يوم الاربعاء المقبل، سيصوت العراقيون الى لونين من "القوة" التي تزايدت الحاجة اليها مع تصاعد معدلات الموت.
ويشعر الفريق السياسي لنوري المالكي بذعر حقيقي وهم يسترجعون نتائج مجالس المحافظات، وقرار جمهور شيعي واسع بالتصويت لخصوم المالكي. ثم قدرة الفائزين الجدد على تحدي اغراءات السلطة وتخويفها، وتشكيل تحالفات بديلة انتزعت من دولة القانون، نحو ٤ محافظات بسهولة.
ولتعويض هذا الارتياب مما سيحصل لاحقاً، يكافح هؤلاء منذ شهور، للترويج لفكرة ان المالكي هو "القوي القادر على ردع الارهاب". وكلما دق الموت باب العراقيين، خرج انصار المالكي واعادوا التذكير بأنه الحاكم القوي الذي سيثأر من الارهاب.. دون ان يفسروا، لماذا لم يثأر حقاً طيلة هذا الوقت؟
وفي تصور هؤلاء، انهم سينجحون في استثارة خيال الجمهور الذي يتصور ان حكم البلدان بحاجة الى واحد من ابناء الالهة مفتول العضلات، لا ينتابه النعاس، ولا يتردد في سحق اعدائه بأصابعه، وربما صدق المالكي نفسه ذلك، فاعتاد ان يطل علينا بوجه عابس، يصطنع الحزم والشدة والصرامة، والمفاجأة انه كلما تظاهر بالقوة اكثر، كلما تعرضنا الى نكسة اشد.
ويمكن لاعتبارات كثيرة ان نعد اقتراع الاسبوع المقبل، مناسبة للاستفتاء على نوعين من القوة التي يبحث عنها الجمهور. الاولى استعرضها المالكي طوال اعوام، ولم نفهم منها سوى التهديد والوعيد والانهيار، وتجنيد آلاف الجنود الفقراء، والزج بهم في مواجهات بلا نتيجة مع مسلحين شديدي الغموض، فيما يتعلق بأعدادهم وتدريبهم وخطوط تموينهم، بينما بقيت مدننا مسرحاً يشهد على فشل المالكي في بناء الحد الادنى من السيطرة الاستخبارية، التي كان يفترض ان تحد من موجة الموت في قلب المدن الكبرى.
والقوة التي يتباهى بها انصار المالكي، لم تنجح الا في التحول الى "ارتجال سياسي" جعله معزولا، لا يحظى بتأييد معظم الاطراف، ملاماً حتى من مرجعية النجف، التي شعرت ان الثقة التي وضعتها فيه، لم تستخدم لصالح جمع الناس في سياسة سليمة توحد الموقف الوطني، بل استخدمت بما يعنيه نفوذ الدولة، لتفريق الناس وتمزيقهم.
وعبر سيرته السياسية، يقدم لنا المالكي نموذجاً مؤسفاً لضعف تدابيره، ادى الى اضعافنا ككل امام هجمات المتشددين، فلا هو نجح في استخدام "الشدة البدائية" بمعناها الفيزياوي القاسي، ولا هو حافظ على شراكة مع الاطراف الاخرى، التي كان من شأن تماسكها اشاعة مناخ من التهدئة، يصعّب مهمة داعش وأخواتها. وصار معروفاً ان لا احد قدم هدية للمسلحين، كما قدم المالكي نفسه، عجزا استخباريا وعسكريا، وفشلا سياسيا خرب التسويات وأضاع التهدئات النسبية التي تنعمنا بها حتى مطلع ٢٠١٣، على حد تعبير وزير الدفاع الاميركي السابق روبرت غيتس.
اما النوع الاخر من القوة والحزم، فيستند اول ما يستند، الى بناء شرعية سياسية متماسكة، للحرب التي يخوضها جيشنا وقواتنا الامنية، ضد جماعات الموت العدمي، وهي شرعية أضر بها الحاكم الحالي حين ورط المؤسسة العسكرية، والقضائية ايضا، في الخلاف السياسي والخروقات المتعاظمة.
القوة والحزم بالشكل الذي يحتاجه العراق، ليسا مجرد رد فعل ثأري، ونواح على الراحلين، وتراشق وتلاعن، فهذا سوء تدبير عرفناه ايام صولات صدام حسين المخزية، داخلياً وخارجياً. وقد حاول العديد من العقلاء المعارضين لنهج المالكي، تذكيره دون جدوى، بأن الرضوخ للاصلاحات الداخلية، واطلاق حوار مع الشركاء، وحوار جريء مع المحيط الاقليمي، والانصات للنصائح، واعتماد المراجعة والاعتراف بالخطأ، هي طريق الحكمة الذي سيقلل الموت ويبني التسوية الامنية بموازاة التسوية السياسية، الحازمة والتي لا تتساهل مع مسببات النزاع وخرائط الدمار.
لم يحسن المالكي دور "الباطش القدير" الغريزي والبدائي الذي ربما يطلبه الجمهور في لحظات اليأس، ولا "الحكيم المدبر" الذي يحقن الدم ويصمم التنازلات المتعقلة، ويمد يديه للجميع برفق الاب او الاخ الاكبر، ليحشد كل الاقوياء في مواجهة جماعات الموت.
ولذلك فان بقاءه في السلطة سيعني بقاءنا في العراء، لقمة سهلة للدهاء الاقليمي وشهية الانتحاريين، ما اصبح واضحاً اليوم سواء بمعايير الوطن، او بتقديرات "الطائفة"!
المالكي لا بطش ولا سياسة
[post-views]
نشر في: 23 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
محمد نعيم القريشي
قد تصدم جميع الأوساط المترقبة لرؤية خروج هذا الفاشل من سدة المسؤولية بحماقة قد يرتكبها ليخلط الأوراق وتصبح الأمور خارج سيطرة الجميع ليكون بقاءه شر لابد منه فهذا لا يهمه أي شى سوى بقاءه الحاكم بأمره رغم انه لايجيد أي شى ولا يعرف من قيادة بلد غير بعثرة الأ
حنا السكران
قبل وأهم كل شيء يجب تشكيل لجنة طبية من كبار علماء النفس لتختبر من يريد حكم العراق وتمنحة شهادة حسن حكم البلاد والا فاغلب الساسة مرضى ويمرضون البلد معهم , سترون المالكي حين يخسر الانتخابات ماذا سيفعل ستظهر كل الامراض والعقد النفسية التي يحملها لانه حكمنا ب