كثيرون من الذين وضعوا ثقتهم بالأحزاب الإسلامية منذ العام 2003 إلى اليوم غيروا موضع الثقة تلك، لكنك ساعة تسألهم عن الزمن المضيع والمال الذي ذهب بسبب ثقتهم العمياء هذه يقولون لك بان البديل السياسي المدني لمّا ينولد بعد، وهذا حال واقع فيه الكثير من الحقيقة. فالتيار المدني ظل حبيس ظلمات الشارع المؤسلم، والذي وجدته الأحزاب الدينية جاهزاً إن لم نقل عملت على جرّه إلى مشاريعها التي أودت بالبلاد إلى ما وصلت اليه حتى أفرغته من طاقاته في البناء والتقدم.
وإذا أردنا الحديث عن اليسار العراقي بتأريخه الواسع سنصطدم بعقبة التحالفات التي دخلها مع اليمين أحيانا ومع القوى الهلامية التي تنتسب إلى المدنية حيناً ثم لا تأبه أن تجدها في أماكن أخرى غير بعيدة عن التجاذبات الدينية –الطائفية، وبذلك فقد الفعل المدني الكثير من موجبات قناعة الشارع به. وعلى ما يبدو هي آلية تعتمدها القوى المدنية بسبب من عدم وضوح برامج ومشاريع القوى (الصديقة) تلك، الأمر الذي يفسره البعض على أنه عتبة لا بد من المرور عليها من أجل ضمان التحولات السياسية المدنية في البلاد.
في حديث مع بعض الأهل والأصدقاء جمعنا ذات يوم سألني أحدهم عن رقم القائمة والمرشح الذي سأنتخبهُ أنا، فقلت له بأنني سوف انتخب القائمة 209 ومرشحها صديقي الشيوعي، الأستاذ عباس الجوراني مرشح تحالف البديل المدني المستقل، قال: أتعرفه حق المعرفة، قلت: نعم، كيف انتخب مرشحا لا أعرفه. لكني بقيت حائراً حين سألني : وهل يستطيع صاحبك ان يؤمّن لي فرصة عمل؟ هل يستطيع أن يغيّر حال المدينة وواقعها السيئ، وهل سيكون قوياً بحيث يملك الأمر والنهي بوجهه من يقف أمامه؟ ثم تكررت الاسئلة التي كانت في جلّها تتحدث عن القدرة والاستطاعة والفعل القاطع. ساعتها سألت نفسي: هل وصلنا إلى طريق مسدود، بحيث لا يبحث ناخبنا إلا عن من يؤمن لحظته بعيداً عن مستقبله ومستقبل أبنائه؟ وهل أصبح التغيير من وجهة نظر عراقية رهن ضغطة زر لا اكثر؟
تحالف اليسار والقوى المدنية مع بعض الشخصيات والتكتلات التي لا تريد الدخول مع قوى الإسلام السياسي المعروفة ووجودها في ساحة المعركة الانتخابية القادمة سيغير من خريطة التفكير الشعبي والعقل العراقي العام وسيهز بقوة القناعة والثقة التي ترسخت لدى الشارع(المؤسلم)وسيتبين لجميع العراقيين بان الله والرسول وآل البيت والصحابة مجتمعين لم يكونوا يوما مع من جعل دماءهم قربة تراق بيد الجالسين على كراسي السلطة أو بيد من بدد أموالهم في المشاريع الكاذبة، ذلك لأن الكذبة الدينية-الطائفية ما عادت تصلح للمرحلة القادمة، فالدين والمذهب والطائفة في مأمن، ولا نريد أن نذكّر بقولة أبي طالب الشهيرة: (للبيت ربٌ يحميه).
إذا كانت القوى الدينية قد وجدت الشارع جاهزاً لها، ولم تحتج في تعبئته إلا لكلمات بسيطة، لامست عواطفه وحركت ما قلبه من هواجس فستكون مهمة القوى المدنية بالمقابل من ذلك صعبة وغاية في الصعوبة. فبالقدر الذي أجهزت فيه قوى الإسلام السياسي على ما ظل أو كان مشيداً في الروح العراقية من قيم الوطنية والتسامح والألفة وقواعد العيش المشترك خلال العقد الماضي ستكون مهمة القوى الوطنية والمدنية أصعب، ذلك لأن الهدم عملية بسيطة كما هو معلوم وأي هدم ، فيما البناء عملية معقدة وأي بناء. نحن بحاجة لقوى خارقة علمية او غيبية لكي يستعيد العراقي فيها نفسه كائناً متسامحاً مع ذاته أولا ومع من معه ثانية. ومع هذا وذاك نقول: إذا كنا، أفرادا وجماعات لا نجزم أن المرحلة القادمة ستشهد هزيمة نهائية للإسلام السياسي، لكننا وبكل تأكيد سنشهد انتصاراً وإن ملحوظاً للقوى الوطنية-المدنية.
هزيمة غير مؤكدة لكنه انتصار أكيد
[post-views]
نشر في: 22 إبريل, 2014: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
استاذ طالب اذا لم يكن حضور القوة الوطنية المدنية بالمستوى المطلوب كيف سيهزم الاسلام السياسي هل تستطيع القوة الوطنية ان تلتقي بالجماهير بحجم لقاءات الاسلاميين كونهم لهم جمهور كبير في الجوامع والحسينيات والعزاء وخاصتا خطب الجمعة والفضائيات التابعة لهم فبحجم