TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مهرجان الغثّ والرثّ

مهرجان الغثّ والرثّ

نشر في: 15 إبريل, 2014: 09:01 م

بالطبع وبالتأكيد ومن دون ريب أو شك، هذا أوان المباهاة والافتخار وحتى الادعاء، حقاً وباطلاً.. الموسم انتخابي، وفي العادة تحفل مواسم انتخاباتنا بالغث والسمين وبالرثّ والجديد، وتزدهر فيها الاكاذيب والوعود التي لن تتحقق.
لم يجانب رئيس ائتلاف الوطنية اياد علاوي الحقيقة حينما اختار أن يذكّر أمس الأول بمنجزات حكومته (المؤقتة) التي سادت وبادت في غضون سنة واحدة فقط، وهذا ما كان مرسوماً لها. يكفي تلك الحكومة فخراً انها خلّصت الشعب العراقي من اكثر من 80 بالمئة من الديون المهولة التي خلّفها له صدام حسين، وانها أجرت أول انتخابات حرة لمجلس تشريعي (الجمعية الوطنية)، وانها نقلت السلطة إلى الحكومة التالية (الانتقالية) بسلاسة تامة. علاوي لم يحرن ليبقى رئيساً للحكومة كما فعل خليفته إبراهيم الجعفري ( 2006 ) الذي لم "ينطيها" الا بترتيبات خاصة وامتيازات استثنائية، أو كما ثنّى خليفة الجعفري ورفيقه في حزب الدعوة الاسلامية نوري المالكي (2010) الذي لم يشأ أن "ينطيها" ولا يريد الآن أيضاً في ما يبدو.
حكومة الجعفري التي لم تمكث أكثر مما بقيت حكومة علاوي، لم تتشخبط صفحات تاريخها بمنجز يُذكر، فيما اندلعت في عهدها شرارة أول حرب أهلية طائفية في تاريخ العراق، وهي الحرب المتواصلة حتى اليوم.
أما السيد نوري المالكي صاحب الحكومتين اللتين أخذتا من الوقت أربعة أضعاف ما أتيح لحكومتي علاوي والجعفري مجتمعتين، فلا أظنه قادراً على المباهاة والافتخار بشيء، وهذا ما يفسر انه في جولته الانتخابية في المحافظات قد تحدّث بعمومية عن "انجازات" لحكومته، فيما أعطى وقتاً أطول في خطبه لما يوصف شعبياً بـ"سمك بالماي" ، أي وعود المستقبل، كما لو انه ضامن الخلود في السلطة، أو أقله الولاية الثالثة.
كنت أتطلع في هذا الموسم الانتخابي والمهرجان الافتخاري الى أن يعترف السيد علاوي بخطئه وكتلته في بقاء وزرائهما في حكومة المالكي الثانية وعدم التحول الى المعارضة التي هي من أهم مستلزمات الديمقراطية. اعتراف كان ضرورياً حتى لا يعيد التاريخ نفسه في شكل مهزلة بعد الثلاثين من الشهر الحالي. لو فعلها علاوي و"العراقية" لضمنا على الأرجح أن تكون حكومة ما بعد 30 نيسان هي ما يريدها العراقيون الشكّاكون الآن في انتهاء سنيهم العجاف قريباً.
وكنت أرغب أيضاً في أن يعترف السيد المالكي بانه اقترف من الأخطاء وارتكب من الخطايا ما تتفتت من ثقلها الجبال الراسخات، مثلما تفتت نسيج المجتمع العراقي في عهده، فهذا كان سيكون أنفع له ولحزبه ولائتلافه وللعراق والشعب العراقي ومستقبلهما، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتراف بالخطأ يقطع نصف الطريق الى تصحيح الخطأ.
ليس لدى السيد المالكي ما يباهي به وقد تمترس "داعش" الارهابي في حزام بغداد مهدداً العاصمة.. وليس لدى السيد المالكي ما يفخر به وقد أسقط "داعش" الرمادي والفلوجة وبلدات أخرى، وصار صاحب الولاية واللواء في مناطق نينوى وصلاح الدين وديالى، وأصبح رهن اشارته أمر اغلاق وفتح سدود دجلة والفرات وطرق الغرب والشمال!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. أبو سعد

    ((اليمشي أبدربنا شيشوف يابو علي.!)ومامشينا بدربك وشفنا العجايب الله يكون بعونك يابو علي..

  2. ياسين عبد الحافظ

    جف الفرات فى الحلة والكوفة,وغادرت مياهه شواطى غابات النخيل فى كربلاء والديوانية, حينها زحفت الصحراءلتضم السماوة والناصرية,واصبح العراق بلد ب(رافد) وليس رافدين,واقترب الارهاب الى سد الموصل وجرى لدجلة ماجرى للفرات.. وهكذا اصبحت الارض صحراء, وكان لزاما علينا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram