TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المخاض العسير

المخاض العسير

نشر في: 23 إبريل, 2014: 09:01 م

تجري بعد أيام قليلة انتخابات مجالس المحافظات  في لندن  الكبرى ،  يتنافس على الفوز بمقاعدها، مرشحو  الحزبين المخضرمين: المحافظون  والعمال ، مع هامش محسوب لمرشحي حزب الأحرار الديموقراطي ، و فسحة  لمرشحي حزب الخضر  والأحزاب  الصغيرة الأخرى .  
ابحث  في شوارع  لندن  عن صور المرشحين على جدران الأبنية ، على نواصي الجسور ، فوق أعمدة الكهرباء ، فلا اجد لها من اثر ، اللهم إلا من قصاصة ورق في مظروف عادي مدسوسة في صناديق البريد . تحمل ملامح برامج العمل  للمرشح وكيفية الأداء .
ساعة  تتسعر حمى الانتخابات ، تحظى (برامج  تلفزيونية ) بخمس دقائق — اقل قليلا ، اكثر قليلا— بماهية  نهج الحزب ورؤاه لما يستجد من أحداث .
المقارنة مفزعة بين ديموقراطيتين !!  … اين نحن من هذا  النهج  والانتخابات في العراق قاب قوسين؟  هوجة الصور واللافتات الضخمة ذات الأطر الحديدية او الخشبية ، تتسلق  واجهات البنايات وأعمدة  الكهرباء  والكتل  الكونكريت ونواصي الجسور ، وجذوع النخيل، و… بطريقة منفرة ، تفتقر للذوق  والحس الحضاري .  يحيرنا سؤال لجوج:  أهذه هي معالم الديموقراطية التي تاق إليها العراقي وانتظرها طويلا ، وعمدها بالصبر والتوجس والإحباط حينا، وبالدم في أغلب الأحيان ؟ أهذه هي الديموقراطية التي منونا بها ، وعودا معسولة وانهارا من زلال  لذة للشاربين ؟
السؤال الساذج الذي قد لا يتبادر للذهن في اتون العرس الانتخابي : كم ستتكلف الدولة  من نفقات لرفع كل هذي  الأضغاث ؟
والجواب المنطقي الذي قد لا يتبادر على الأذهان المجهدة  المشغولة بالنتائج: ماذا لو   
ان قانونا وضع موضع  التنفيذ يلزم المرشح  الذي رفع صورته على  البنايات والأعمدة وجذوع النخيل ، برفع صوره  ولافتات دعايته ، بعد إعلان النتائج  وتغريمه تكاليف رفعها إن لم يمتثل ، اما كان بالإمكان تقليص هذا العدد الفاضح من  الدعايات ؟
………
 بعد ايام قلائل ، ستنتهي الزفة ، ويدخل العريس  الجديد او القديم ، قفص الحكم  بسعيه  ومحض إرادته ، ليتنغص عيشه !  ليغص بلقمته الدسمة ، ليستعذب  طعم شرابه المر ، لتنبت على  وسادته غابة شوك ، ليفزع من ظله ، لتمتلئ أحلامه بالكوابيس ، ليشك فيما حوله وبمن حوله.
يقال في الأمثال: البقاء  للأصلح،  فلنصلي  ان لا  يجيء للعراق بعد هذا المخاض العسير ، مخلوق مشوه : قصير النظر ، ضامر الفكر ، ظامئ  لعسل السلطة ، كسيح الرؤية ، متذبذب الإرادة . ضعيف الحجة . قاصر عن التحكم بزمام المريدين والحاشية، الوطن في عروقه حليب أمّ، لا نسغ مرضعة  مستأجرة.
هل تصح الأمثال في بلد كالعراق: البقاء للأصلح؟ هذا هو السؤال .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    الظاهر المثل سيقول البقاء للفاشل والفاسد اذا اخفق العراقي باختيار الاصلح

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram