TOP

جريدة المدى > عام > في الشريط السيمي "الاصطدام" التمييز العنصري عبر ثيمة درامية

في الشريط السيمي "الاصطدام" التمييز العنصري عبر ثيمة درامية

نشر في: 23 إبريل, 2014: 09:01 م

في تلويحة سيمية هادرة المعاني، يطل علينا المخرج والكاتب بول هاكـييـس بمعالجات فنية غاية في العاطفة،  فهو يمضي قدما في معالجة  النزعة العنصرية وآثارها وشيء من جذروها في المجتمع الأميركي، جوهراً وتأصيلاً وممارسة، وعبر مواقف تبرز العنصرية للذا

في تلويحة سيمية هادرة المعاني، يطل علينا المخرج والكاتب بول هاكـييـس بمعالجات فنية غاية في العاطفة،  فهو يمضي قدما في معالجة  النزعة العنصرية وآثارها وشيء من جذروها في المجتمع الأميركي، جوهراً وتأصيلاً وممارسة، وعبر مواقف تبرز العنصرية للذات قبالة الآخر، السلطة أو المجتمع  ، وكذلك للسلطة قبالة الفرد، الفرد المهاجر واللاجئ إلى بـــلاد العم ســـام أو أميركا الحلم. يشبه الفيلم المنتج عام 2004 في تركيبته الفنية فيلم ( أحبك نيويورك)، في المضي عبر التنقل الدرامي، من حدث إلى آخر، ضمن ذات الثيمة ، غير ان التمحور هنا يمضي قدمــا بضم جماليات أخرى ، كجماليات الحوار الأجنبي - الفارسي - والإسباني - وذكر أسماء عربية -، من فسيفساء المجتمع الأميركي المتلون، مع إظهار تأثيرات الرجل الأميركي تجاه القادم من وراء البحار لمشاركته السكنى والعمل والقوانين. وهناك أيضا جماليات الإخراج في الإحالة إلى الغموض الصوتي، والسبك الدرامي الخلاق ، وتعمد ابتكار الصمت للإيحاء بالحوار الداخلي للرموز المتحركة على مسرح الأحداث، وربما تبدو شخصية الممثل الأميركي: مات ديــلــون، والذي رشحه النقاد لجائزة أفضل ممثل ثانوي في الفيلم لعام 2004 عن هذا الفيلم ، هي الأقرب إلى تجسيد هذا العصاب العنصري، وبملاحمه القاسية وتصرفاته الهوجاء، التي تمثل فكرتنا عن الرجل الأبيض، كما عهدناه في أديباتنا المتأخرة ، وعلى انه رجل أناني - عابث - قاس - متجاهل وهو في الآخر عنصري بالرغم عنه، والذي يعبر عنه نقاد الفيلم على انه الميول الجامح إلى  الآخر ، الذي هو غير معرف أصلا، فمات ديلون ، يمثل دور ضابط في الشرطة الأميركية، لكنه يميل إلى إهانة واستفزاز أناس بسطاء ، اكثر إبداعا منه على مسرح الحياة اليومية.
وعند الولوج إلى قمة الأحداث نجــد أن مات ديلان ، يعاني من إرهاصات اجتماعية في عوق والده وعدم قدرته على سداد مبلغ العملية الجراحية وهو ما يجعله عنيفا يثير استجداؤه الموافقة الطبية من امرأة ملونه، كل الحقد على الملونين، وهو تبرير آخر، عبر وجود عصابات من السود تستهدف البيض حصراً، وهناك مالك المحل الإيراني الذي يحاول قتل مكسيكي ،لأنه تعرض للسرقة بسببه، لكن الجميع على مسرح الأحداث أبرياء، فرجل الشرطة ينقد المرأة التي تحرش بها، والإيراني لا يكاد يصل بيته حتى يبكي من محاولته قتل عامل مكسيكي لا ذنب له ، في حين يكتفي رجل الشرطة الأسود بذكرى أخيه القتيل في شوارع مظلمة.
فاذا كانت مسودة الرئيس الأميركي السابق جيفرسون في الحقوق الدينية والعرقية سابقة تأريخية ، كما في قوله: " ان أميركا تفتح أحضانها للقادمين إليها من المسلمين واليهود والوثنيين والمسيحيين على حد سواء".
فان التفاعل العنصري اذا صح التعبير ، وكما يصوره الفيلم - الاصطدام - ما هو إلا صراع طبقي - عرقي - لا دخل للعنصرية الأممية فيه، فهنا يؤدي الجميع دور العنصري، في النظرة والفكرة والتصور والارتكاب، لكن الاختيار الأجمل في النهايات التي قــد تأتي دموية أحيانا ، وقد تأتي مفتوحة أيضا ، على الأفق ، لجذب أطراف الحوار والنزاع ، في مجتمع، يبدو كبيرا للقادمين الجدد، لكنه صغير جداً ، حين تبدأ حركات رسم الأحلام والأمنيات ، والفيلم يأتلق بالفنانة الكبيرة ساندرا بولوك ، والممثل القدير دان شيدل.
   حصل الفيلم حال عرضه على جوائز أفضل صورة وأفضل قصة وأفضل إنجاز فني. وهو فيلم درامي يضفي جماليات في الإثارة والعنف والحوار المعمق والمنـتـقى بدقة، من قبل الكاتب والمخرج هاكيس. كما أن الفيلم يزدهي بالموسيقية المبدعة كاثلين يورك التي رشحت للأوسكار بذات الفيلم، لجائــزة افضل موسيقى تصويرية. ويختم الفيلم معالجاته بنهايات مفتوحة ، قصداً للإجهاز على الحلول المرتجلة، واستباق الآراء بالوعي الآخر، التفكير الجمعي ، في أن الأرض للجميع والعمل للجميع والحرية من حق الجميع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

مقالات ذات صلة

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو
عام

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو

علي بدرفي مدينة تتلألأ أنوارها كما لو أنها ترفض النوم، وفي زمن حيث كانت النجومية فيها تعني الخلود، ولدت واحدة من أغرب وأعنف قصص الحب التي عرفتها هوليوود. هناك، في المكاتب الفاخرة واستوديوهات السينما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram