عبدالقادر البراك تم خلال الايام الاخيرة تحويل اهم منتدى للساسة العراقيين ولغيرهم من المعنيين بالامور العامة الى سوق عصرية، ذلك هو مبنى مطعم شريف وحداد الذي يقع في اهم مواقع العاصمة لتوسطه معظم انحائها ولقربه من مراكز الانتقال من بغداد الى الالوية،
فهو مقام على رأس جسر الاحرار في جانب الرصافة الذي يصل بالكرخ وهو قريب الى موقع الوزارات والبنوك ومكاتب كبار المحامين واهم الشركات والفنادق التي تجمع بين الاصدقاء الذين تتوزعهم لعدم امكان استيعابهم في فندق واحد اضافة الى انه كان مشرع الابواب من الصباح الباكر الى ساعة متأخرة من الليل!. *ويعرف نادلو شريف وحداد المشرفون على الخدمة فيه الكثير مما يتعلق بالرواد ويعرفون من شؤونهم الخاصة ما يمكنهم من اعطاء المعلومات عمن يسأل عنهم من الاصدقاء والمعارف، وكان باستطاعة مرتاده في الصباح ان يتناول فطوره ويلتقي فيه ممن يرتبط معهم بموعد وبالاصدقاء لتناول المرطبات والمكيفات وقراءة الصحف وهو في الظهر يقدم الغذاء الشهي بالاسعار المعتدلة التي لايستثقلها متوسطو الحال! *وفي الفترة التي تسبق الغذاء يرتاده كثير من ارباب الاعمال للراحة وللغذاء ولعقد ما يسمونه بـ(جلسات عمل) وهو بعد الظهر وحتى ساعات الاصيل يصبح من (الكازينوهات) التي يرتادها صفوة المجتمع وفي المساء يتحول الى مشرب يرتاده عدد كبير من ابناء (الطبقة الجديدة) التي يفرزها المجتمع بين فترة واخرى وكان هذا المحل يزدحم خلال الاحداث السياسية المهمة التي تمر بالبلاد وبصورة خاصة عندما كانت تجري انتخابات نيابية حيث يصل بعض المرشحين من الالوية (المحافظات) فيكون مقرا لهم!. *وكان المشرفون على اعمال المحل من مصادر الاخبار لبعض الصحفيين واشهد ان فيهم من الاذكياء والبارعين في نقل الاخبار وتلوينها ومن هنا ادركت سبب اعتماد بعض مراسلي وكالات الانباء الاجنبية على امثال هؤلاء في تلقي الاخبار فمحل (شريف وحداد) في العراق بمثابة (بار اللواء) في القاهرة و(مطعم فيصل) في شارع الحمراء ببيروت!. *فما الخلفيات التاريخية لمحل (شريف وحداد) وهل اراد احد مؤسسيه وهو رشيد مطلك (مطلك) ان يجعل منه محلا مماثلا لمقاهي بغداد التي كان يلتقي بها بعض رواد النهضة الفكرية والاجتماعية والسياسية من شباب بغداد كمقاهي (النقيب) و (باب الاغا) و(ابي علي) في الباب الشرقي مثل حسين الرحال ومحمود احمد السيد وحسين جميل وهل تحقق له مااراد؟ وجوابي على هذين السؤالين ان صاحبه اما فكر في ايجاد محل عصري يليق بتقدم بغداد العمراني والاجتماعي فهذا ما اقطع به لان رشيد مطلق بحكم تكوينه الشخصي كان حريصا على القيام بمثل هذه المشاريع الناجحة او يكون مقصده ثقافيا او سياسيا وهذا ما اشك فيه لانعدام الفائدة الاقتصادية المرجوة من كل عمل ينفق على تأسيسه مثل ما يتطلب الانفاق على مشروع ملتقى عصري في بغداد!. *اعود للحديث عن مؤسس هذا المشروع فأقول انه احد تلامذة (الثانوية المركزية) في مطلع الثلاثينيات فكان منهم من شارك بالتظاهرات ضد وصول الصهيوني الفريد موند ومنهم من شارك في التظاهرات ضد المعاهدة العراقية – البريطانية وان عددا غير قليل منهم قد طردوا من مدارسهم وسجنوا امثال خليل كنه وجميل عبدالوهاب وحسين جميل، وكان من هؤلاء الطلاب رشيد مطلك وفائق السامرائي وعزيز علي وغيرهم ممن تشعبت بهم طرق العمل في السياسي بعد تجاوزهم سن الشباب. *وكان من بين اصدقاء رشيد مطلك في الثانوية المركزية عبدالكريم قاسم وهو ابن محلته الذي كان يتلقى التوجيه السياسي من قريبه العسكري محمد علي جواد احد مساعدي بكر صدقي وقد ظلت العلاقة بينهما مستمرة حتى بعد ان انصرف مطلك الى العمل في الكمارك والثاني الى السلك العسكري وكان رشيد مطلك ذا حيوية اكثر من حيوية طالب الثانوية وموظف الكمارك وذا ذهن متفتح على الاعمال الحرة وقد اكتسب من صديقه عبدالله شريف مؤسس مطعم (عبدالله) و (مطعم المطعم) فيما بعد قابليات كان منها الاقدام على فتح محل شريف وحداد الذي كان يلتقي فيه الاصدقاء القدامى لاسترجاع الذكريات ومنهم عبدالكريم قاسم ومن هذا المحل بدأت الاعمال التحضيرية لثورة 14 تموز 1958 فكان (مطلك) حلقة الاتصال بين قاسم وحسين جميل وبالتالي كامل الجادرجي الذي نقل الى حسين جميل تكليف قاسم باستطلاع رأي عبدالناصر في موقفه من ثورة تموز وهو الذي ابلغه بترشيح قاسم له لرئاسة الوزراء ليقوم بدور مماثل لدور علي ماهر في مصر ليتولى الانتقال بثورة 14 تموز من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية!. جريدة الاتحاد اذار 1987
ملحق ذاكرة عراقيةلمناسبة تحويله الى سوق تجارية.. شريف وحداد.. ملتقى السياسيين ومراسلي وكالات الأنباء!
لمناسبة تحويله الى سوق تجارية.. شريف وحداد.. ملتقى السياسيين ومراسلي وكالات الأنباء!
نشر في: 22 نوفمبر, 2009: 04:22 م
جميع التعليقات 1
Alzubaidi
جهودهم مباركة و هنيئا لنا جمهوريتنا الخالدة.