الحصول على "رقية حمرة بحب اسود " قبل دخول الرقي المستورد الى العراق ، يجعل رب الأسرة في حيرة من أمره ، فأما يختارها "شرط السجين " ويتحمل إفرازاتها على قميصه او دشداشته البيضاء ، او يأخذها معتمدا على قول البائع ،بان بضاعته لا تحتوي الرقي الفطير او نص حباية ، وفي لحظة الدخول الى المنزل ، تظهر النتيجة ،فتنفرج الأسارير ، او توجه لرب الأسرة انتقادات شديدة اللهجة من ام العيال ، لاختياره رقية فطيرة ، مع توجيه إنذار نهائي بالامتناع عن شراء الرقي لتفادي إصابة الأسرة بخيبة امل وإحباط شديد .
الجيل السابق من البغداديين ، عرفوا "جعفر جيكاته " بالجيم الأعجمية بوصفه اشهر بائع رقي في العاصمة ، كان يعرض بضاعته في فصل الصيف على رصيف الشارع المقابل لمرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني ، امتلك الرجل خبرة ومهارة وموهبة في الاختيار ، فكسب شهرة عريضة ، وبعد وفاته في العام 1983 افتقد الزبائن اشهر" خبير بطيخ " ، وحاول اخرون انتحال لقبه لكنهم لم يكونوا بمستوى الراحل، ولم يستطع واحد منهم ان يكون خليفة الخبير.
انتحال شهرة الآخرين بين أصحاب المصالح في بغداد ، واستخدام أسماء وماركات تجارية شهيرة ، ظاهرة سائدة غير خاضعة لرقابة رسمية ، ولا تحكمها تشريعات حفظ الحقوق ، وبإمكان اي شخص وبرأس مال قليل ، وإعلان تلفزيوني ، ان يصبح صاحب امتياز في إعداد الحلويات المغربية ، والرغيف اللبناني ، والساهون الإيراني ، وبالشائعات يحصل على لقب خبير بتخصصه ، والأمر لا يقتصر على النشاط في الأسواق بل امتد ليشمل مناحي الحياة الأخرى ، و"المصيبة السودة " انه دخل في السياسية ، فتشكلت قوى سياسية تحت غطاء" خبير البطيخ " وادعت انها تمتلك قاعدة شعبية تتفوق على أحزاب معروفة بتاريخها الطويل .
"خبير البطيخ" اصبح أمينا عاما لتنظيم سياسي ، والأمر يبدو طبيعيا جدا ، لغياب وجود قانون تشكيل الأحزاب ، ينظم عملها ، ويرصد مصادر تمويلها وأعداد أعضائها ، ومسودة القانون طرحت في الدورة التشريعية السابقة ، ورحلت الى الحالية ، وعطل خلاف الكتل النيابية إنجاز القانون ، وانتهى به المطاف كغيره من التشريعات الخلافية في رفوف النسيان ، على امل ان يقوم البرلمان المقبل بإزاحة الغبار عن عشرات المشاريع المعطلة ،ومنها قانون الأحزاب ، ليعتمد في تنظيم الحياة السياسية ، وكشف زيف "خبير البطيخ " وتنظيمه السياسي المزعوم الذي يضم عشرة نفرات من أبناء عشيرة الأمين العام .
بدخول الرقي المستورد الى الأسواق المحلية ، تخلص العراقيون من "الرقي الفطير" وتوفر لخبير البطيخ العمل في الميدان السياسي ، وامتلك حق تشكيل قائمة انتخابية بانتحال صفة المناضل والوطني الغيور المدافع الوحيد عن مصالح شعبه ، ومثل هذه" الرقية الفطيرة " غير خاضعة "لشرط السكين" والدين ممنوع والعتب مرفوع ، بأوامر خبير البطيخ .
خبير البطيخ
[post-views]
نشر في: 18 إبريل, 2014: 09:01 م