أكد الفرع الأردني لجماعة الإخوان المسلمين، ما كان معروفاً عن عدم قبول تلك الجماعةللرأي الآخر، حتى وإن كان في نفس إطار توجهاتها، فقد فصلت ثلاثة من قيادييهالمشاركتهم بتأسيس المبادرة الأردنية للبناء، المعروفة باسم زمزم، بعد أشهر من محاكمتهم غيابياً، بتهمة مخالفة أنظمة ولوائح الجماعة، ومعروف أن القياديين المفصولين محسوبون على ما يعرف بتيار "الحمائم" داخل الجماعة، فيما يسيطر على قيادتها تيار المتشددين أو "الصقور"، وإمعاناً من قيادة الجماعة الدعوية في تجاهل " وجادلهم بالتي هي أحسن" فإنها رفضت التعليق على القرار، في حين وصف قيادي من المبادرة القرار بأنه تصفية لأفكار وآراء مطروحة ويعبر عن حقد من الجماعة.
مبادرة "زمزم" وإن أغضبها القرار الذي يعبر عن ضيق أفق ويخلو من الحكمة أكدت مواصلة عملها السياسي، مستهدفة بناء نموذج للفكر المعتدل، وجددت تأكيدها بأنهاتسعى إلى ايجاد الصيغ التشاركية القائمة على تعظيم مساحات التوافق وتقليل شقةالخلاف، بين جميع مكونات المجتمع السياسية والدينية والفكرية، للإسهام في حفظ هذا البلد واستقراره، والحيلولة دون الانزلاق إلى العنف والفوضى كما يجري في أغلب دول الجوار.
القرار في مضمونه، ليس أكثر من محاولة الإساءة معنوياً لمجموعة من الساعين لتعزيزالوحدة الوطنية والفكر المعتدل، وهو دليل واضح على أن هناك فئة ما زالت تعيش فكرالعزلة والانغلاق والجمود، والعجز عن مواكبة العصر، وينحصر عملهم في صناعة الأعداء والخصوم، فمبادرة زمزم تحمل فكرة مختلفة عن فكر الإخوان خصوصا الدعوة لدولة مدنية بمرجعيةقيمية إسلامية، وللمفصولين الثلاثة امتداد في غير موقع داخل الجماعة وعلى من يعتبرون الفصل حسماًلصراع داخلي، الاستعداد للتداعيات، فخطوة كهذه ليست سهلة، مع تناقض التوجهات السياسية بين الاتجاهين، مع تداخلات معادلة الاصول والمنابت، التي تأخذ تعبيراتها في مشروعين، كلاهما إسلامي،لكن أحدهما وطني والثاني عابر للوطن والفرق واضح بينهما.
بينما يلف صمت القبور قيادة الجماعة من الصقور، فإن المفصولين يؤكدون عدم جواز محاكمة قيادات إخوانية جراء التعبير عن آرائهم وافكارهم ضمن رؤية إصلاحية شاملة، وأن قرار المحكمة الإخوانية مجحف ينم عن حقد دفين لاستهداف أشخاص وتصفيتهم من الجماعة دون ارتكاب أي جريمة، رغم ان قيادات زمزم لم تخرج عن رأي الجماعة ولم تتخذ موقفًا مضاداً لها، وأن المبادرة اجتماعية وليست حزبًا سياسيًا، رسالتها هي "تجميع الطاقات واستثمارها وتقديم البدائل والمبادرات لتحقيق الإصلاح الشامل على أساس المواطنة والكفاءة وفق منهج تشاركي توافقي قيمي.
لن ننتظر طويلاً لنعرف قوة التيار المفصول وامتداده داخل الجماعة، غير أن صقورها يؤكدون أن كل من يخرج من الجماعة يفقد حاضنته السياسية لحظة الخروج، وهذه حجة تنطلق لمواجهة من يلوحون بحزب إسلامي جديد، قد يتم تأسيسه على أساس رد الفعل، ويذكرون بأن قياديين غادروا حزبهم وجماعتهم وشكلوا حزب الوسط الاسلامي الذي لم يلاقي النجاح المأمول، لكنهم يقفزون عن حقيقة أن توقيت قرار الفصل لم يكن مناسباً، لأنه سيقود إلى الانشقاق أو المواجهة وهما أمران ليس هذا أوان مجابهتهما لو كان في قيادة الجماعة من يعي انها تتعرض لهجمة متعددة الأشكال لكن الإصرار على خديعة امتلاكهم وحدهم للحقيقة، سيضعهم أمام حقيقة أنهم وحدهم المخطئون.
الإخوان يشقون جماعتهم
[post-views]
نشر في: 22 إبريل, 2014: 09:01 م