TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جورج بوش يرسم بدماء العراقيين معرضه الأول

جورج بوش يرسم بدماء العراقيين معرضه الأول

نشر في: 25 إبريل, 2014: 09:01 م

مسكينٌ هو جورج بوش ، لقد ظلمناه كثيراً ، كلنا قد ظلمناه ، لم نفهمه ولم نعطه فرصة لإفهامنا ، حتى اضطر لرسم مجموعة من اللوحات وعرضها في معرض شخصي ، بعد أن يئس من فهمنا له على الوجه الصحيح الذي يستحقه ، لا لكي يثبت لنا تطلعاته الفنية فقط ، بل ليُرينا مدى حبه للجمال والفن والإنسانية أيضاً . يالسعادتنا ونحن نكابد الدهشة والفرح بهذا القادم الجديد لعالمنا التشكيلي . فقد ظهرت الأخبار وبانت الأنباء في الإعلام العالمي لتبث وتنشر لنا بفرح غامر خبراً عن معرض جديد للفن التشكيلي ، وما جورج بوش إلا بطل لهذا الخبر الفني الطازج . قد يظن البعض بأني أقصد هنا عبقري الرسم الهولندي يرون بوش ، لكني أطمئنهم بكل محبة وأؤكد أنني لا أقصد ذلك أبداً ، كذلك لم يحصل خطأ طباعي في الجريدة ، وما قصدته هو الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي تحوّل بين ليلة وضحاها إلى فنان يشار له بالبنان ، وتفرد له الصحف ووسائل الإعلام صفحاتها وقنواتها للإشادة بعبقريته في التعامل مع اللون بطريقة متفرّدة . قد يسأل البعض ، لكن لماذا ظهرت عبقريته في هذه السن المتأخرة ؟ وهنا أقول بأن الإبداع ليس له سن محددة ، وأذكّرهم بالرسام الفرنسي هنري روسو الذي بدأ الرسم بعد أن تقاعد من عمله في الكمارك ، حتى أن البعض قد أطلق عليه تسمية الرسام الكمركي .
لكن الشيء الذي حيّرني في الحقيقة ولم أفهمه أبداً هو ، كيف تخلى السيد بوش عن رسم لوحاته المأساوية بدماء العراقيين ليتحول إلى الرسم بالأكريليك ؟! كذلك لم أتخيّل أن المنافسة بيننا كرسامين سيدخلها جورج بوش بهذه القوة ، كيف ترك هوايته القديمة كمدمن على الكحول ؟ كذلك كيف تخلى عن موهبته الأكثر شهرة ، وهي تدمير البلد الذي هو مهد الفن والحضارة كلها ، وأقصد بلدي العراق ، ليدخل إلى الوسط الفني ويسلك طريق المعارض والقاعات الفنية ، ويثير غيرة الرسامين في كل مكان ، من ستار كاووش إلى دافيد هوكني ، حيث أكلهم الخوف والترقب من القادم الجديد لعالم اللون والخط .
المتجر الذي باع له الألوان وعدّة الرسم ربما يكون قد ربح كثيراً من النقود ، لكن قماشات الرسم المسكينة خسرت براءتها وجمالها وهي تتلطخ بيديه المليئتين بدماء أهلنا وأطفالنا وترابنا ، وها هو يعرض (معرضه ) الشخصي الأول في مكتبة ومتحف العائلة في دالاس ( ولاية تكساس ) ويرسم ( بورتريهات ) مضحكة لزعماء ورؤساء وشخصيات معروفة . وكي يثبت أن فرخ البط يعرف السباحة جيداً ، فهو يقول في حديثه عن ( المعرض ) وبالذات عن بورتريت والده بوش الذي رسمه أيضاً ( كنت أبكي وأنا أرسم صورة والدي ) . لم أكن أعرف أنه بهذه الحساسية المرهفة ، هو الذي عرف الضحك طويلاً حتى كاد يسقط على قفاه ، متمتعاً بابتسامته الخالدة عندما حوّل العراق إلى حطام . هو أدخل صورة والده المتحف ، لكنه تناسى بالتأكيد متحفنا العراقي الذي سرقه جنوده وقتها!وكي تكتمل الحكاية ، فقد أطلق اسم ( فن القيادة ) على معرضه هذا الذي رسم فيه 24 شخصية ، وكان سعر بطاقة الدخول 19 دولاراً ، وهي أغلى من ثمن الدخول إلى متحف اللوفر والتي ثمنها 9 يورو فقط ، وهذا يثبت بالأرقام أن رؤية بورتريت بوش الأب هي أغلى من رؤية لوحة الموناليزا نفسها !
لكني من جانب ثانٍ ومن فرط تعاطفي معه ، أقترح اسماً آخر للمعرض ، يليق بهذه الموهبة العظيمة ، والعنوان الذي أقترحه هو ( إن لم تستحِ فافعل ماشئت )، هذا العنوان سيكون مناسباً لمعرض صديقنا الموهوب جورج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram