اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > جدارية الفنان " يوسف غزاوي"..رمزية الوجود والقدرة على البقاء وفق رؤية فنية تشكيلية

جدارية الفنان " يوسف غزاوي"..رمزية الوجود والقدرة على البقاء وفق رؤية فنية تشكيلية

نشر في: 18 إبريل, 2014: 09:01 م

ترتكز جدارية الفنان " يوسف غزاوي" على مفهوم الحرب والسلام، وعلى رمزية الوجود والقدرة على البقاء وفق رؤية فنية تشكيلية يقدمها بتعبيرات دلالية لها رمزيتها الأيديولوجية ، الخاضعة لمفاهيم اللون والبعد الفكري في إخضاع الريشة . لترصد الحدث المؤرخ في ذاكرة

ترتكز جدارية الفنان " يوسف غزاوي" على مفهوم الحرب والسلام، وعلى رمزية الوجود والقدرة على البقاء وفق رؤية فنية تشكيلية يقدمها بتعبيرات دلالية لها رمزيتها الأيديولوجية ، الخاضعة لمفاهيم اللون والبعد الفكري في إخضاع الريشة . لترصد الحدث المؤرخ في ذاكرة الفنان " يوسف غزاوي" ، والمترجم في جدارية انطولوجية تبرز مشكلة الحرب مع العدو، الضاغط بكل مستوياته على أبسط المفاهيم الحياتية والإنسانية، ومنها الفنية بشكل خاص .
تغيرات حركية لأشكال مبهمة رغم وضوحها يحاكي من خلالها " يوسف غزاوي " اللون الأبيض الباحث عن السلام الداخلي قبل الخارجي، وكأنه يشير في جداريته إلى لوحة الغارنيكا ، ولكن بعمق المفهوم التشكيلي حيث يشير إلى قريته التي تم تدميرها أكثر من مرة . محددا اللغة الفنية بتناص ينعكس على أسلوبه المناقض ، والمؤثر في اتجاهات اللون، والفراغ ، والرموز والتعبيرية والإيحائية ، وتداعياتها على نحو خاص داخل مساحات بصرية ذات اتجاهات مرئية، وخصائص تصويرية تعتمد على منح اللوحة لغة تؤرخ لوجود الإنسان الكلي، وقدرته على النهوض من المحن التي تسلبه الإحساس الخاص بالجمال والفن، فالمشهد المقترن بوجدانيات ملحمية يروي من خلالها الغزاوي الوقائع الحسية التي تأثر بها أثناء الحرب على جنوب لبنان، وعلى قريته إذ يبحث بين الرموز التي رسمها في جداريته عن الكينونة الإنسانية من خلال اليد التي تقترب لتصافح اليد الأخرى. إلا أن الفراغ يحيط بها، وتفصلها مسافة كلية تشير إلى الضعف في القوى المسببة للحروب، ولتآكل الإنسانية في ظل النزاعات المتكررة منذ نشوء الإنسان وحتى الآن.
يحاول " يوسف غزاوي " في جداريته محاكاة الزمن والمكان، وتفعيل دور المخيلة في تنشيط حكائي رمزي، وسرد تشكيلي له رمزيته حيث تبدو المربعات ، كوجوه ، وكقبور، وكعلامات قرى تم قصفها في إيحاءات توازنت مع الوقوف الهزيل للإنسان وسط الخراب والدمار من حوله . إلا انه مزج اللون الأبيض مع الألوان الأخرى ، كاستراحات زمنية أراد لها ان تصفو مع تعابيره، ومفرداته، وموتيفاته التي تتباعد في ما بينها، في وصف باطني لأحداث تكشف عن عداوة الإنسان للإنسان نفسه من خلال مفهوم الحرب ، والقلق، والخوف، والكينونة المفعمة بإنسانية تتمزق أركانها في كل حرب تصبح فيها حتى الطيور ، كطائرات تحمل في جوانبها رموز الموت والشر . إذ يخاطب " يوسف غزاوي " الرائي بكل هذا ليضعنا أمام " جورنيكا" من نوع رمزي تتجاوز حدود الذاتية والموضوعية، وتندمج مع الخطاب الإنساني، المحاكي لأوجاع شعب يتحرر إنسانيا من كل قيود الموت والحياة، وكأن للموت لغة بقاء تتناهى في مفاهيمها أحاسيس القلق، والشعور بالعدم إلى وجود من نوع آخر. أو وجود فني تشكيلي لا حدود له يرتبط بمفاهيم خاصية . تمتلك مميزات لونية يتخللها الخط المتجانس مع الرؤية المنبثقة عن الحرب، وتفاقم الإحساس السايكوفينومينولوجي المتحرر من كل المعايير الفنية، والمنضبط رمزيا وتصويريا داخل حدود جدارية لا متناهية من حيث الحوار الداخلي والخارجي، والقدرة على وضوح الفكرة الناشئة من حدث تم التأريخ له في عمل فني يتأرجح بين الواقع واللاواقع، والرفض والقبول ، والحقيقة والخيال، للتواءم كل هذه الرؤى ضمن تناقضات قدمها بصريا بدينامية باردة لونيا ، ورسومات عشوائية تتميز بعفويتها التشكيلية الممزوجة بتحولات الأشكال، وانحرافاتها ضمن زوايا منظورية يهدف من خلالها إلى تصوير قدرة الحروب على دمار الإنسانية. 
