دعوني أعرفكم بالسيد (كانج مين جيو).. انه رجل كوري جنوبي توفي للتو.. يستحق أن نقول "له الذكر الطيب"، فقد مات ميتة فاجعة، لكنها ذات معنى كبير ومدلول عظيم، وهذا هو ما حملني على تعريفكم به.
السيد كانج كان نائب مدير مدرسة ثانوية .. يوجد مثله آلاف في بلد مثل كوريا الجنوبية التي يزيد عدد سكانها عن 50 مليون نسمة، لكنه قام بعمل نادر الحدوث، ما جعل صيته يمتد الى كل انحاء بلاده ويتجاوز حدودها الى سائر ارجاء العالم.
السيد كانج (52 سنة) مات منتحراً... فك حزام بنطلونه وربطه بغصن شجرة ثم ارتقى اليه ووضع عنقه فيه وأنهى حياته. والسبب ندركه عندما نعرف انه كان قد اصطحب طلبة مدرسته في رحلة بحرية إلى جزيرة جيجو الجنوبية منطلقة من ميناء أنشيون، على متن العبّارة (سول) التي ما لبثت أن انقلبت في عرض البحر وغرقت الاربعاء الماضي وعلى متنها 476 من الركاب وأفراد الطاقم، ما ادى الى موت 28 شخصاً معظمهم من طلبة تلك المدرسة، ولم يزل 174 آخرين مجهولي المصير.
بطبيعة الحال، السيد كانج لا يتحمل أية مسؤولية عن الحادث المأساوي، فلا هو مالك العبّارة ولا هو قبطانها. مع ذلك تعرّض، في ما يبدو، الى نوبة من تبكيت الضمير لأن عشرات من طلبته قد ماتوا فيما بقي هو على قيد الحياة. بماذا نصف السيد كانج أو أي شخص يقوم بما قام به؟.. شريف.. صاحب غيرة .. ذو ضمير حي.. الى آخره.
أردت تعريفكم بالسيد كانج وما حلّ به، ليس لأن ثمة صلة أو معرفة شخصية لي به، وانما رغبت في مشاطرتكم ما أثار خبر انتحاره من تداعيات في ذهني، ففي الحال وانا اقرأ الخبر داهمتني الصور الشخصية للكثير من كبار المسؤولين في دولتنا، من رئيس الحكومة الى رئيس البرلمان الى الوزراء والنواب وقادة الكتل البرلمانية وزعماء القوى السياسية وقادة القوات المسلحة ورؤساء المؤسسات والدوائر.. كلهم من دون استثناء يتحملون المسؤولية عن موت مئات الالاف من العراقيات والعراقيين واصابة مئات الالاف غيرهم بجروح بليغة واعاقات دائمة، وعن دمار ممتلكات وثروات لا حصر لقيمتها. مع ذلك لم نرَ شعرة في شوارب أحدهم تهتز!
لا نريد لهم أن ينتحروا.. فقط رغبنا في أن يتحلى بعضهم، أو أحدهم، بالشرف الشخصي أو الوطني، بالضمير الحي، بالغيرة، لكي يستقيل، أو في الأقل يعتذر. بل انهم يقدمون الان على النقيض تماماً بترشيح انفسهم في الانتخابات البرلمانية.
ماذا نقول فيهم؟
يروحون فدوة للسيد (كانج مين جيو) الشريف، صاحب الغيرة، وذي الضمير الحي.
تروحون فدوة لـ(كانج)!
[post-views]
نشر في: 19 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ابو اثير
أستاذي الفاضل... لاتوجد مقارنة تذكر بين الأستاذ الكوري المنتحر كان مين جو ومن يتصدر المشهد السياسي في دولتنا فأغلبهم جاؤوا مع المحتل وليس في غايتهم وهدفهم سوى هدف واحد ألا وهو تدمير ليس البلاد فحسب بل تدمير شخصية الفرد العراقي وبالتالي المجتمع العراقي الذ
رمزي الحيدر
يروحون ألف فدوة الى ( قندرة ) السيد كانج مين جيو .
محمد سعدي
كله صوج الشعب
ابو سجاد
ماذا لو عادوا هؤلاءاصحاب الوجوه الكالحةالى قيادة البلد من جديد في الانتخابات المقبلة هل نتصدى لهم لو نختصر الطريق كما اختصره السيد كانج