TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دبيسات الموصل

دبيسات الموصل

نشر في: 20 إبريل, 2014: 09:01 م

في سنوات الحرب العراقية الايرانية ، كان الجنود  المتوجهون الى مصير مجهول ، يتجمعون في منطقة الدبيسات ، بمحافظة ميسان ،  وبعد تناولهم الفطور من نساء يبعن الشاي والقيمر والبيض المسلوق تنقلهم "الايفات " ، شاحنات  النقل العسكري الى وحداتهم ،  عبر  طريق المشرح  البزركان ثم الفكة ومن هناك الى مقرات أفواجهم وكتائبهم ،  والجندي الملتحق بوحدته  لايفضل الحديث  مع زملائه ،  يدخن بشراهة وفي ذهنه سؤال ، لطالما ردده مع نفسه ، هل يعود ثانية الى أهله  مجازا ام  بتابوت ملفوف  بالعلم العراقي؟
 بائعات الشاي  والوجبات السريعة في الدبيسات ،  كن يمتلكن معلومات وافية عن تحركات القطاعات العسكرية من جنودها ومنتسبيها الذين اعتادوا  تناول طعامهم من النساء ، ومعظهن من كبار السن، ولديهن الاستعداد للإجابة على اي سؤال يطرحه  جندي منقول من وحدة الى اخرى ،  ولا يقتصر تقديم الخدمات  الى العسكريين  ، فعند حصول هجوم يتجمع كبار السن من النساء  والرجال للاستفسار عن مصير  أبنائهم ، فيتوزعون بين كراج العمارة ، والمستشفى العسكري ، والقسم الأكبر في الدبيسات ، فتقوم بائعات الشاي بتوضيح "الموقف وتحديد محور الهجوم  على الوحدة العسكرية الفلانية ".
تلك الصورة القاتمة تكررت اليوم في "دبيسات الموصل" الواقعة في كراج علاوي الحلة .
مرآب العلاوي مكان اطلاق سيارات النقل الى محافظات نينوى ، وصلاح الدين، والأنبار يشهد يوميا توافد العشرات من كبار السن للاستفسار عن  سلامة الطرق ،  وهل شهدت حوادث مؤسفة ، فيتبرع سائقو المركبات العاملون على تلك الخطوط  بالإجابة على الاستفسارات ، مع الدعاء بعودة الجنود سالمين الى ذويهم ، فيما يظل الآباء يلحون بطرح الأسئلة ، ليبددوا قلقهم ومخاوفهم على مصير أبنائهم ، انها "دبيسات اخرى " بعد إسدال الستار على سنوات الحروب ، ولكنها ظهرت في زمن انتشار الإرهاب وتنظيماته المنتشرة في العديد من المدن العراقية .
 "قصة دبيسات الموصل"  أثارت انتباه مراسل جريدة عربية ، وخرج بحصيلة تفيد بان السواق العاملين على خط  الموصل بغداد ، يسألون الركاب ان كان بينهم احد منتسبي الأجهزة الأمنية لأنهم ، أي أصحاب المركبات ، غير مسؤولين عن تبعات التعرض لمفاجآت في الطريق ، وانهم  يجرون اتصالات هاتفية مع زملائهم للاستفسار عن خلو الطريق من وجود  السيطرات الوهمية .
الطرق الخارجية المؤدية الى بعض المحافظات الغربية والشمالية سجلت فيها حوادث قتل  عناصر في الأجهزة الأمنية  أثناء عودتهم من مقرات وحداتهم الى العاصمة بغداد  على يد جماعات إرهابية ،  ولتفادي تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة،  يتطلب تأمين الطريق او نقل المجازين جوا ، الى بغداد وبالأسلوب نفسه تتم  إعادتهم الى وحداتهم ، او نقلهم عبر قافلة عسكرية تصاحبها قوة حماية ،  وتسيير دوريات  تؤمن الطريق ،حتى لا تشهد  محافظات عراقية ولادة مناطق دبيسات  تسرد فصول مآسي الحروب ، وحوادث نشاط الإرهابيين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram