنا المنير ، في مقابل حاضرنا المضطرب.