تجري بعد أيام قليلة انتخابات مجالس المحافظات في لندن الكبرى ، يتنافس على الفوز بمقاعدها، مرشحو الحزبين المخضرمين: المحافظون والعمال ، مع هامش محسوب لمرشحي حزب الأحرار الديموقراطي ، و فسحة لمرشحي حزب الخضر والأحزاب الصغيرة الأخرى .
ابحث في شوارع لندن عن صور المرشحين على جدران الأبنية ، على نواصي الجسور ، فوق أعمدة الكهرباء ، فلا اجد لها من اثر ، اللهم إلا من قصاصة ورق في مظروف عادي مدسوسة في صناديق البريد . تحمل ملامح برامج العمل للمرشح وكيفية الأداء .
ساعة تتسعر حمى الانتخابات ، تحظى (برامج تلفزيونية ) بخمس دقائق — اقل قليلا ، اكثر قليلا— بماهية نهج الحزب ورؤاه لما يستجد من أحداث .
المقارنة مفزعة بين ديموقراطيتين !! … اين نحن من هذا النهج والانتخابات في العراق قاب قوسين؟ هوجة الصور واللافتات الضخمة ذات الأطر الحديدية او الخشبية ، تتسلق واجهات البنايات وأعمدة الكهرباء والكتل الكونكريت ونواصي الجسور ، وجذوع النخيل، و… بطريقة منفرة ، تفتقر للذوق والحس الحضاري . يحيرنا سؤال لجوج: أهذه هي معالم الديموقراطية التي تاق إليها العراقي وانتظرها طويلا ، وعمدها بالصبر والتوجس والإحباط حينا، وبالدم في أغلب الأحيان ؟ أهذه هي الديموقراطية التي منونا بها ، وعودا معسولة وانهارا من زلال لذة للشاربين ؟
السؤال الساذج الذي قد لا يتبادر للذهن في اتون العرس الانتخابي : كم ستتكلف الدولة من نفقات لرفع كل هذي الأضغاث ؟
والجواب المنطقي الذي قد لا يتبادر على الأذهان المجهدة المشغولة بالنتائج: ماذا لو
ان قانونا وضع موضع التنفيذ يلزم المرشح الذي رفع صورته على البنايات والأعمدة وجذوع النخيل ، برفع صوره ولافتات دعايته ، بعد إعلان النتائج وتغريمه تكاليف رفعها إن لم يمتثل ، اما كان بالإمكان تقليص هذا العدد الفاضح من الدعايات ؟
………
بعد ايام قلائل ، ستنتهي الزفة ، ويدخل العريس الجديد او القديم ، قفص الحكم بسعيه ومحض إرادته ، ليتنغص عيشه ! ليغص بلقمته الدسمة ، ليستعذب طعم شرابه المر ، لتنبت على وسادته غابة شوك ، ليفزع من ظله ، لتمتلئ أحلامه بالكوابيس ، ليشك فيما حوله وبمن حوله.
يقال في الأمثال: البقاء للأصلح، فلنصلي ان لا يجيء للعراق بعد هذا المخاض العسير ، مخلوق مشوه : قصير النظر ، ضامر الفكر ، ظامئ لعسل السلطة ، كسيح الرؤية ، متذبذب الإرادة . ضعيف الحجة . قاصر عن التحكم بزمام المريدين والحاشية، الوطن في عروقه حليب أمّ، لا نسغ مرضعة مستأجرة.
هل تصح الأمثال في بلد كالعراق: البقاء للأصلح؟ هذا هو السؤال .
المخاض العسير
[post-views]
نشر في: 23 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
الظاهر المثل سيقول البقاء للفاشل والفاسد اذا اخفق العراقي باختيار الاصلح