يعلن كل المترشحين لرئاسة وطن الأرز أنهم أقوياء، سمير جعجع وميشال عون وأمين الجميّل وسليمان فرنجية، غير أن واحداً منهم لن يدخل قصر بعبدا على أنغام النشيد الوطني، إلاّ بمعجزة تسوية إقليمية كبرى تُفرض على سياسيي لبنان، صحيح أنها ستسبب لهم الحرج، ولكن ألم يفعلها جعجع حين سبب إحراجًا لحلفائه في فريق 14 آذار فأيدوه على مضض، ومثلما تسببت نية عون بالترشح بإحراج لحلفائه في فريق 8 آذار، فأيدوه عبر التصويت بأوراق بيضاء ضد جعجع ما حال دون فوزه، مع أن الواضح أن هذا التأييد لعون ليس كافياً لفوزه في أي تصويت لاحق لعدم تشكيله الأكثرية المطلقة، ويظل أن كتلة النائب وليد جنبلاط ستكون بيضة القبان، وهي رشحت هنري حلو لمنع إحراجها، ولتبرير عدم انحيازها لأي من الطرفين.
أفرزت الاصطفافات الاخيرة ثلاث كتل نيابية تسعى لايصال مرشحها الى سدة الرئاسة، وهي 14 آذار تقابلها 8 آذار، وبينهما كتلة الوسطيين وبعض النواب المستقلين، والمهم أن أياً منها لا تملك إمكانية تأمين نصاب أكثرية الثلثين لعقد جلسة انتخاب الرئيس، ما يعني استحالة وصول أي من المترشحين إلى سدة الرئاسة، ما لم يتم الاتفاق بين الأطراف كافة، ليكون الرئيس التوافقي المقبول من الجميع، ومن هنا تنبع أهمية قول البطريرك بشارة الراعي من أن "الرئيس التوافقي هو الرئيس القوي" لأنه سيكون محل إجماع، ما يعني حكماً إسقاط ترشيح عون وجعجع، وكل من يدعي القوة من المرشحين على غرارهما.
ينال موقف البطريرك رضى رئيس مجلس النواب، من حيث أنه سيساعد على اختيار الرئيس العتيد، وينهي لعبة التنافس العبثية بين مرشحين يظنان نفسيهما قويين، مع أن أحداً منهما لا يملك القدرة على الفوز بالأكثرية النيابية المطلقة، جرّبها جعجع وفشل وسيفشل عون إن جربها، حتى لو وقف جنبلاط إلى جانب جعجع، فإنه سيجمع 64 صوتاً ليست كافية للفوز، وليس هناك ما يضمن وقوف كتلته كاملة مع المستقلين الى جانب عون ليتمكن من الفوز، قبل تصريح البطريرك وموقف بري، كان عون يأمل الحصول على العدد اللازم مُعولا على تراجع جنبلاط عن مرشحه ليؤيده، لكن الواضح أن هذا حين رشح هنري حلو لرئاسة الجمهورية، انما فعل ذلك لكي يكون في حلٍّ من انتخاب جعجع وعون، بذريعة ان لديه مرشحه وعليه انتخابه وإقناع الآخرين به.
إذا انعقدت جلسة الانتخاب الثانية بنصابها الدستوري، وترشح عون خلالها فانها ستكون جلسة خروجه مع جعجع من السباق، ليبدأ البحث عن رئيس توافقي بمقياس البطريك الراعي، غير أن البحث سيطول بانتظار توافق خارجي يُسقط فرصة انتخاب رئيس "صنع في لبنان "، والواضح أن ذلك لن يتم إلاّ تحت ضغط الفراغ الناجم عن انقضاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، ما سيدفع الجميع للبحث عن رئيس يُرضي الجميع ولا يرضى عنه أحد، لكنه سيشكل الجامع المشترك الذي ليس من قبوله مناص، وهو بالتأكيد لن يكون من الفريقين الآذاريين، وإنما شخصية محايدة تعتمد على تجربتها، وليس على انتمائها السياسي.
لبنان والرئيس التوافقي
[post-views]
نشر في: 26 إبريل, 2014: 09:01 م