بعد شد وجذب كادا يطيحان مجلس التعاون الخليجي، يبدو أن مشيخة قطر حسبت مصالحها في موازين الربح والخسارة، واختارت التخلص من رئيس ما يسمى الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين وعرّاب جماعة الإخوان ، فمنعته من إلقاء خطبة الجمعة التي كرّسها مؤخرا لمهاجمة كل الأنظمة العربية غير الخاضعة لإخوانه ، ويبدو أنها اختارت مؤخراً وتحت الضغط إبعاده إلى تونس، حيث فرشت له هناك السجادة الحمراء، ولقى استقبالاً شارك فيه راشد الغنوشي زعيم الحركة الإخوانية التونسية "النهضة "، ولتأكيد الأنباء عن موقف الدوحة الجديد، فقد وصل إلى تونس برفقة 28 شخصًا من تنظيم جماعة الإخوان.
إن لم تكن تونس الغنوشي مقر إقامته الدائم، فإن له مقرات جاهزة في تركيا والسودان، تنطلق منها فتنته التي باتت متنقلة وبحيث يتعاظم انتشارها، وإن لم ينتقل للإقامة في واحدة من الدولتين، فإنه سيوزع عليهما من رافقه مطروداً من الدوحة، التي بدأت بتنفيذ بنود وثيقة الرياض، المتفق عليها مؤخراً بين وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، والخاصة بوضع آلية لحل الأزمة العالقة بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، وهي الدول الثلاث في المجلس التي سحبت سفراءها من الدوحة، ولم تنفع الوساطة الكويتية في إعادتهم، ويبدو من تسريبات الصحافة التونسية أن أمير قطر خلال زيارته مؤخراً لتونس، طلب من المسؤولين فيها استضافة قيادات الإخوان، وسواء صحت هذه الأنباء، أو كان الأمر يتم كنتيجة للزيارة الأخيرة التي قام بها راشد الغنوشي إلى قطر، فإن مغادرته الدوحة بهذا الشكل تؤكد أنه لم يكن أكثر من محرك للفتنة، وليس داعيةً إسلامياً كما يدّعي.
من المتوقع إن لم يكن مؤكداً، أن إقامة شيخ الفتنة في تونس ستلقى ردود فعل قوية، حيث ترفض القوى السياسية التونسية، ما عدا نهضة الغنوشي، تواجده في البلاد حفاظاً على علاقات تونس بمحيطها العربي، وربما رفضاً لرغبة أميركية بتأمين إقامة مريحة للشيخ الذي بارك وأيد ودعم حكم مرسي العياط لمصر، وأفشل ولو إلى حين الحراك الشعبي في بلاد النيل، وأشعل فيها الفتنة بين مسلميها وأقباطها، وزرع بوادر الانقسام الطائفي في سوريا، مُحدثاً شرخاً عميقاً بين كل طوائفها التي تعتنق الإسلام، وبين هؤلاء والمسيحيين، ودعم تحويل بلاد الشام إلى بؤرة استقطاب "للجهاديين" من كل لون وجنسية في هذا العالم، وأفشل حتى الآن الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح والتغيير.
لن يؤدي انتقال القرضاوي إلى مقر إقامة جديد، سواء في تونس أو الخرطوم أو إسطنبول لوأد فتنته، وكان الأصح الحجر عليه ومنعه من الصعود إلى المنابر أو الظهور الإعلامي، ولا يأتي ذلك من باب رفض الرأي الآخر، وإنما من باب رفض فرض ذلك الرأي على المجتمع، وهو ما ينادي به رئيس ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي شكّله القرضاوي ليكون واجهة جديدة لتنظيم الإخوان الدولي العابر للوطنيات ، وكان بصفته هذه يتدخل في الشؤون الداخلية للدول، مُعتمداً على تأييد إخوانها لتدخلاته الفجة، وفتاويه المدموغة بالسياسة بدل استنادها إلى الدين الحنيف.
القرضاوي.. الفتنة مُتنقلة
[post-views]
نشر في: 20 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
لماذا لاتذكر مافعله هذا الملعون بالعراق يااستاذ حازم ان مافعله بالعراقيين اكبر واعظم مما فعله بالاخرين