علاقات داخلية مبنية على محاكاة للرموز في ما بينها. لتمنح الرائي إيحاءات ديناميكية. تتشكل على مسرح الجدارية الممتد بصريا نحو فضاءات اللون الأبيض، وموسيقاه التصويرية الهادفة إلى إنشاء تكوينات منفصلة ومتصلة في ما بينها بفكرة الحرب المدمرة للإنسان، وبيئته الحياتية والقدرة على الوقوف لبناء المفاهيم المتجددة بعد كل حدث مؤلم يعيد الإنسان إلى نقطة البداية، وهذه دورة الخير والشر، والموت والحياة، والحرب والسلم يرى برديائيف :" ان الخلق الفني شأنه شأن كل شكل آخر للنشاط الخلاق يتألف من التفوق والتحول إلى الحياة المعطاة المحددة والعينية ،بمعنى انه انتصار على العالم."
إن الألوان والتكوين، والمحاكاة الداخلية لعبت دورا هاما في تحقيق جاذبية تثير البصر، ليتعمق الفكر في فك رموز الجدارية ، وحركتها العشوائية ضمن المنظور الفني المشبوب بمسحة يأس وامل، وفرح وحزن، ونهوض إنساني تتشكل فيه الحياة من خلال الحدث الماضي بلغة حاضر ترك الجدارية مفتوحة على دلالات مختلفة ، ومتنوعة إنسانيا من حيث قدرة المربع ، والمستطيل على منح الزوايا تشكيلات ذات فضاءات توحي بأشكال متعددة. غلب عليها حيادية تميل إلى الرمادي المزرق بشفافية، وترابيات متزنة ومنسجمة مع الأسود، والإضاءة المتناغمة مع الكتل والفراغات، والفواصل، والأحجام المختلفة في قياساتها النابعة من فكرة إنسانية تبحث عن السلام داخل الحروب المتتالية، التي تواجهها بفكر فني وإنساني . 
تستكمل المخيلة دورها التي تبدأ عند حواف الجدارية ، ومضمونها المتعلق بالمحتوى الإنساني المناقض لفكرة الحرب والخراب، والدمار المؤثر على مفاهيم الجمال للجمال، ومنح الحدث لغة فنية تترجم الخطوط كل تفصيلاتها، وجزئياتها الغامضة، والقيمة التحاورية. لما تتسم من تلقائية وعفوية ، وبساطة في الأداء، وتعقيد في الفكرة المبسوطة على مسطحات ذات مضامين فنية تشكيلية ترتسم في ظاهرها الحروب، وفي عمقها قدرة الإنسان على الوقوف دائما في وجه كل خراب تتسبب به الأيدي الممدودة. إن للشر في مفهومها المنفصل أو للخير في مفهومها الباطن كيد إنسان يهدف إلى منح الإنسانية الخير والجمال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. الفنان التشكيلي د. يوسف غزاوي

    لا أملك إلا إبداء الشكر والإعجاب بالمقالة القيّمة التي تناولت جداريتي الزنزانة ، التي نفذتها في معتقل الخيام بعد التحرير. لقد أفلحت الكاتبة الناقدة بإمساك دلالات وجمالات العمل واستطاعت أن تصل إلى روحه وقلبه بل إلى قلبي كفنان عجن هذا العمل بقلبه ودمه، ولا

يحدث الآن

الرافدين يطلق رواتب المشمولين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية

بالوثيقة.. التعليم توضح بشأن توسعة مقاعد الدراسات العليا

العدل تعمل على خطة تجعل من النزلاء يكملون دراستهم الجامعية

ارتفاع بمبيعات الحوالات الخارجية في مزاد المركزي العراقي

رسمياً.. أيمن حسين يوقع على كشوفات الخور القطري

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram