اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > أزمة السكن تشجع اهالي بغداد على تقسيم منازلهم

أزمة السكن تشجع اهالي بغداد على تقسيم منازلهم

نشر في: 2 مايو, 2014: 09:01 م

بدأت ظاهرة تقسيم البيوت بالظهور بعد عام 2003 نتيجة لتردي الواقع الاقتصادي للبلاد وعدم وجود فرص عمل تؤهل الشباب الخريجين، الأمر الذي دفع أغلب الأسر الى تقسيم بيوتها من اجل خلق مصدر رزق حتى وإن كان على حساب راحتهم واستقرارهم، الأمر الذي شوَّه جمالية ال

بدأت ظاهرة تقسيم البيوت بالظهور بعد عام 2003 نتيجة لتردي الواقع الاقتصادي للبلاد وعدم وجود فرص عمل تؤهل الشباب الخريجين، الأمر الذي دفع أغلب الأسر الى تقسيم بيوتها من اجل خلق مصدر رزق حتى وإن كان على حساب راحتهم واستقرارهم، الأمر الذي شوَّه جمالية العاصمة بغداد وأعطاها جغرافيا تختلف عما كانت عليه في السابق، أوضاع معيشية غاية في الصعوبة لمعظم البيوت العراقية التي كانت تُحسَد قبل سنوات على طريقة سكنها. ويعزو خبراء اقتصاد ارتفاع أسعار العقارات في العاصمة الى فشل السياسات التي تنتهجها الجهات ذات العلاقة في وضع حــدٍ لأزمة السكن في العاصمة، الأمر الذي جعل  سعر المتر في بعض المناطق يصل إلى 7 آلاف دولار، مما يعني ان الشراء سيكون لطبقات رجال الأعمال والتجار وغيرهم وبهذا يقصى أصحاب الدخل المحدود مما يجعل البلاد تغوص بأزمة سكن لا نهاية لها إلا  باتباع خطة وستراتيجية حكيمة تطبـَّق فيها القوانين بما يناسب الأوضاع المعيشية. 
"المدى" تحدثت مع عدد من الأهالي الذين قسموا بيوتهم لغرض ســد حاجتهم الملحة في السكن الدائمي بعيدة عن الإيجار الذي قد يكون في مناطق معينة باهظ الثمن ولا يُحتمَل، لاسيما لأصحاب الدخل المحدود.
إدى سوء الحالة المادية وعدم القدرة على دفع الإيجارات الشهرية في العاصمة التي يصل إيجار الواحد منها في المناطق السكنية غير الراقية إلى ثلاثمائة وخمسين ألف دينار، إلى أن يضطر الحاج أبو محمد الى تقسيم بيته الى قسمين.. وأوضح لـ"المدى" أن ولده لا يملك وظيفة تؤمِّن له راتباً شهرياً ليسد حاجته وأسرته، فقرر أن أيقسِّم البيت حتى يتمكن من السكن دون أي عنـاء أو قلق في نهاية الشهر، من دفع الإيجار، وللأسف فان سوء حالة أغلب العوائل العراقية المعيشية أجبر أصحاب البيوت على تقسيمها حتى وصل البيت الواحد الى ثلاثة أقسام، ما أدى الى تشويه جمالية المنطقة التي لم تكن قبل مدة وجيزة بالحال الذي هي عليه الآن، يؤكد الحاج أبو محمد حاجة "أصحاب الدخل المحدود الى وقفة حقيقة من قبل الجهات ذات العلاقة من اجل تمليكنا قطع أراضٍ بأسعار مناسبة لكي نكون كبقية دول العالم التي يتمتع سكانها بالحياة المعيشية والسكنية الرغيدة البعيدة عن الــذل والقلق".
غلاء الإيجارات يؤرقني ويجعل هاجس الخوف لا يفارقني
بلال عادل رب أسرة وموظف حكومي أكد" لـ"المدى" أن أغلب البيوت في العاصمة وبقية المحافظات أصبحت اليوم مقسَّمة بتصاميم قد لا تُرضي أصحابها إلا أن غلاء الأسعار دفع أهلها للقيام بذلك، " نحن اليوم بحاجة الى إنهاء أزمة السكن التي تعصف في البلاد، فبرغم وجود الميزانيات الضخمة التي تصادق عليها الجهات المعنية إلا أن الوضع لن يتغير منذ أكثر من عشر سنوات، ومما زاد الأمر صعوبة أن أغلب البيوت الصغيرة التي لا تحتوي إلا على غرفتين أو غرفة ونصف تؤجَّر بمبالغ ضخمة جداً، الأمر الذي يُنهك أصحاب الدخل المحدود الذين لا يستطيعون دفع بدل الإيجار وبشكل شهري، أسكن وزوجتي وأطفالي الثلاثة مع أهلي الذين اضطروا لتقسيم البيت الى قسمين لكي أسكن معهم بدلا من الجلوس في بيت غير بيتي الذي يبقى القلق يساورني من رفع بدل الإيجار أو التهديد بإخلائه في أية لحظة".
العـوز والحرمان دفـع الأهالي إلى تقسيم بيوتهم
وأشار الطالب الجامعي مصطفى عامر، إلى أن "الشارع الذي أسكن فيه كان في السابق لا يتجاوز العشرة منازل، أما الآن فقد أصبح أكثر من خمسة وعشرين منزلاً بعد أن قام الأهالي بتقسيمها إلى ثلاثة وأربعة أقسام، منهم مَن أسكن أولاده فيه ومنهم مَن قام ببيعه نتيجة سوء الحالة المادية التي جعلت أغلب المواطنين يبيعون أثمن ما يملكون من أجل حياة بعيدة عن العوز والحرمان.. ومن الامور التي يفترض ان تقال أن غالبية الذين قاموا بهذا العمل مجبرون غير مخيرين، فلا أحد يقوم باقتطاع جزء من بيته وتأجيره أو بيعه دون أن يكون بحاجه ماسة لدخل شهري يسد رمقه وأسرته.. الأجدر بالحكومة العراقية بصفتها المسؤولة عن ما يحتاجه المواطنون أن تقوم وبوجه السرعة بمتابعة هذه الحالة والحــد من انتشارها لكون العاصمة بغداد أجمل وأرقى من أن تقسَّم بيوتها بطرق غير حضارية كما يحدث هذه الأيام"!
كيف لـي أن أستقر في وطني ولا أملك منه شبراً واحداً ؟
ودَعَت هالة كاظم ربة بيت إلى إيجاد الحلول لها بعد أن قام صاحب البيت الذي تسكن فيه برفع مبلغ الإيجار الشهري ليصل إلى أكثر من 400 ألف دينار، المبلغ الذي لا تستطيع دفعه شهرياً، لكون زوجها بدون عمل ويعمل في مجال البناء الذي يجعله يعمل أياماً ويجلس أياماً أُُخر في البيت، وأضافت " أن من المفترض أن تكون للجهات ذات العلاقة وقفة معنا ومع كل العوائل التي لا تقوى على دفع بدلات الإيجار، كيف لنا أن نطمئن ونستقر ونحن لا نملك شبراً واحداً من ارض الوطن؟ أين المبادرات التي تطلق بين الحين والآخر لتوزيع قطع الأراضي وبمختلف أنحاء البلاد؟ أوليست العوائل الفقيرة والنازحة التي ستسكن قريبا في العراء هي الأجدر بإعطائها قطع الأراضي؟ أُطالب بأن نسكن كبقية سكان العالم في بيوت لها شأنها ورفاهيتها بدلا مما يجري الآن لسد حاجة السكن من اقتطاع أجزاء من البيت الواحد، وبيعه أو استئجاره".
سكن العشوائيات ناتـج طبيعي لانعدام السكن اللائق
علاء محمد سائق أجرة يقول " إن عدم وجود أراضٍ تملـَّك للمواطنين من قبل الدولة يدفع أصحاب الدخل المحدود الى السكن في العشوائيات وبطرق غير قانونية مساهمين بذلك وبشكل رئيس في زيادة نسبة العشوائيات في البلاد، نحن مع تطبيق النظام والالتزام بقوانين الدولة إلا ان المفروض أن تفعل الدولة إجراءاتها بإعطاء قروض للفقراء تلك الشريحة التي أصبحت عنواناً رئيساً لبعض المناطق والأزقة، قروض من شأنها أن تُحدث تغييراً جذرياً على واقعهم المزري الذي لا يمكن السكوت عنه بأي شكل من الأشكال، وبحكم عملي وبشكل يومي أطوف في أغلب الشوارع والمناطق، لذا فأنا استمع الى معاناة الزبائن الذين أقوم بتوصيلهم وهم من مختلف طبقات المجتمع الذين أجــد أن أبسط مطالباتهم ودعواتهم أن تعمل الجهات المعنية وبشكل ضروري على توفير السكن اللائق من خلال منح قطع الأراضي المتوفرة للعوائل الفقيرة عن طريق استحداث لجان من قبل الجهات ذات العلاقة تعمل على تسجيل العوائل التي لا تملك بيوتاً او التي تسكن في بيوت يُرثى لها وبحاجة الى استبدال لتنتهي تدريجياً أزمة السكن الخانقة التي تعاني منها أغلب الأُسر العراقية".
أسكن في الإيجار منذ خمسة عشر عاماً
يقول ياسر محمد أبو تبارك موظف في إحدى الشركات الأهلية " هي حالة غير جيدة إلا أنني مضطر، لا أملك بيتاً مستقلا لأسرتي ونسكن في الإيجار منذ ما يقارب الخمسة عشر عاما، عملي في الشركة الأهلية مقابل راتب لا يزيد على الخمسمائة ألف دينار، يجعلني أبحث عن عمل آخر في أوقات الفراغ، وعدم وجود قانون صريح يردع المؤجر ويجعله يحدد سعراً ثابتاً، دفع العديد من أصحاب الأملاك الى رفع بدل إيجار البيوت سواء الصغيرة او الكبيرة وبمزاجية كاملة، وعند الاعتراض على السعر تكون الإجابة صريحة وواضحة"إن لم يعجبك فعليك ترك المنزل خلال مـدة محددة" الأمر الذي يضع المواطن أمام اختيار صعب لا وجود لبديل أفضل، وخير دليل على ذلك ما نشاهده في أغلب الأزقة لاسيما الشعبية والفقيرة منها، بتقسيم البيوت الى أقسام لتلافي أزمة السكن الخانقة التي تؤرق أغلب الأُسر العراقية".
يبحثون عن البيوت المقسَّمة لتلائم مدخولاتهم الشهرية
عامر عبد الحميد صاحب محل عقار، أكد " أن المواطن العراقي في أغلب الأحياء يبحث عن البيت الملائم لمدخوله الشهري البسيط، فنراه وبشكل يومي يبحث عن سكن حتى وان كان ضمن بيت كبير مقسَّم الى أجزاء صغيرة، وهذا ما يحدث فعلا حيث يقوم أصحاب الأموال والتجار بالاتصال بنا لكي نرسم لهم خارطة بيت جديد مكوناً من أكثر من منزل في سبيل استئجاره أو بيعه ليتم الاستفادة منه بدلا من البيت الواحد، وبحكم عملي فإني أرى أن هذه الظاهرة مناسبة لمن لا يملك الأموال الكافية لدفعها في نهاية كل شهر لبيت كبير، لاسيما وأن أغلب المناطق الشعبية والفقيرة باتت البيوت فيها تقسَّم الى اكثر من قسم ليتم بيعها او إنزال المؤجر فيها بمبلغ لا يجعل المستأجر متخوفاً منه كما في البيوت بالمناطق الأخرى".
لا بــدَّ من استثمار مساحات الأراضي الموجودة لغاية السكن
رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس محافظة بغداد صباح التميمي أوضحت " أن البلاد وللأسف الشديد تحتاج الى 3 ملايين وحدة سكنية نتيجة عدم الشروع باستخدام البناء العمودي الذي سيخفف الكثير عن كاهل المواطنين ناهيك عن عدم استغلال المساحات الشاسعة من الأراضي الموجودة في اغلب المناطق، وفيما يتعلق بتقسيم البيوت فهو نتيجة طبيعة لعدم وجود خطط حقيقية لتشغيل الشباب الذين يتخرجون سنوياً من أرقى الجامعات، الأمر الذي يؤدي الى انعدام الحالة المادية وهذه كلها سلبيات زادت من الضغوطات على المواطنين، نحن نحتاج الى استثمار المساحات الموجودة عن طريق شركات عالمية، وإعطاء قروض ميسَّرة للمواطنين لأجل بناء منزل لهم بعيداً عن هاجس الخوف والقلق، إلا أن عدم وجود مراقبة حقيقية لشركات أخذت الارض تحت ذريعة بناء مساكن إلا أنها تقيم عليها مشاريع أخرى من دون أية محاسبة أو تغريم او رقابة حقيقية"؟!
 
أزمة السكن تتزايد سنوياً ولا حلول جذرية
النائب عبد الحسين عبطان عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية أكــد لـ"المدى" أن هناك أزمة كبيرة يعاني منها المواطنون العراقيون في كل المحافظات التي تقدَّر بحسب الإحصائيات إن ما يحتاجه المواطنون من وحدات سكنية تقدر بـ3 ملايين وحدة سكنية لإنهاء أزمة السكن كون الأزمة تتزايد سنة بعد أخرى نتيجة الزيادة السكانية، وأيضا انعدام التخطيط الواقعي لبناء وحدات سكنية موزعة للفقراء من المواطنين الذين يحتاجون إلى دعم الدولة في توفير السكن اللائق لهم، لاسيما أن الدستور العراقي الذي وُضِع بموافقة أغلب الكتل كفـل أن يكون لكل عراقي سكن، لذا كان من الأجدر في الفترات الماضية ان يتم العمل على إيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة". وأضاف عبطان" لابد من تفعيل العمل بالتصاميم الأساسية لأحياء وأزقة العاصمة بغداد وأيضا توفير القروض المالية التي تمكـِّن أصحاب الدخل المحدود من بناء مساكنهم وبصورة لائقة، لكون المشكلة التي نتكلم عنها هي لسان حال كل المحافظات للأسف الشديد ونأمل أن يكون هناك بعد الانتخابات خطط كفيلة من قبل الكتل الفائزة بتوفير السكن لمن لا سكن له عن طريق بناء وحدات سكنية مجهزة بكل الاحتياجات الخاصة بالمواطنين، حتى ننتهي من الظاهرة التي أرَّقت المواطنين ولعقود من الزمن، والتي تخلف لنا الارتفاع الباهظ لأسعار الإيجارات وأيضا ولادة المزيد من البيوت السكنية غير القانونية التي تُعرف بالعشوائيات!
 
وزارة التخطيط.. البلاد بحاجة إلى 3 ملايين وحدة سكنية
الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عبد الزهرة الهنداوي أوضح "ان نسبة الزيادة السنوية لسكان العراق تقدر بـ 2.9 أي ما يعادل 3 % ، وبموجب هذه الزيادة يتضاعف سكان العراق كل 25 سنة، متوقعاً أن يتجاوز عدد السكان مع نهاية العام الحالي 2014 إلى (35 ) مليون نسمة، مضيفا أن زيادة السكان ينجم عنها قلة في الخدمات وارتفاع بمعدلات البطالة وزيادة نسب الفقر، فضلا عن أزمة في السكن وما يتبعها من مشاكل إدارية وقانونية واقتصادية، الأمر الذي جعل البلاد بحاجة إلى3 ملايين وحدة سكنية وهذه الأرقام تتزايد سنويا نتيجة لزيادة أعداد السكان، ولا بــدَّ من إيجاد معالجات منطقية وحقيقية لأزمة السكن من خلالها."

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram