TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أغلبية وهمية

أغلبية وهمية

نشر في: 14 إبريل, 2014: 09:01 م

القوائم الانتخابية، وخاصة الكبيرة منها، بدت على ثقة راسخة، بانها سوف تشغل معظم مقاعد مجلس النواب المقبل، فتتجه نحو تشكيل حكومة الأغلبية، وتطلق النار على جميع ازمات العراق السياسية والامنية والاقتصادية، واحدة من تلك القوائم، جعلت فضائيتها تبث برامجها على مدار اربع وعشرين ساعة، لايصال رسالة واضحة الى الناخبين بان الحزب مالك الفضائية سيحقق النصر الكبير في الانتخابات، والترويج لهذه الفكرة ينطلق من يقين راسخ، وايمان عميق بان القوائم الاخرى، ستركب قطار "الجطلة" ولن تستطيع اللحاق بالقطار السريع المتوجه الى محطته الأخيرة حكومة الأغلبية.
انتصار جديد تحققه القائمة الكبيرة عبر بث الفضائية، والقائمون عليها المشرفون على إعداد وتقديم برامجها فاتتهم حقيقة معرفة جمهورهم، وهل يصل بثهم الى نينوى وديالى والأنبار وصلاح الدين، في ظل وجود عشرات الفضائيات العراقية، تمولها أحزابها، وهي الاخرى تروج لقوائمها، وترغب في تشكيل حكومة الأغلبية السياسية.
من حق الاحزاب والقوى السياسية ان تسخر وسائل إعلامها لخدمة اهدافها، وخصوصا في الانظمة الديمقراطية بجميع نسخها ومنها العراقية صاحبة الامتياز، في منح حزب صاحب القرار كل الامتيازات والإصلاحيات، ليكون قائد المرحلة، بوصفه "السيف المجرب" في قطع اعناق الارهابيين، وصاحب ملحمة الانتصار المؤزر على اعداء العملية السياسية، منفذي مخططات دول اقليمية تسعى للاطاحة بالنظام السياسي، مثل هذا الكلام وغيره المدعوم بتصريحات زبانية وحاشية ومرشحي قائمة القائد حامل السيف المجرب، يبث يوميا، بعدد طرقات بائع قناني الغاز، عندما يجوب الاحياء لعرض بضاعته لربات البيوت.
فضائيات الاحزاب المنشغلة هذه الايام بالحملة الدعائية للمرشحين، اخذت تعزف على وتر "الأغلبية الوهمية" وتجاهلت حقيقة عزوف المشاهدين عن متابعة برامجها، ولم تسأل أيهما انفع للعراقيين، بائع الغاز أم صاحب "السيف المجرب"، الجواب معروف وواضح، فما قيمة صاحب القرار في لحظة حاجة "جدر الفاصوليا اليابسة الى نار عالية "، وحيرة ربة البيت في تدبير اعداد وجبة الغداء، لا شك ان حضور بائع الغاز في تلك اللحظات سينهي اندلاع ازمة عائلية، باستبدال القنينة الفارغة باخرى جديدة، ومن دون الاستعانة بخدمات القائد صاحب السيف المجرب في المعارك التاريخية.
في زمن الحرب العراقية الايرانية كان احد امراء الالوية يسأل جنوده عن رقم البيان العسكري، ومضمونه، ليختبر متابعتهم نشرات اخبار الاذاعة العراقية، ويعاقب من يجهل الاجابة بتأخير اجازته الدورية، وظل سؤال الآمر مصدر قلق جنوده، تخلصوا منه بعد نقله الى وحدة اخرى.
فضائيات الاحزاب المتنفذة المروجة لحكومة الاغلبية بحسب مقاساتها الخاصة، وتوقعاتها، واتساع قاعدتها الشعبية كما تزعم وتدعي، ربما ستدعو وتناشد اصحاب القرار الى اصدار تعميم لدوائر الدولة كافة، يلزم موظفيها بمتابعة فضائية صاحب السيف المجرب والاستعداد لاجراء امتحان يومي قبل المباشرة بالدوام لتقديم موجز لاهم اخباره ونشاطاته، ومؤتمراته وخطاباته، وحرت والله بزماني ياصحبتي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram