في التظاهرات الشعبية المجيدة التي اندلعت في 25 شباط 2011 وبعده، كان المطلب الرئيس هو الإصلاح .. إصلاح العملية السياسية التي تبدّى للجميع أنها ترهّلت، بل غدت بالغة الخطورة على حياة الناس ومستقبل العراق.
موقف الحكومة، بأطرافها المختلفة، كان مناهضاً للتظاهرات على نحو متطرف للغاية. التطرف جسّده إفراط القوات الحكومية في استخدام القوة ضد المتظاهرين، فرئيس الحكومة لم يتردد في توجيه الاتهامات الباطلة للمتظاهرين، وبخاصة وصفهم بانهم بعثيون وقاعديون، ثم أصدر أوامره بمنع التظاهرات، وعندما تحدته أعلن حال حظر التجوال في العاصمة، وأباح لقواته استخدام السلاح الحي، فسقط العشرات بين قتيل وجريح، قبل أن يقرّ بان مطالب المتظاهرين كانت محقة ودستورية ووعد بتحقيقها ... ولم يفِ بوعده حتى اليوم!
70 أو 80 بالمئة من المترشحين للانتخابات البرلمانية الحالية وكياناتهم يرفعون شعاراً يتجاوز الإصلاح .. انه: التغيير. ومن المفترض أن يعني مضمون هذا الشعار تغيير المتنفذين في الدولة، أشخاصاً وكيانات، لأنهم فشلوا في المهمة التي أنيطت بهم في انتخابات 2010، ومن أجل تحقيق التغيير أو الإصلاح في العملية السياسية التي شبعت ترهلاً وتفسخاً على مدى السنوات الثلاث الأخيرة منذ اندلاع التظاهرات.
التغيير أصبح مطلباً شعبياً في غضون السنوات القليلة المنصرمة على خلفية الفشل الذريع للحكومة والبرلمان والسلطة القضائية في أن تعبّر عن مطامح الشعب وتحقق له مطالبه، وعبّرت عن هذا المطلب قوى سياسية غير حاكمة ومنظمات المجتمع المدني.
شعار التغيير ترفعه الآن كل الكتل المتنفذة في الحكومة والبرلمان الحاليين .. والسؤال : لو كانوا يريدون التغيير حقاً فلماذا لم يقدموا عليه وهم القادرون ؟ .. كان يمكنهم إحداث التغيير الذي يطمح إليه الشعب بتشريع القوانين واتخاذ القرارات المُحققة لهذا التغيير. لكن التغيير الذي يريدونه ليس هو ما يفكر به الشعب ويتطلع إليه .. الشعب يفسر التغيير على انه تبديل جذري في وجوه البرلمان والحكومة، بل حتى في السلطة القضائية التي يريد لها الشعب أن تكون مستقلة تماماً وأن تلتزم العدل والإنصاف. والشعب يفسر التغيير على انه تغيير في شكل العملية السياسية ومضمونها. وعدا عن إطاحة نظام المحاصصة فان الشعب يريد تغيير الدستور بإعادة كتابته على نحو رصين، ليضمن بناء نظام ديمقراطي فيدرالي حقيقي، واستكمال بناء المؤسسات الدستورية (مجلس الاتحاد، المحكمة الدستورية، مجلس الخدمة ... وسواها).
غابات الصور واللافتات الممتدة على طول الشوارع وعرض الساحات في مدننا لا تبشر بالتغيير المطلوب على كثرة اللافتات الداعية للتغيير في هذه الغابات، فالوجوه الأبرز المرشحة اليوم هي نفسها وجوه صناع المشاكل والفشل والفساد في الدورة المنقضية للبرلمان والحكومة..
التغيير لا ننتظره من الكيانات التي تريد إعادة إنتاج ما كان طوال السنوات الأربع الفائتة، إنما من الأصابع البنفسجية التي يتعيّن ألا تسمح بعودة الطائفيين والفسدة والفاشلين.
التغيير .. لكن كيف؟
[post-views]
نشر في: 25 إبريل, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
الحقيقة يااستاذ عدنان كلامك واضح ومفهوم وهذه هي حقيقة الامر كيف يتم التغيير وهؤلاء المرشحين اغلبهم كانوا في البرلمان السابق الفاشل وخاصتا رؤساء الكتل والاحزاب هم انفسم المهيمنين على الساحة والجميع كان مسؤولا عن هذا الخراب فماذا تنفع بصمة الاصابع البنفسجية
علي العراقي
يعودالفاسدون باسم الطائفة الناجية التي خرجت من بين ركام المظلومين والمسحوقين وهذا الانتاج قابل للادنزول مرة اخرى السنا طائفيون بأمتياز ونخاف ان يصعد الاخر حتى لوكان بعدالة الرسول ص لانريده نريد ابن الطائفة وننصره ظالما او مظلوما ....هذه هي المعادلة الصعبة